الثلاثاء، 23 مايو 2017

يا فرحة ما تمت

مشاهد اعتدنا مشاهدتها بعد كل اختبار نهائي والشارع هو أول الشهود وأول المتضررين وعلى الرغم من أن الرسائل التحذيرية بدأت هذا الفصل في وقت مبكر حتى لا يتكرر المشهد إلا أن هناك طلبة يعبرون عن فرحتهم بهكذا تصرفات فيتخلصون من عبء عام دراسي بتمزيق الكتب والأوراق ورميها على الطريق وبذلك يعلنون حريتهم من الصف الدراسي ووصاية المدرسين التي تبدأ تدريجياً من أول اختبار وصولاً إلى آخر اختبار. بالنسبة للطلبة قد لا يكون هذا الفعل أكثر من كونه ردة فعل نفسية تلقائية بينما من ينظر للفعل (غير الطلبة) يعتبره خاليا من الأخلاق ولابد من المحاسبة للردع، أما الطرف الثالث والذي عليه تحمل نتائج تلك التصرفات وهو عامل النظافة الذي سيجبر على تنظيف المكان في هذه الأجواء الحارة والشمس الحارقة ينحني لالتقاط الأوراق المليئة بالمعلومات والأسئلة ولو كان يعرف قيمتها ويفهم لغتها لما تركها في كيس القمامة ولكن الجهل ذليل .
فعلياً لم يفكر من اقترفوا هذا الفعل المشين بمن سيأتي لالتقاط تلك الأوراق ولم يتعد تفكيرهم حدود الاستمتاع باللحظة وإلا ما كان من يكتب ويتداول الرسائل التوعوية عن هكذا تصرفات قد أقدم على هذا الفعل عندما كان في مرحلتهم السنية، بالطبع لا أحاول ان أبرر هذا التصرف ولكن فعلياً هناك تصرفات غير محسوبة نتائجها وقد يأتي الندم عليها في وقت متأخر، من جانب الطرف الثالث والذي سيقع عليه العبء وأعني بذلك عامل النظافة أو غيره من المحتاجين أصبحوا يستغلون تلك التصرفات لصالحهم حيث إن بعض شركات إعادة تدوير الورق تكثف نشاطها نهاية كل عام دراسي فيقوم بعض العمال بتسليم تلك الأوراق لتلك الشركات مقابل بعض المبالغ البسيطة أو حسب سياسة الشركة، في نهاية الأمر هناك مستفيد سواء من إعادة استغلال الورق أو من قام بتجميعها وتجميل المكان الذي رميت فيه، ومن الطبيعي أن تفكر عقولنا في مصيرهم بعد قضاء ساعات في تجميع الورق تحت أشعة الشمس القاسية وهذه طبيعة الروح البشرية المليئة بالرحمة، ويبقى للأسرة والمدرسة الدور التوجيهي قبل فترة الاختبارات أما العقاب فهو مستبعد من جهة المدرسة حفاظاً على خلق أجواء مستقرة هذه الفترة وقد يكون الدور الأكبر يقع على الأسرة التي يجب أن تختار الطريق الأسلم لإيقاف أبنائها عن هكذا تصرفات في هذه الفترة الحرجة.
****
منظر آخر لا يقل بشاعة عن المنظر السابق وهو مرتبط بالفرح بطريقة أو بأخرى . بجانب برميل القمامة توقفت الشاحنة أو (الداينا) كما تسمى محلياً وهي نوع من سيارات الدفع الرباعي تستخدم لتحميل الأغراض الكبيرة والثقيلة الحجم، امتلأت بالصناديق الكبيرة (الكراتين) والأكياس البلاستيكية الشفافة التي يبدو أنها استخدمت لتغطية أثاث جديد وبعد أن تركت الشاحنة كل ما هو جديد في المكان الذي أتت منه، اختار العمال أن يوجدوا عملاً إضافياً لعمال النظافة بدلاً من رمي القمامة في البرميل الذي توقفوا بجانبه رموا قمامتهم بجانب البرميل وكأن أيديهم ثقلت عن الرمي داخل البرميل الذي كان يقع بجانب انحناءة شارع فسدوا بذلك جزءا من الشارع فأصبح المجال مفتوحا لسيارة واحدة للمرور، أما السيارات الأخرى فعليها الانتظار، فازداد الزحام في مكان يزدحم كل صباح ولسان حال المارة يقول (الوضع لا يزداد …) ، وإلى جانب هذا التصرف غير المبرر كان المنظر أشبه بمردم نفايات داخل الشارع وسط منطقة سكنية ، يتكرر هذا الفعل بشكل يومي تقريباً ولا رادع لهم مع أن الرادع الأول هم الأشخاص أنفسهم لكن الطبع يغلب التطبع. دائماً ما يتم إلقاء اللوم على البلدية كونها الجهة المسئولة عن نظافة الأماكن العامة والتجميل ولكن قبل ذلك لماذا لا تتم المحافظة على المكان بدلاً من انتظار التنظيف الذي قد ينفد بعد أيام أو أسابيع ، حملات التوعية التقليدية لم تعد ذات تأثير فلابد من إيجاد بدائل أخرى يتم توعية المجتمع من خلالها بحيث تصبح ثقافة تتناقلها الأجيال.
رمضان على الأبواب فأرحموا من يقضون يومهم تحت أشعة الشمس وهم صيام، ولقاؤنا القادم بعد الشهر الفضيل إن شاء الله.

رابط المقال في جريدة الوطن : http://alwatan.com/details/195241
 

الثلاثاء، 16 مايو 2017

فيروس...أريد البكاء

مشا
انتشار الفيروسات في الأجسام البشرية والإلكترونية لم يعد بالشيء الغريب وبغض النظر عن الضرر الذي قد يسببه ذلك الفيروس إلا ان هناك رابحا كبيرا وقد يكون أحد المتسببين في هذه الفيروسات، فشركات الأدوية الكبرى التي توفر العلاج يمكن أن تكون سببا في انتشار بعض الفيروسات وأحياناً تكون فيروسات وهمية لكن تأثيرها النفسي والقوة الدعائية المصاحبة لها يجعل الإيمان بوجودها حقيقة يجب التعامل معها والقضاء عليها حيث تؤمن بعض الشركات الكبرى بمبدأ خلق الضرر للاستمرار والربح والأمر نفسه ينطبق على الأجهزة الإلكترونية التي لم تسلم هي أيضاً من الفيروسات التي يبتكرها البشر ونسبة كبيرة منها تخرج من الشركات المسيطرة على العالم الإلكتروني وخاصة شركات مكافحة الفيروس فهي تحتاج إلى سوق لتستمر وما إذا استمرت على فيروس واحد فإن سوقها سيكسد وبالتالي فإن خلق فيروسات جديدة يضمن لها الاستمرارية. وقد يكون فيروس الفدية الخبيثة من اخطر وأشد الفيروسات التي طالت العالم الإلكتروني في السنوات الأخيرة مستغلاً الجانب العاطفي في رسالة إلكترونية تحمل عنوان (أريد البكاء) وما ان يفتحها المستخدم حتى يسيطر الملف على جميع ملفاته طالباً الفدية لفك الشفرة.
وإذا ما وقفنا على هذا الموضوع من زاوية المستخدم فإنه يمكن القول إن هناك أسبابا كثيرة إلى جانب الأسباب السابقة جعلت للفيروسات الإلكترونية والهاكرز سوقاً واسعاً في الآونة الأخيرة ، وقد يكون أولها الشائعة حيث لعبت الشائعة دورا كبيرا في تعزيز هذا الجانب وخاصة مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي لها دور في انتشارها وبالتالي فإن الانتشار الكبير لها في وقت زمني قصير لا يتعدى الساعات وانتقالها ـ كما نشرها المصدر ـ يجعل نسبة التصديق بها كبيرة وبالتالي فهناك من يستغل هذه الشائعة ويخرج بطلاً من باب مكافحة الفيروس والقضاء عليه والتصدي له وإن كان الموضوع لا يتعدى بعض الخطوات البسيطة التي يملكها أي شخص تخصص في تقنية المعلومات والكمبيوتر .
كما انه من المعروف في عالم الهكرز أنه من يتقن هذه اللعبة هو شخص عبقري أو يملك نسبة جيدة من الذكاء بحيث يمكن أن يكون قادرا على أن يبحث عن الثغرات في بعض المواقع ويدخل من خلالها، وبالطبع فإن كمية المعلومات التي يوفرها الإنترنت جعل تعلم هذه الطرق من الأشياء السهلة نوعاً ما وخاصة للشباب الذي لديهم هوس الغور في أسبار الكمبيوتر وتعلم أسراره وبالأخص لغة البرمجة، لذلك من الملاحظ ان معظم الهاكرز من فئة الشباب وهم في ازدياد وقد يكون من أسباب ذلك أن بعض الهاكرز الذين قاموا بإختراقات لأنظمة أمنية عالمية لاقوا اهتماما كبيرا من منظمات ومؤسسات عالمية وتم توظيفهم في وظائف تضمن لهم مستقبلا زاهرا مالياً فكانت هذه نقطة محفزة للآخرين للخوض في هذا المجال بغض النظر عن نتائجة.
وبما أن العالم الإلكتروني أصبح يتضمن معلومات دول بأكملها سواء كانت معلومات أمنية أو اجتماعية أو عسكرية أو غيرها مما يمكن تخزينة إلكترونياً فإن نظام الحروب تطور وتوسع ليشمل الأنظمة الإلكترونية لذلك فإن هناك وظائف تم تخصيصها للهاكرز وهم يعملون كالأسحلة القاتلة تستخدم للحرب ضد بعض الدول فيتم اختراق أنظمتها وتدميرها أو استفزازها مقابل أجندة يتم وضعها من قِبل العدو وضررها لا يقل عن ضرر الحروب الواقعية فهي يمكن أن تدمر ما بنته الدول لسنوات كما أنها يمكن أن تكشف عن أسرار خطيرة والبوح بها لها أضرار جسيمة قد يكلف الدولة المليارات ويضر بسمعتها التي بنتها خلال قرون، إلى جانب الضرر الذي قد يشمل الجانب الثقافي والذي يعتبر ثروة مهمة لأي دولة فكما هو حرق الكتب يعتبر كارثة تاريخية كذلك هو الاختراق الإلكتروني للمؤسسات الثقافية والأدبية والتي تعتمد بالدرجة الأولى على الإنترنت في بث نتاجها الفكري والأدبي.
وتستغل بعض الشركات موسم الفيروس فتقوم ببث شائعات، فعلى سبيل المثال عندما انتشر فيروس الفدية الخبيثة منذ يومين قام أحد البنوك أو قد يكون أحد محبي بث الشائعات ببث شائعة مفادها بأن أجهزة السحب الآلي سيتم غلقها خلال ساعات تفادياً لحدوث أي اختراق ويفضل سحب المبالغ قبل إيقاف خدمة السحب الآلي، وبما أن هناك من هو بارع في اختلاق الشائعات والترويج لها وهناك من هو بارع في تلقيها وتصديقها فإنها انتشرت بسرعة وازدحمت أجهزة السحب الآلي الخاصة بذلك البنك (مصائب قوم عند قوماً فوائد).
وليس ذلك فحسب وبما أن الكثير من الأعمال أصبحت ترتبط بأنظمة إلكترونية وضرورة الاتصال بالإنترنت أصبح ضرورة حتمية لإنجاز العمل في كل المؤسسات الحكومية والخاصة فإن ظهور أي فيروس أصبح كالمرض القاتل ولا بد من الابتعاد عنه لتفادي الإصابة به والضرر منه وقد يكون تعطيل الإنترنت هو أحد الاحترازات التي تتخذها المؤسسات الحكومية فتتعطل بذلك الأعمال أو نسبة كبيرة منها كما حدث في الإجراءات التي اتخذتها بعض المؤسسات الحكومية في فيروس الفدية الخبيثة. ابتعدوا عمن يريد البكاء فقد يكون بكاؤه مدمراً.
رابط المقال في جريدة الوطن :


الجمعة، 12 مايو 2017

ربط التعليم العالي


وقف في منتصف المعرض بكاميرته المحمولة يبحث عن زوايا التصوير المناسبة لرؤيته الإخراجية ويستغل الفرصة فيسلم على من يمر أمامه بكل حب، فالشوق بدأ واضحاً على وجهه الطفولي، كان احد خريجي جامعة السلطان قابوس، فاستغل هذه الفرصة التي جمعت جميع جهات الجامعة في مكان واحد فأتى متطوعاً ليوثق هذه اللحظات ويختصر الوقت بأن يمر على كل كلياتها ومراكزها في أقل وقت ممكن ويلتقي بالوجوه التي علمته طيلة سنوات دراسته. كان هذا في معرض ربط مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان والذي استمر على مدى ثلاثة أيام، فاجتمعت مؤسسات التعليم العالي العام والخاص تحت سقف واحد لربط جميع هذه المؤسسات مع بعضها في خطوة إيجابية خطتها الجامعة من أجل أن تستفيد هذه المؤسسات من الخدمات التي تقدمها كل مؤسسة في مجالات مختلفة، حيث كانت فرصة جيدة لتتعرف كل مؤسسة على ما تقدمه المؤسسات الأخرى والالتقاء بالعاملين في بها والتحاور معهم والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، حيث تواجدت جميع كليات الجامعة ومراكزها البحثية والخدمية، إضافة إلى المحاضرات وحلقات العمل التي نظمت خلال أيام الفعالية.
يعتبر هذا الحدث نقطة مهمة في تاريخ الجامعة لأنها المرة الأولى التي تخرج فيه الجامعة لتقابل المجتمع خارج صرحها، ومن الجيد أن تستمر كأن تنظم كل سنتين بحيث يطّلع الناس على كل ما هو جديد في هذا الصرح العلمي الشامخ، وأن يكون محطة التقاء الخريجين بحيث تكون لهم منصة خاصة للتحاور والتشاور.
قد يبدو للبعض أن المعرض لن يقدم شيئا جديدا أو مميزا، فهو كغيره من المعارض الأخرى، وقد تستفيد منه شريحة معينة خاصة طلبة الدبلوم العام الباحثين عن القبول في الكليات والجامعات ولكن هذا ما لم يكن يهدف إليه المعرض فكما ذكرت في الأسطر السابقة أن الهدف هو الربط بين هذه المؤسسات وأعتقد أنه نجح في تحقيق هدفه بل كان فرصة ليتعرف العاملون في الجامعة على ما تقدمه الجهات الأخرى في جامعتهم وكيف يمكن أن يستفاد منها بشكل أو بآخر وخاصة الكليات العلمية التي تقدم معلومات دقيقة من خلال مختبراتها البحثية التي تعتبر طبيعة عملها مبهمة لغير المتخصصين فكان المجال في المعرض مفتوحا للتعرف عليها عن قرب وفك شفرة ذلك الإبهام ، كما قامت بعض الجهات باستغلال أيام المعرض بتقديم خدمات مجانية ككلية الطب والعلوم الصحية ومستشفى الجامعة وكذلك الاستفادة من التجمع الكبير بعمل استبيان، سواء عن الخدمات التي تقدمها كل جهة أو الاستبيانات البحثية، إضافة إلى محطة التبرع بالدم التابعة لبنك الدم الجامعي.
ولكن هذه الفعالية ـ التي خرجت فيها الجامعة بشكل عام للمجتمع الخارجي بصحبة مؤسسات التعليم العالي الخاصة ـ لم تحظ بذلك الحضور الذي تستحقه وإن كان الإقبال عليه يعتبر جيداً، قد يكون الوقت هو السبب الرئيسي في ذلك فمعظم الجامعات والكليات في مرحلة الاختبارات وتسليم المشاريع النهائية وهذا يعتبر وقتا حرجا للطلبة، كذلك بالنسبة لطلبة المدارس وأولياء الأمور المرابطين مع أبنائهم في هذه المرحلة وهذه هي الشريحة الكبيرة في المجتمع وغيابها يشكل فرقا في كمية الحضور ولكن هذا لا يعني أنها نقطة سلبية للفعالية حيث إن الجهات المعنية كانت حاضرة واستفادت من تواجد جميع المؤسسات في نفس المكان والزمان.
وتبقى الأسئلة التي اختمرت في أذهان جميع المشاركين وهو ماذا بعد هذا الربط؟! هل ستكتفي الجامعة بجمع هذه المؤسسات تحت سقف واحد للاستفادة والإفادة أم أن المجال سيصبح مفتوحاً بحيث تستفيد الكليات والجامعات الخاصة أو الحكومية من الخدمات التي تقدمها جامعة السلطان قابوس، وهل سيكون العكس أيضاً ، هل يمكن اعتبار هذه الفعالية خطوة لتخطي الأزمة المالية بحيث ستوجد الجامعة دخلا مقابل ما ستقدمه من خدمات للمجتمع والمؤسسات الأخرى ؟ هل سيتاح المجال للطلبة في تلك المؤسسات للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجامعة لطلبتها ؟ وهل سيفتح المجال للباحثين من خارج الجامعة ؟! ليس من السهل التكهن بإجابات عن هذه الأسئلة ولكن أدرجتها هنا لأنه تكرر طرحها من قِبل المشاركين والزائرين ولكن الوقت كفيل بأن يزيل ذلك الغموض لدى البعض خاصة من يرى بأن هذه الفعالية استثنائية للجامعة وينتهي تأثيرها بانتهاء المعرض.

رابط المقال في جريدة الوطن:


الأربعاء، 3 مايو 2017

الفاشنيستا

هذه هي المرة السابعة التي أكتب فيها هذا السطر على أمل ألا أحذفه وذلك بسبب التردد عن الكتابة في الموضوع الذي أود الحديث عنه. وعلى الرغم من أنه ليس بالموضوع الجديد وقد لا يحمل فكرة جديدة ولا تحتاج لجرأة لطرحها ولكن لأنه يخص شريحة كبيرة من المجتمع وهي شريحة الشباب والتي تعادل ما نسبته تقريباً 30% من نسبة السكان حسب إحصاءات 2015، والتي أصبح عدد كبير منها داخلا في التقليعة الجديدة والتي تسمى (الفاشنيستا) وحسب الدارج تعني المشاهير في برنامجي السناب شات والانستجرام. وبما أني حديثة العهد بهاتين الوسيلتين فقد شدتني بعض الملاحظات وأود أن أتشارك وإياكم وأرى أن بعضها يحتاج إلى وقفة جدية من الجهات المسئولة لأنها طريق للهلاك وبالأخص أن المراهقين والشباب هم الفئة الغالبة في هذه التقليعة.
إن الفاشنيستا هم أشخاص بدأوا عن طريق الانستجرام ولكثرة ظهورهم وما يتحدثون عنه من مواضيع “تجارية” أصبح لهم متابعون كثر وصنفوا على أساس أنهم مشاهير في هذه الوسائل. بعدها انتقل الكثير منهم لبرنامج السناب شات وذلك قبل أن يبدأ الانستجرام بإدخال تصوير الفيديو. إن معظم المواضيع التي يتم الحديث عنها هي مواضيع تجارية كالترويج للمحلات والبضائع والمكياج والمطاعم والوجهات السياحية والمعارض وغيرها الكثير فتطور الموضوع ليصبح تجارة مربحة يعتمد عليها البعض اعتماداً كلياً في دخله فهي كالعمل يمارسها بكل احترافية والبعض الآخر كونت له دخلا إضافيا، كما ان هذه الفئة أصبح لها شأن في المجتمع كونهم “فاشنيستا” فصارت تأتيهم دعوات لمناسبات وفعاليات مهمة فهم رعاة لتلك المناسبات أو ضيوف شرف. وتطور الأمر لدى البعض فأصبحت شهرته عالمية من خلال تلبية دعوات من خارج بلدانهم لحضور معارض والترويج لها بل تعدى الأمر ليشمل الجانب الحكومي الذي استغل الشهرة الواسعة للبعض للتسويق للدولة من خلال التركيز على الأماكن السياحية بها، لذا فهي وسيلة جيدة للدعاية والإعلان ولا تكلف الكثير من الجهد، أما التكاليف المادية فهي تعتمد على شهرة (الفاشنيستا) فهناك من يتقاضى حسب الدقيقة وهناك من يتقاضى حسب الساعة وهكذا وكل له سعره وهذا هو الجانب الإيجابي حتى الآن.
ولكن هذه الشريحة استطاعت أن تحول المجتمع إلى مجتمع غير صحي ومستهلك بالدرجة الأولى فهي إما تعيش في الأسواق أو المطاعم والمقاهي أو توصيل أصناف الطعام إلى المنزل بغض النظر عن جودة الطعام ومذاقه وذلك كله من أجل الدعاية فأصبح الناس يتابعون المطاعم التي يتم الترويج لها وتنتهج نفس أسلوب الحياة رغبة في دخول هذا العالم أو كنوع من المباهاة بارتياد المطعم الذي تحدثت عنه فلانة أو فلان وبذلك يتضح أن هناك تغيرا في أسلوب الحياة في المجتمع بهجر الوجبات المنزلية وإحلال وجبات المقاهي والمطاعم بدلا عنها وجعل الهاتف بديلا عن اللمة العائلية فهم يأكلون في السناب شات ويتحدثون معه عن مذاق الطعام ويقنعون المشاهد بضرورة تجربة أصناف الطعام في ذلك المطعم.
كما أن هذه الفئة كسرت حاجز الخصوصية في الحياة فهناك كثير منهم من يظهر للحديث من بيته ومن غرفة نومه وبملابس البيت أو حتى النوم بمعنى أن أصبحت حياتهم الخاصة مكشوفة للعالم وهناك من فهمها على أنها حرية شخصية ولكن للحرية حدود ويجب أن أتوقف عن استغلالها إذا سيكون لها تأثير سلبي على متابعيني مما اتخذوا من تلك الشخصية قدوة وأصبحوا يطبقون جميع ما يشاهدونه على حياتهم وخاصة المراهقين فهم في وضع استقبال السلوك والتصرفات وقد يفهم أن ما يشاهدونه هو الصح وليس مجرد حالات استثنائية هدفها إما الشهرة أو التجارة.
أما النقطة المهمة والتي تحتاج إلى وقفة جدية من الجهات المسئولة أن بعض هؤلاء “الفاشنيستا” يستخدمون برامج التواصل وهم يقودون سيارتهم سواء بالحديث مع متابعينهم أو تصوير المناظر في الطريق أو غيرها من اللقطات الأخرى التي لا تستدعي استخدام الهاتف أثناء السياقة بل أن هناك من وصل بهم البعض إلى الحديث مع معجبيهم من خلال نوافذ السيارات وهم في الطريق ، فأي رسالة يحاولون إيصالها من خلال هذه التصرفات؟ وكم من الشباب الذين يقلدون تصرفاتهم هذه؟ أليست هذه مخالفة على الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات حيالها؟ وإلا لوجدنا أنفسنا أمام كارثة حقيقية ضحيتها هؤلاء ومن يحذون حذوهم .
الفاشنيستا صوروا الحياة على أنها أكل وشرب وملبس وإكسسوارات ومكياج وغيرها من السلع التي عرف بها هؤلاء الفاشنيستا وكأن في الحياة لا شيء يستحق الاهتمام والتركيز به غير هذا.
هنا أتحدث عن الشائع ولكن الاستثناءات موجودة وهناك من وضع لنفسه حدودا واستغل هذه الوسائل بطريقة منظمة وفي إطار احترام ثقافة المجتمع، فهم قدوة حقيقية، تجاوزوا عثرات الآخرين وكان استغلالهم للوسائل بطريقة تبث الإيجابية بطريقة آمنة.

رابط المقال في جريدة الوطن :