ما أن يولد الطفل حتى يجد نفسه بين يديّ غريبتين تصبح
بعد فترة أقرب إليه من صلة الدم ومن الجسد الذى آتى به للحياة ، نفس هذه اليد تُحضّر
له الطعام تهتم بنظافته مسئولة عن أي تقصير إتجاهه يكبر وتكبر هي في بيته أو يأتي
من يحل محلها ليؤدي نفس الدور فتصبح شيء ضروري في حياتة لا يمكن التخلي عنه ولكن
هذا الكائن البشري الذي يتوفر في معظم البيوت الخليجية تقريباً هو جزءاً من المنزل
وفي كثير من الأحيان يعتبر أداة رئيسية لا تستقيم أعمال المنزل بدونها وأقول أداة
لأنها تجرد من الإنسانية ، حيث توكل إليها أشياء لا يمكن ان تؤدّيها منطقياً في
وقت محدد إلا آله من صنع البشر معدومة من المشاعر والأحاسيس ،يجب عليها أن لا
تتوقف عن العمل إلا إذا حانت ساعة نوم أفراد الأسرة وعندما تكون قد أنهت أعمالها
كاملاً التي تتكرر كل يوم طبخ ، غسيل ،تنظيف ورعاية أطفال وغيرها من الأعمال التي
توكل إليها ، يصل الموضوع لدى البعض بالحرمان من وقت وقت الراحة لأنه يدخل في دائرة الدلال، والآلم
والمرض غير مسموح إلا بحدود ، وما يتناولنه من طعام يكون بقايا الوجبات ولا يسمح
لها بأكل الطعام الذي تفضله وإذا فعلت ذلك فعليها ان تتحمل النتيجة وهنا أتكلم عن
حالات وهي كثيرة وليس عموم، وبما أن لكل شيء في هذه الحياة طاقة إذا تعداها فقد
يؤدي ذلك إلى الإنفجار وهذا ما يحدث لدى البعض فيكون الإنفجار على هيئة جريمة تنفذ
على أفراد العائلة ، هذا لا يعني تبرير الجرائم التي بدأت تطغى على السطح في
الآونة الأخيرة ولكن سوء المعاملة عامل أساسي لا يمكن تهميشه، إضافة إلى جهل
الخلفية المجتمعية والثقافة التي تحملها تلك الخادمة التي أتت من أحدى دول شرق
آسيا ، فقد تكون هربت من ظروف قاهرة وأهمها الفقر الذي حرمهن من الكثير من الحقوق
وبدد العديد من الأحلام التي لم يستطعن جعلها واقع وهذا ما ذكره سعود السنعوسي في
روايتة ساق البامبو ، فالخادمة الفلبينية جوزفين كما هو اسمها في الرواية والتي هي
أم الضحية عيسى كانت لديها طموح وترغب في مواصلة تعليمها وعلى درجة عالية من
الثقافة ولكن ما آلت إليها أختها بأن تاجر بها أبيها وجعلها بضاعة للرجال من أجل
الحصول على ما يمكن العيش به نسفت به إنسانيتها وأحالتها إلى مدمنة بعد أن أنجبت
طفلة مجهولة الأب ، كل هذه الأحداث جعلت من أم عيسى -الكويتي الجنسية والفلبيني
الملامح- أن تبحث عن مخرج يبعدها عن هذا العالم فكان الخيار الأفضل حينها العمل
كخادمة في الكويت ، ويا كثر من يعملن في مجتماعتنا وهن يحملن نفس هذه الظروف أو
أكثر شدة منها فمن يقدر أن يبتعد عن عائلتة لسنوات مقابل خدمة في بيت أحدهم لا
يرضى بها إلا من أبعدته ظروف قاهرة فكثير منهن لديهن أطفال غير شرعيين مقابل
الحصول على المال ليتمكنن من العمل في دول الخليج ، وما يتقاضينه من راتب يذهب لسد
الديون للمؤسسات التي ساعدتهن في الحصول على العمل وقد يستمر ذلك لسنوات وفي
المقابل ترمى هذه الظروف ولا ينظر لها ويتم التعامل مع الكائن البشري كآلة فقط
عليها أن تؤدي ما يوكل إليها وأحياناً تستغل من أجل إشباع رغبات كما هو حال جوزفين
التي تزوج بها المثقف راشد عرفياً من أجل نسيان حب رفضته العائلة المعروفة وهروب
من واقع مرفوض بالنسبة له فكان الإنتقام بالزواج العرفي والآتيان بعيسى للحياة
التي رفضته من اجل العادات والتقاليد والأعراف التي ترفض الملامح وتنبذ بعض
جغرافيا الأرض فلا تعترف به كإنسان له حقوق لأنه في النهاية ابن خادمة عملت من أجل
الكسب الحلال ومن أجل عائلة كانت تنتظر ما تجنية نهاية كل شهر حتى لا ترفضها
الحياة فتردي أفرادها جوعاً وظلماً في أقرب حفرة على الأرض ، السنعوسي كشف عن هذه
الظروف التي إذا ما كشفتها الخادمة أخذت على أنها كذبة من اجل جلب الشفقة ولكن هذا
هو الوضع الحقيقي الذي هو أقرب إلى مسلسل مبنى على قصة واقعية ، ومن أين يأتي كتاب
الدراما بقصصهم إلا من الواقع؟ّ!!
كثيرة هي نماذج جوزافين والتي أساساها الظلم وغياب
العدالة الاجتماعية ، أنه وقت التغيير فحقوق الإنسان تشمل كل إنسان بغض النظر عن
الجنسيات وبتفهم الثقافات والظروف تحل الأزمات وبالتالي ستقل الجرائم . شكراً لساق
البامبو التي الرواية التي أزاحت الستار عن المستور .