الأربعاء، 22 يوليو 2015

صلالة لا تحتمل الانتظار





ما أن يشرف الصيف على القدوم حتى تجد القنوات التلفزيونية وجميع وسائل الإعلام تتنافس على الترويج للسياحة في بلدانها أو البلدان التي تتبعها تلك الوسائل بصفة المالك أو الصفة المالية الممولة لها، وذلك لإيمان تلك الجهات بأهمية هذه الفترة للسياحة والدخل الذي يمكن أن يرد للدولة خلال فترة الصيف ، المنافسات تحتد في الخروج بالإعلانات الجذابة والبرامج المروجة في فترات إتخاذ قرار السفر والتي تسبق فترة الصيف لأن تلك الفترة الزمنية هي المناسبة للخروج بالإعلانات وليس عندما يأتي الصيف فحينها يكون قد تم تحديد المقصد السياحي ، وفي هذا الصيف بالتحديد تم الأخذ بعين الاعتبار تزامن شهر الصيف مع شهر رمضان المبارك لذلك كان الحديث عن الصيف والترويج له باكراً ...
هذا ما نراه في معظم القنوات الفضائية باستثناء القنوات العُمانية (باعتبار أنه بات لدينا أكثر من قناة ) ، فالقنوات الرئيسية تنطلق دورتها البرامجية الصيفية عندما يغادر الناس إلى بياتهم الصيفي في البلدان التي يختاروها للسياحة وتأتي البرامج تحصيل حاصل لفترة الصيف ليس إلا، وليس ذلك فحسب بل أن البرامج هي نفسها مكررة كل صيف وأن إستحدثت برامج فهي لا ترقى بذلك المستوى على إعتبار التنافس الإعلامي الحاصل حالياً مع القنوات الخليجية والعربية التي اجتذبت المشاهد إليها.. فمنذ سنوات من الزمن وما زال ذلك الأستوديو القابع في سهل أتين لم يتغير فهو كالنبتة الخريفية التي تثمر كل خريف بنفس الثمر لا يتغير ، وكأن الزمن ينعاد سنوياً في ذلك الاستوديو ، فعندما يقال أتى الخريف يطل ذلك الاستوديو على الشاشة معلناً ذلك إعلامياً .. ماذا عن المناطق الأخرى التي تعيشها فيها كالحلم وأنت تمشي فوق السحاب من الجدير أن تُطلق منها برامج أيضاً لإعطائها أهمية .
 صلالة جميلة فلماذا نحكرها في هذا الإطار فقط ، فهي بحاجة إلى أن ننقلها للعالم بطريقة تناسب والإعلام الجديد ونحن قادرين على ذلك ولكن!! ... كما هو الحال في تأطير السائح الذي لا ليس لديه أي خيار سواء زيارة بعض المناطق في الفترة النهارية وما أن تختفي الشمس لا تجد أماكن أخرى يمكن ان يستمتع بها السائح أو يذهب إليها فترة المساء إذا إستثنينا المهرجان،

صلالة لا تختلف عن بلدان شرق آسيا التي أصبحت وجهة سياحية من الدرجة الأولى سواء فبها من المنتجعات والفنادق التي تجعل من السياحة متعه فأول ما يبحث عنه السائح هو أماكن السكن فأن كانت مريحة وترضي ما يبحث عنه فلن يتردد في الذهاب لكن في صلالة عن ماذا يبحث السائح عن طريق الانترنت نعم هي جنة لكن أين سيمكث أي هي الفنادق والمنتجعات أين هي المطاعم والمقاهي والمراكز التجارية ، دور السينما المواصلات العامة المبتكرة التي تسهل التنقل في المنطقة كالعربات الهوائية (التلفريك) ، ففي شرق آسيا ليس من زائر ولم يتنقل على (التكتك) فهي وسيلة نقل بسيطة ولكن السائح يقصدها وخاصة في تايلند وماليزيا ، والأمر سيكون كذلك لو طبق في صلالة .
والحديث لا يقتصر على فصل الخريف فقط الذي يمتد من ثلاثة إلى أربعة أشهر بل الحديث عن عام كامل فصلالة بها من المقومات السياحة والمناظر الطبيعة التي تنفرد بها طيلة العام ويمكن جعلها مزاراً سياحي دائم بالإستفادة من تجارب الدول الأخرى وبالأخص ماليزيا التي يقترب جوها من صلالة والتي استطاعت أن تنتقل من بلاد فقيرة تعتمد على الفلاحة إلى بلد إقتصادي ووجهة للسياحة طوال العام. 
قد يقول قائل هذا من أجل المحافظة على الطبيعة ، نعم الطبيعة هي الاعتبار الأول لكن بالتخطيط السليم والمدروس ستكون صلالة مدينة سياحية عالمية من الطراز الأول وستبقى الطبيعية الخريفية أدامها الله هي السبب الأساسي لشهرتها .


وأذكر هنا زيارتي الأولى لصلالة والتي قررت من أول يوم أن أغادرها ، لتخيلي بأنها مدينة أخرى وليس كما رأيتها على الواقع لصعوبة الحصول على مطعم للاستمتاع بالأكل فيه ومن أصل أسبوع مكثت ثلاثة أيام وقد قضيت اليوم الأخير في المستشفى لإصابتي بفيروس ينتشر في الأجواء الرطبة ، فهديتي منها ورقة الشهادة المرضية ، لذلك فأن ما أكاد أجزمة هو أن فصل الخريف يشهد رواج ممتاز للمراكز الصحية لكثرت المرضى في فصل الخريف، وعدم وجود التحذيرات الصحية والتوعية لذلك لأخذ الاحتياطات.

باختصار ..نتحدث اليوم عن الاحتفال الأربعين وعن منجزات النهضة وما زالت صلالة تبحث ما يكملها كوجهة سياحية عالمية ..
 20/7/2010

خولة بنت سلطان الحوسني



الجمعة، 3 يوليو 2015

عندما يكون البقاء للأسوأ



هل هي فعلاً حمى كما يطلق عليها البعض أم هي نوعاً من الغرور والتكبر أم أنها تنزوي تحت طائلة الأمراض النفسية المتنوعة الحديثة العهد، أو قد يكون في ذلك ما يقع ضمن نطاق أنواع الشخصية التي تترعرع مع الشخص ضمن نطاق البيئة التي يخرج منها .. كل هذا وذاك مجرد احتمالات قد تصيب وقد تخيب ، لكنها تبقى ضمن قائمة ما يسببه حب المناصب والمسميات التي تعلو أو تزيد على كلمة موظف عادي في العمل أو عضو في جمعية أو لجنة ما.
على صعيد العمل ما أن تتعدَ السنوات التي قضاها فلان في عمله عن ثلاث سنوات حتى تجده يبحث عن مكان آخر ما لم يحصل على رئيس قسم أو مدير .. وذلك من باب الوصول للمسمى أكثر من الرغبة في الإحساس بالمسئولية فيكلف ذلك قضاء وقته في مجاملة فلان والنفاق على علان ، فيصبح وسيلة لنقل القيل والقال متنقلاً بين الموظفين تحت عباءة التواصل الاجتماعي مع الزملاء والحرص على المصالح وتقديم الخدمات وأن لم يجدها ووضع المقترحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، لينهي يومه بعد كل تلك المشاوير في مكتب المسئول ليفرش له أخبار ذلك اليوم مع تغطية حصرية عن القيل والقال مع غسل للدماغ حتى يتعب ملك اليسار من التدوين في دفتر السيئات.
كل ذلك على أمل أن يحصل في وقتاً قياسيا مسمى يليـق بتعبه ذاك ... وإن لم يكن له ذلك فينقلب على جهة عمله ومسئوله ويبدأ بالتمرد والحديث أمام لآخرين بما لا يليق.
وإما أن حالفه الحظ وأصبح مسئولاً عن موظفين، فيبدأ رحلته معلناً شعار (البقاء للأسوأ) فيقرب من يتستر عليه ويسير على خطه ومن يمشي على خطاه ، وأما من يسلك طريق النصح والرغبة في الإصلاح فذلك هو الموظف الفاشل الذي لا يستحق البقاء ويجب تهميشه . فتكون خطة عمله مدروسه خلال الأسبوع فيقضيها بعدد من الاعتذارات والانسحابات فيبدأ دوامه مبكراً وبعد أن يتأكد بأن المسئول قد شاهده وقام بجولة بين الموظفين ليلاحظ الجميع وجوده بعدها ينسحب تدريجياً بحجة أن لديه اجتماعات خارجية مجهولة المكان والهدف وتلك هي ساعة نهاية الدوام، وإن لم يسعف نفسه بالنهوض مبكراً فلا داعي للاعتذار لأنه قضى يومه سهرانَ على جهاز الحاسب الآلي في إنجاز العمل فهو إما المسئول المضحي بوقت راحته من أجل العمل، أو إن لم يكن مزاجه على الدوام فليس هناك داعٍ للقلق فبإجراء مكالمة هاتفية وهو مستيقظ صباحاً وصوته يوحي بأنه مريض فهو في الجهة الآمنة والشهادة المرضية أسهل خدمة يمكن أن يقدمها الطبيب لزبائنه وبالأخص من المؤسسات الصحية الخاصة ، وأما إن اقتضت الظروف بقاءه لدوام يوم كامل فيكون ذلك لإنهاء عمله الخاص .
وأما على صعيد اللجان فهو لا يرضى بأقل من الرئيس أو نائبة وإلا فيكون عضواً غير فاعل يحضر ما يشاء من الاجتماعات وكل ذلك من باب المسمى وأحياناً الحصول على مكافأة أو آجر أعلى ممن لديه في اللجنة ، وإلا فهو يعلن انسحابه دون أسباب تذكر وخاصة ما إذا كان لديه درجة علمية أعلى من الآخرين.
أمراض مزمنة من الصعب علاجها لأنها تكبر مع الشخص المتسلق وهي معديه وما إذا تفشت فهي كارثة ولا لتفاديها يجب التيقن لها مبكراً ، قبل الغرق في بحر أوهام وسلوكيات هكذا أشخاص.


أهلاً بالثقافة التركية


كثيرة هي التناقضات في حياتنا ، منها ما نصنعه بأنفسنا ومنها ما يخلق خلقاً بالظروف ، وآخر يأتي غزواً كما نود أن نسميه وهو بالأحرى يفرضه الواقع فنتقبله بإرادتنا ... كما هو في حالة الغزو الثقافي ، فمصطلح الغزو واقعياً هو مرتبط بحرب وسلاح وسفك دماء ، ولفظياً هو متعلق بفرض الشيء فرضاً دون تقبل الآخر إلا أن إقتران هذه المصطلح بالثقافة يبقيه نوعاً ما بعيداً عن المعنى الواقعي واللفظي لأن الثقافة لا تغزو بل هي تُجلب بإرادة أو أنها كالضيف الذي يستآذن بالدخول فإذا وجدت الأبواب مفتوحة والأيادي ممدودة فأنها تسترخي وتتمدد حتى تتأصل فتصبح جزءاً من منطقة تقدم ذاتها وتروج لمصدرها لأهداف سياحية إقتصادية في مراحلها الأولى وقد تظهر الأهداف الحقيقية بعد فترة يكون العقل البشري برمج نفسه عليها وليس بالإمكان التخلي عنها إلا بدخول منافس آخر شريطة أن يمتلك أدوات جذب أكثر تطوراً وحنكة ...
فها هي الثقافة التركية أتخذت المدخل العاطفي الأنثوي وهو الجانب الأسهل في الاختراق، فرمت بالمسلسلات التركية الأكثر عاطفية ورومانسية على الفضائيات العربية من خلال نجوم بمواصفات معينة قد تكون نادرة في الرجل العربي وبقصص رومانسية في قالب واقعي تضرب على الجانب المفقود من الحياة الإجتماعية التي تعكسها المسلسلات الخليجية لتجد النساء العربيات أنفسهن في شباك نجوم الدراما التركية متآثرات بذلك فانعكس بذلك على تفاصيل الحياة فكان لها نتائجها السلبية أحياناً ، الرجل العربي في موقف المتفرج المهزوم في الفترات الأولى ومع مرور الوقت حاول إصلاح ذلك بصنع ما يمكن أن يرضي المرأة من خلال تقليد  ما يشاهده أيضاً فوجد هو نفسه منساقاً وراء تلك المسلسلات محاكياً لعل ذلك يقلل من الشحنات التي تحصل في الجو الأسري من جراء إحساس المرأة بأن الأتراك يعيشون حياة رومانسية مثالية يفقتد العربي عن توفيرها لها ، فظهر هذا التأثر واضحاً في المسلسل الأخير الذي يعرض حالياً على قناة دبي الفضائية (حريم السلطان) الذي أصبح يشاهد من كل فئات المجتمع بل هو مصدر جدال في الكثير من حلقات النقاش الجادة من باب أن هذه القصة تاريخية واقعية لكن أكاد أجزم بأن هناك جانب آخر نجح الإنتاج التركي في زرعه في عيون المشاهد العربي في وقت كان العقل العربي متعطشاً لذلك بعد أن أنهكته الثورات العربية ونتائجها التي لم تظهر بعد وأن أعتبرها البعض ناجحة.
وبعد كل ما يشاهد في تلك المسلسلات وكم الأفكار التي تدخل للعقل العربي فلا غريب أن يجد الرجل نفسه يحني رأسه المثقل بتفاصيل الحياة والثقافة التركية أمام الحلاق التركي الذي يقدم له مواصفات من العناية بالشعر وتدليل البشرة بتقنيات يفتقد لها الحلاق الهندي الذي كان يرتاده لسنوات مضت ، فيكـفي أن يكتب على لافتت المحل (حلاق تركي) ، ليجد كماً من الزبائن ينهالون عليه مما يجعله يفرض مواعيد ليقدم لهم الخدمات ، فأصبح الحلاق التركي رمزاً للرقي في إنتقاء الخدمة فالهندي يقدم الخدمة للوافد من طبقة معينة أو من تعسرت عليه الأمور ولم يجد موعداً لدى التركي .
لينهي يومه في أحد المطاعم التركية المنتشرة في كل سوق محلي والتي تقدم الشوارما بطريقة أسطنبولية تجعله يقترب مما يشاهده فيعيش ولو جزءاً من تفاصيل تلك الحياة والثقافة التركية التي تصورها له شركات الإنتاج التركية بحناجر سورية التي يشاهدها وهو يحتسي الزهورات في إستكانةً تشبه الإستكانة التي تشرب بها لميس في مسلسل بائعة الورد ومحضرة في أبريق تركي ذو الطابقين كما في مسلسل سيلا والذي جلبه أحدهم خلال رحلته السياحية إلى تركيا قاصداً القصر الذي دارت فيه أحداث مسلسل نور والذي يقع على مضيق البسفور ومطلاً على الجسر الذي يربط الجانب الآسيوي بالأوربي .
إذن ها هي الثقافة التركية نجحت في فرض نفسها ولكن ليس بطريقة الغزو بل هي قدمت نفسها فتقبلها الآخر مستمتعاً بتفاصيلها دون أن يعي أهداف هذا الدخول ، ولعل في ذلك درس يؤخذ بحيث تفرض الثقافة العمانية على ابنائها بالعلم والإعلام قبل أن تدثرها الثقافات الآخرى ، وليس ببعيد أن يكون ذلك ما دامت هناك عقول قابلة للاستقبال دون فلترة الوارد .