السبت، 24 ديسمبر 2016

في غياب الملكية الفكرية


نصطدم في الحياة بالكثير من المواقف الغير متوقعة والتي تأتي أحياناً من أشخاص تتعامل معهم بحسن نية وثقة ولكن مقولة أن الزمن تغير غير صحية ولكن الإنسان هو من تغير ليغير طبيعة التعامل بين البشر ويجبر البعض إلى إتخاذ ردة فعل غير متوقعة وكما يقال (أتقي شر الحليم إذا غضب) أكتب عن هذا الموضوع بعد ما أستمعت وتعرضت للكثير من المواقف التي أصبح فيها التعامل بحسن النية جريمة يتحملها الشخص الذي أحسن النية وجعل الثقة جسر التواصل مع الآخرين ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل الطيبة الزائدة هي الجريمة المجتمعية أم من أستغل هذه الطيبة ووظفها في غير محلها؟!
في السنوات الأخيرة أو العصر الحديث استحدثت قوانين للوقاية من ضعاف النفوس ومتخصصي سرقة الأفكار وضمان الحقوق لصاحبها وتفادياً لتعرض أحدهم للمحاكمة الدنيوية ولكن قبل ذلك هناك قانون سبق هذه القوانيين الوضعية وجاء لينظم مسألة الحقوق والواجبات في كل مناحي الحياة من خلال نصوص غير صريحة فيما يتعلق بحقوق الملكية سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية والتي تأتي في الإطار الأخلاقي بالدرجة الأولى ، ولكن الكثير من البشر لا يجدون في القوانين الإلهية ولا الدنيوية رادع لتصرفاتهم وهناك من يجهل لها ، وحتى القوانين الدنيوية تضمن الحقوق بشروط إذا لم تتوفر في العمل فأنها لا تضمن الحقوق وأهمها تسجيل الفكرة في المؤسسات المعنية بذلك ، وبعيداً عن كل هذه القوانين يأتي دور الجانب الأخلاقي الذي من المفترض يكون المنظم لحق صاحب الفكرة أو العمل وإذا غاب هذا الجانب فأن لا عقاب سينال سارق الفكرة أو العمل إلا العقاب الآخروي ، طبعاً أتحدث هنا عمن سمحوا لأنفسهم تبني أفكار آخرين ونكران حقوق صاحب الفكرة.
وبما أن القانون يتطلب تسجيل للفكرة أو المشروع فلا يمكن اللجوء إليه ، في المقابل من غير المنطق أن أي فكرة أو مشروع يقدم في إطار بيئة العمل على سبيل المثال لابد أن يسجل وبالتالي لابد من وجود نظام يضمن حقوق الموظف في حالة تم تبني فكرتة أو مشروعه والتغني به أمام الملاء كنوع من الإنجاز ونكران جهده نهائياً ، وأعداد المستمتعين بالتسلق على أكتاف الآخرين كثر ولا حيلة للمتسلقين على كتفه إلا الإحتكام لرب العالمين لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
أن الفكرة وأن كانت بسيطة ولكن مجرد المبادارة من أجل التحسين في منظومة العمل والإرتقاء بها لابد أن يتم التعامل معها إيجابياً وتحفيز الموظف وأولى خطوات هذا التحفيز هو ضمان حقه بالتالي توفير الأمان والثقة له في بيئة العمل لتقديم المزيد .
وأخيراً كثرة الطرق على الرأس لن تولد إلا تدمير للعقل وبالتالي التوقف عن تقديم الجديد والمفيد والهروب إلى بيئة عمل محفزة لأن تلك الأفكار التي أنتجها العقل ستصبح فيما بعد زينة في جبين أحدهم يتباهى بها ومدعياً إمتلاكه لها.

رابط المقال في ملحق أنوار الذي يصدر مع جريدة الوطن 


المقال في ملحق أنوار-جريدة الوطن





الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

المجلس الاستشاري الطلابي

كثيراً ما يكون إعلان بعض الأعضاء الجديدة (لجان ،مجالس..الخ) والتابعة لأي جسد أو مؤسسة حكومية كالطفل الذي يكتشف عندما يصبح عمره سنتين أن نوبات الغضب والصراخ يمكن أن تكون مثمرة فيحصل بعدها على ما يريد وأن كان الطرف الآخر وهم الأب أو الأم أو أحد أفراد العائلة غير مقتنعين بما وفروه لذلك الطفل المزعج ولكن رغبتهم بإسكاته وإستغلاله لردة فعلهم يجعل الموضوع يتحقق ويستمر لسنوات بغض النظر عن النتيجة السلبية التي يتركها هذا الفعل على الطفل ، هذا ما يحدث عندما تقوم بعض المؤسسات الحكومية بإلإعلان عن عضو جديد يتبع جسدها والذي عادة ما يكون بعد إصرار وسنوات من المطالبات فالحل يكون حينها بأن تقوم بالإعلان عنه دون أن يكون له أي دور وبالتالي هي أنقذت نفسها من المطالبات المتكررة وأعلنت شكلياً عن ما هي مطالبة بإعلانه لكن دون قناعة وبالتالي فهو مجرد اسم أريد به إسكات من كثرت مناداته وأرتفع صوته .
من باب التفاءل بالقادم سأستبعد هذا الوضع عن المجلس الإستشاري الطلابي الذي طال إنتظاره لسنوات وكانت فرحة ليس للطلبة المنتسبين للجامعة حينها فقط بل الخريجين من كل الدفعات لأنه حلم راود الجميع ولكن بشكل مختلف بل هو حلم أقرب إلى ما كان يشاهد في المجالس الطلابية في المسلسلات والأفلام المصرية والحرية التي كانت تتمع بها قبل عدة سنوات كون الإنتاج المصري الدرامي من المؤثرات على المجتمعات العربية وله دور في تكوين الفكر العربي ولكن لكل زمان  ومكان بشر يعدون ما يناسبه وتستطيع العقول التعامل معه ، جاء المجلس الإستشاري الطلابي تحقيق للحلم وبتفاءل الجميع ولكن بعد أن خرج الطاقم على المسرح وكشفت الوجوه التي ستمثله وزادت حرارة التصفيق أسدل الستار إلا من بعض الفعاليات كالجماعات الطلابية ولم يخرج ما يميزه عن تلك الجماعات إلا الأسم ، حتى أختتمت أعمال المجلس الحالي دون أن يسمع له صوت بندوة المجالس الاستشارية التي برز فيها عدد من كبار المسئولين في حفل الافتتاح وطغى اللون الأحمر حيث كانت الكراسي فارغة فكان هذا المشهد الذي دفعني لكتابة هذا المقال حيث كنت أتمنى أن أشاهد أسماء طلابية أستطاعت أن تكوّن ثقلاً لحرية الرأي المسئولة وأن تكون الصوت الحقيقي للطلبة وأن يكون المسئولين حاضرين مع المدعوين وليس هم من يترأس الفعالية توقعت أن أرى الكراسي ممتلئة بالطلبة لأنها تمثل صوتهم وأن يترك المجال للطلبة ليديروا العملية الإنتخابية للمجلس المقبل حتى يكونوا خاضوا التجربة الإنتخابية بكل تفاصيلها وبالتالي يكونوا مستعدين لخوضها على مستوى البلد.
وبعيداً عن إطلاق الأحكام سنعتبر السنة الأولى من المجلس تجريبية غير مضمونة النتائج والأمل معقود على المجلس القادم متمنين أن يكون من ترشح للمجلس من أجل هدف وليس من أجل إثبات ذات فالوطن يحتاج إلى أفعال بعدما سمع الكثير فكونوا للوطن أوفياء.



رابط المقال في ملحق أنوار الذي تصدر جامعة السلطان قابوس مع جريدة الوطن ص(15)







الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

ما شيء شغل؟!

كما أنه ما زال هناك من يعتقد أن السعادة مرتبطة بالمال، هناك أيضاً من يعتقد أن العمل لا يمكن أن ينجز إلا بوجود المادة التي يعتبرها المحرك الرئيسي لأي عمل وأن مع وجود الأزمة المالية التي تمر بها دول كثيرة في العالم فإن العمل يمكن أن يتوقف أو يقل إلى درجة أن الدوام وخاصة في الحكومة أصبح مملاً لا داعي له أو يمكن أن يؤدى بدون احترافية وبدون ضمير والعذر (ما شيء فلوس) حتى وصل للبعض عدم الالتزام بساعات الدوام بحجة عدم وجود عمل وهذا بالطبع من صفات المتكاسلين الذي يبحثون عن الأعذار والذين يربطون كل شيء بالمادة، نعم بعض المشاريع قد تتوقف وبعضها تم إيقافها لأنه لا يمكن إنجازها بدون الاستعانة بالشركات لتنفيذها والتي تتطلب مبالغ، كما أن حجم العمل قد يقل لكن هذا لا يعني أن نكتف أيدينا ونرفع شعارنا (ما شيء فلوس ما شيء شغل) بل يحب أن ننظر للوضع على أنه فرصة ليثبت الجميع تكاتفه وأن الثروة البشرية والعقول هي من يجب أن تظهر الآن بأفكارها التي يمكن أن تنفذ بدون المادة وأن الأدوات والوسائل التي كانت توفر بشيء من البذخ في السنوات الماضية قادرة على أن تُسير العمل لعدة سنوات قادمة فقط بحاجة إلى من يؤمن أن العمل هو من صنع البشر الذي بدوره يحرك عجلة الإنتاج التي ستوجد دخل آخر وبالتالي من رحم المشكلة ولدت حلول ناجعة كانت الاتكالية سببا في تغيبها بل إعدامها.
في الحقيقة هناك من أوجد ثقافة وزرعها بين الموظفين القابلين لاستقبالها وأقصد هنا ثقافة المكافئات والعلاوات غير المستحقة والمقابل المادي لأي عمل كان وكأن الراتب الذي يتقاضاه مقابل أنه يحمل صفة موظف حكومي أو كما يسميه البعض (راتب ضمان) وأما ما ينجزه من أعمال فلابد أن يدفع له مقابل مهما كان نوع العمل ولو كان في صميم مهامه، لذلك فإن المؤسسات الحكومية أو بعض الدوائر في تلك المؤسسات بدأت تعاني من تكاسل بعض الموظفين والتخلف عن أداء العمل بحجة غياب ما كان يتقاضاه طيلة سنوات عمله الماضية أما الآن فهو غير ملزم بذلك لغياب المقابل الذي تعود عليه من جهة عمله، لذا وجدت هذه المؤسسات نفسها في مأزق وهو عدم قدرتها على الاستمرار في طريق تلك الثقافة التي خلقتها زمن الثراء المادي وبين إعادة كسب الموظف لأداء العمل دون مقابل إضافي، وأعتقد أن الحل السهل هو تطبيق نظام العمل كما هو وبدون إلتفاف وعدم التغاضي عن الهفوات الكبيرة التي يرتكبها الموظف والتي تؤثر على العمل والصراحة بأن ذلك الزمن لن يعود وحتى مع انتهاء الأزمة والأهم من هذا وذاك العدالة بمعنى أن تكون هناك عدالة مادية لأن تغييب هذه العدالة يعني الإحساس بالظلم الذي قد يؤدي للإحباط، إضافة إلى تغيير آلية التقييم السنوي ليكون كل ثلاثة أشهر لأن التقييم السنوي المطبق حالياً يتم تقييم الموظف على الأشهر الأخيرة التي يصبح فيها الموظف حذرا مع مسئوله حتى يحصل على تقييم ممتاز حاله كحال الآخرين الملتزمين (والحالات كثيرة).
ومن جهة أخرى هناك بعض الناجبين الذين أقبلوا على العمل بنضج أكبر وتعدت أهدافهم الجانب المادي فكان النجاح وجودة العمل والعمل بروح الفريق هو الطريق الذي رسموه لحياتهم المهنية جاء المقابل المادي أو لم يأت بل إن البعض كان يرفض ما يمنح له إذا رأى بأنه غير مستحق له، هذه الفئة من الموظفين هم من آمنوا بأن العمل لا ينتظر مقابل وبأن الأفكار الصغيرة والعقل البشري قادر على الإنتاج دون مقابل وأن النجاح يعني اكتمال المشروع وخروجه بجودة تنافس المشاريع التي تقام على نفس المستوى وتوصل الرسالة المنشودة من خلاله وأن يكون له تبعات إيجابية في المستقبل، هذه الفئة تؤمن بأن عود الكبريت قادر على أن يضيء مدينة و يمحو ظلمة الليل حتى قدوم أشعة الشمس، لذلك تجدها تستغل الأزمة المادية لتثبت أن المادة ليست إلا محرك يمكن أن يستخدم ما إذا أحتيج له ولكن ليس أساسيا بل هذه فرصة ذهبية لتقول العقول المنفتحة والواعية كلمتها وتثبت نفسها وبأنها قادرة على العطاء، فقط هي بحاجة إلى من يلتفت لها ويشجعها ويفسح الطريق لها للعمل حتى يصل إلى المحطة التي يكون قد ساهم فيها بقدرته وإمكانياته في بناء هذا الوطن الذي هو اليوم بحاجة إلى هكذا سواعد تعمل بدون أن تنتظر مقابل.
وأخيراً الفئة التي تبحث مقابل وتسوق الحجج حتى لا تعمل ستظل موجودة ولكن يجب أن تعمل الجهات على تقليلها بتغيير الثقافة السابقة والحزم ما إذا احتاج الوضع ذلك لأن سياسية التراخي لا يمكن تطبيقها مع كل الأشخاص، وألا يبخل المسئولين بكلمة شكر لمن آمن بالعمل دون مقابل.

رابط المقال في جريدة الوطن :


الخميس، 8 سبتمبر 2016

فن التواصل مع الآخر




التواصل غريزة في البشرية ولا يمكن أن تقوم حياة بدون تواصل لذلك تعددت أنواع التواصل بين بني البشر وأطرت هذه العملية بمبادئ وأسس حتى تكون منتظمة يسودها الاحترام المتبادل ، فالطفل في رحم أمه يتواصل معها بطريقته وهي تتفاعل معه تحاول أن تحسسه بأنها تشعر به تستجيب لندائه وما أن يولد يبدأ التواصل الفعلي من الدقيقة الأولى حتى يأتي الوقت الذي ينطق فيه كلماته الأولى مع أمه وأبيه ، يجتهد الطرفين على تربيته وتعليمه الطريقة الصحيحة والمثلى في تواصله مع الآخر بما يضمن حق احترام الآخرين له وواجبه في احترامهم ، بالتالي يتجنب الكثير من المطبات التي قد يصادفها نتيجة سوء تعامله مع الاخر وعدم مقدرته على إحتواءه.
الذوق والأدب في التواصل يجعل المستمع والمشاهد يستجيب للرسالة التي يحاول المتحدث أن يوصلها لأن أسلوبه وطريقة حديثة تجبر الآخر على احترامه أولاً، إلى جانب أنه يملك قدره على الإقناع وجذب المستمع ومثال على ذلك الخطيب فليس أي شخص يمكن أن يكون خطيب مالم تتوفر به بعض الشروط المهمة أولها احترام الناس وهذا يكون بسبب علاقته الطيبة وحسن تعامله مع المجتمع التي اكتسبها من أسرته أولاً ومن احترام الناس له الذين حفزوه على الاستمرار في هكذا نهج إضافة إلى أنه يملك أسلوب الإقناع وآداب الحديث مع المستمع وأيضاً استخدام لغة الجسد التي هي من الأمور المهمة في عملية التواصل بحيث يكون الخطيب بشوش الوجه يستخدم يده في توصيل الفكرة ومشاهدة الوجوه وكأنه يخاطب كل شخص على حده ، هذا المثال وغيره من الأمثلة دليل أن فن التواصل مع الآخر الذي أصبح يدرس في مساقات متخصصه وكتخصص في الجامعات والكليات شيء مهم في تحديد علاقة البشر مع بعضهم البعض.
في المقابلة الشخصية التي يخضع لها المتقدم في وظيفة جديدة بعد اجتيازه الاختبارات يتم التركيز على طريقة الحديث ، طريقة التواصل مع الأشخاص ، الأسلوب ، استخدام لغة الجسد وغيرها من الأمور التي من خلالها يمكن أن تقاس شخصية المتقدم للوظيفة لأنه هذا الجانب مهم في التواصل مع الموظفين وإبقاء العلاقة جيدة قدر الإمكان لأن ذلك يؤثر في سير العمل والإنتاجية والأداء الوظيفي للموظف فإذا كان تعامله مع الزبون وزملاء العمل خالي من الاحترام فهذا يعني تأثر سمعة المؤسسة وكما يقال السيئة تعم، لذلك تركز المؤسسات الكبرى بما يسمى "بضبط الجودة" ومن النقاط الأساسية التي يتم التركيز عليها طريقة تعامل الموظف مع الزبون ومدى مساحة الاحترام الموجودة في الحوار وغير ذلك من الشروط المهمة في فن التعامل التي تقاس من خلالها جودة خدمات المؤسسة، فعلى سبيل المثال قامت بعض الشركات بوضع أنظمة تسجيل المكالمات عند اتصال الزبون لمراقبة طبيعة الحوار ومدى احترام الزبون واحتواءه بالطريقة الصحيحة لتحويل سلبيته إلى إيجابية في نهاية المكالمة.
يقول المثل (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن) فلو طبق البشر القوانين الإلهية والتزموا القوانين الوضعية لأغلقت السجون وغاب العقاب وسقطت الأسوار الأمنية وحل السلام واختفت الأسلحة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه لذلك نجد المنافق والخبيث والعصبي هؤلاء النماذج من البشر ينطلقون من مبدأ "إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" في تحديد إطار علاقتهم مع الآخر معتقدين أنه مبدأ حماية النفس وضمان الحقوق فتبنى العلاقة مع الآخر بعيداً عن الاحترام وإنما أساسها الهجوم ، تنجح لدى البعض فيستطيع المهاجم أن يكسب المهجوم عليه فيصبح كالعصاء في يده يأشر بها في أي اتجاه بينما لا تنجح مع آخرين فيفقد المهاجم احترام الناس له ولا يملك حينها إلا استخدام الأسلوب الذي يزيد الهوة بين الطرفين ، فما أردت قوله أن مع وجود الأطر والتشريعات التي تحدد طبيعة وأسلوب التواصل بين بني البشر إلا أن هناك من يغض الطرف عن ذلك ويستسلم للجانب المظلم الذي قد يكلفه الكثير بعلاقته مع الأشخاص.
وليس من مثال أقرب لذلك من وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الوسائل الأساسية في التواصل بين بني البشر في مختلف دول العالم، هذه الوسائل فرضت نفسها دون قيود أو حدود فأستغلها البعض استغلال ليس كما ينبغي فغاب الاحترام في التواصل خاصة من أحتمى خلف الأسماء المستعارة وكثر الغث وزاد السب والقذف وكأن الوجوه والأسماء هي من كانت رادعة ليتمسك البعض بالإحترام ولكن هذه الوسائل استطاعت ان تظهر معادن النفوس وبأن إحترام الآخر أصبح عمله نادرة في وسائل التواصل الاجتماعي وطبعاً الاستثناءات موجودة ولكن هذه الوسائل تستخدمها كافة الأعمار وهم يتعلمون الحوار والحديث من خلال تعاطي الناس مع بعضهم البعض فإذا وجد الطفل والمراهق ذلك النوع من اللغة هي السائدة في الحوار بين المجتمع سيظن أنه أسلوب مجتمعه ويبدأ باستخدامه في حواره هو أيضاً .
فن الحوار والتعامل مع الأخر من المواضيع التي يحتاج لها مجلدات لأنه موضوع متشعب ومهم ويحتاج إلى وقفه وخاصة مع انفتاح الفضاءات على الجيل الحالي الذي أصبح يستورد ثقافات من خارج مجتمعه متأثراً غير مؤثر.
وأخيراً أن تكسب احترام الآخرين ليس سهلاً بينما أن تخسر ذلك أسهل شيء ممكن أن تفعله وبطبيعة الحال الهدم أسهل من البناء.
يقول علي بن الجهم

"إِني لتطربُني الخِلالُ كريمة        طربَ الغريبِ بأوبةٍ وتلاقِ
ويَهُزُّني ذكْرُ المروءةِ والندى        بين الشمائلِ هزةَ المشتاقِ
فإِذا رُزقتَ خَليقةً محمودةً            فقد اصطفاكَ مقسِّمُ الأرزاقِ
والناسُ هذا حظُّه مالٌ وذا            علمٌ وذاكَ مكارمُ الأخلاقِ
والمالُ إِن لم تَدَّخِرْه محصناً          بالعلمِ كان نهايةَ الإملاقِ"


غلاف المجلة

صورة المقال المنشور في مجللة الثقافية (1)

(2)




الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

تمنياتنا بعام دراسي حافل

أكتب هذا المقال بعيد ساعات على بداية العام الدراسي الجديد، الساعات التي تطير بنا إلى ذكريات جميلة لا تخلو من المواقف المحرجة والمضحكة كانت في وقتها عفوية ، تفكير الطلبة لم يكن يتجاوز كيف سيقابلون أصدقاءهم وزملاءهم الذين فارقوهم لأشهر ومن سيكون الكادر التعليمي الذي سيتعلم على يده إلى جانب الفرحة بالحقيبة والملابس الجديدة وتزداد تلك الفرحة إذا كانت البداية في الصف الرابع وذلك لكونه الصف الذي تبدأ فيه دراسة اللغة الإنجليزية آنذاك وما إذا حصل خلاف فيكون ضمن موضوع رئاسة الصف أو نائبه وغيرها من المناصب الصفية التي تمنحها لهم عضوية مجلس الصف، أما أولياء الأمور فلا يتعدى خوفهم على المستوى التعليمي الذي سيكون عليه أبناؤهم وكيف سيكون يومهم الأول في المدرسة أي أنها مخاوف لا تتعدى كيفية المحافظة على المستوى التعليمي لأن الدار أمان.
أما اليوم فالوضع مختلف لاختلاف طبيعة الحياة بشكل عام وبالتالي اختلاف الاهتمامات فطغت الأمور الثانوية على الأولويات وخرجت آفات لم تكن موجودة في المجتمع وإن وجدت في ذلك الوقت فهي محدودة جداً ولكنها اليوم أصبحت ظواهر تؤرق المجتمع بشكل عام وتتكاثر في البيئة المدرسية كونها بيئة تجتمع فيها فئات عمرية واجتماعية مختلفة وبالتالي سهل الوصول إليها والتأثير عليها وخاصة فترة الاختبارات وهي الفترة التي تتغير وتتقلب فيها نفسية الطالب، ففي هذه الساعات ومع فرحة العودة للمدارس لا يخلو تفكير أولياء الأمور من الخوف على أبنائهم وكيف يمكن أن يحموهم من الخطر الذي قد يصادفهم فمنهم من يلجأ إلى توعيتهم منذ البداية ومنهم من لا يريد أن يفتح أعين أبنائه على المشكلة حتى لا ينتبهوا لها ويتتبعوها وكل أسرة تتبع أسلوبا مختلفا ولكن مع كل هذا وذاك هناك من يقع في شباك تلك الآفات فتكون نهاية دراسية مأسوية أو بداية لمشوار ضيق في الحياة ليس من السهل الخروج منه.
ومن هذه الظواهر إدمان المخدرات الهروب من المدارس، الغش بسبب الإهمال الدراسي، والتحرش الجسدي وغيرها من الظواهر التي لها تأثيرها على حياة الطالب والمجتمع.
هناك طرف أساسي لنشوء مثل هذه الظواهر وهي الأسرة ومن هذا الطرف يخرج طرفان قد يكونان ضحية الإهمال أو المستوى الاقتصادي المؤدي إلى البحث عن سبل توفر مستوى يعادل مستوى الآخرين من الأصدقاء والزملاء في المدرسة أو العكس أي من يعتقد من الأهل أن الاهتمام والرعاية يتوفران بالمال فتترك الجيوب مفتوحة للأبناء، وكلا الطرفين أصبح ظاهرة منتشرة في المجتمع لها تأثيرات أخلاقية واقتصادية تكلف الدولة أموالا طائلة سواء من حيث علاج الظاهرة أو وانعدام الاستفادة من هؤلاء الأشخاص الذين يصبحون مستهلكين غير منتجين.
الطرف الأول وهم من يتمتعون بمستوى اقتصادي أكثر من جيد وتعتقد أسرهم أن توفير المادة لهم أحد سبل التربية التي لا تشعرهم بالحرمان مما يريدون الحصول عليه وحتى لا يشعروا بأنهم أقل من أصدقائهم الذين وقعوا أيضاً في نفس الخندق بسبب التفكير السطحي غير المدروس، هؤلاء يكونون ضحية آباء وأمهات بتفكير سطحي بحت وبالتالي يكونون الهدف الذي ينشده الطرف الآخر والذي هو مقدم للخدمة أو الوسيلة الذي استغلها فريق خارجي ليقدموا الخدمة أو السلعة وأقصد هنا تحديداً تجار المخدرات الذين يستغلون الطلبة ذوي الدخل المحدود أو ذوي المستوى الاقتصادي المتدني ليكونوا الوسيلة التي يصلون من خلالها للمقتدرين مادياً ويمكن التأثير عليهم بسهولة وبالتالي يستغلون كمروجين ومستدرجين لزملائهم مقابل مبالغ أو حفنة من تلك السموم. هذه الفئة عانت الإهمال الأسري بالدرجة الأولى وساند ذلك الحاجة للمادة ، لنفس هذه الأسباب التي يكون منشئها الأسرة ظهرت مشاكل أخرى وصلت بعضها لتكون ظاهرة وبعضها ما زال ينتشر وسيصبح من الصعب القضاء عليها.
المدرسة هي المؤسسة التي يعول عليها الكثير والمعلمون هم المسئولون عن مستوى الطلبة والتحكم بسلوكهم في أوقات الدوام المدرسي إلى جانب الأخصائي الاجتماعي الذي من المفترض أن يلعب دورا مهما في التقرب إلى الطلبة ومساعدتهم في حل مشكلاتهم الخارجة عن الإطار الدراسي ولكن يبقى المرجع للأسرة باعتبارها النواة وبصلاحها يصلح المجتمع.
إذن دور الأسرة لا يقتصر على توفير حياة كريمة أو التعلل بالمادة كعذر عائق في التربية، لأن الأخلاق تحتاج إلى بيئة يهيئها الأب والأم وفق الإمكانيات والثقافة وليس لها علاقة بعوامل أخرى. 

رابط المقال المنشور في جريدة الوطن : http://alwatan.com/details/135739


الأربعاء، 24 أغسطس 2016

تجارة الجسد من يعدمها؟!




نبش منذ فترة وجيزة موضوع كان قد شغل الرأي العام منذ أعوام بسبب إنتشار محلات المساج بكثرة واستخدامها لأغراض أخرى لا أخلاقية و ما أن قننت هذه المحلات أو أختفى بعضها ظاهرياً أعتقد البعض أن المشكلة قد حلت أو أخذت طريقها للزوال ولكن في الحقيقة أن العاملين في ذلك السوق أصبحوا أكثر حذر واستبدلت المحلات بأماكن الأخرى وظلت هذه المشكلة أو الظاهرة موجودة واشتهرت بعض الأماكن في بعض المحافظات بمكانها ووصلت إلى الشارع بشكل منظم وغير ملفت للنظر إلا لمن يبحث عن ذلك أو من لاحظ بعض التحركات المشبوهة في المناطق السكنية .
هذه التجارة المعتمدة على تنازلات أجساد البشر لن تنتهي ولكن يمكن أن تقل وهذا ليس من باب التقليل صرامة الإجراءات المتخذة ولكن هي موجودة منذ آلاف السنين ولا يمكن إيقاف غرائز البشر التي تبحث عن هذا النوع من الخدمات بطريقة أو بأخرى لذلك ستظل موجودة وأن أعدمت علناً .
المؤسسات الحكومية التي يناشدها المجتمع الغيور على أبناءه بإيقاف هذه الجرم المجتمعي لن تتمكن من خلال الإجراءات القانونية وحدها بإيقاف هذه الظاهرة لأن تطبيق العقاب على مقدم هذه الخدمة سيكون فردياً بينما هناك سوق موجود به زبائن ومقدم خدمة ولذلك فهو مستمر منذ مئات السنين وليس بالشيء الجديد فالقوانين الوضعية لا تربي البشر إذا لم تكن القوانيين الإلهية رادع لهم . ظهوره هذه الظاهرة يرجع لعدة أسباب أساسية الوقوف عليها سهل لكن إعدامها ليس سهلاً لتعلقها بعوامل أخرى لم يتمكن المعنيين من التوصل لعلاج ناجع لها فهي كالسرطان الذي لم يتمكن الطب من علاجه بشكل نهائي على الرغم من المراحل المتقدمة التي وصل إليها الطب فظاهرياً يبدو للطبيب أن المرض زال بينما هو مختبيء في مكان آخر وهذا هو حال هذا النوع من التجارة التي تعتمد على الجسد الأنثوي بالدرجة الأولى قد تختفي من مكان وتظهر في أماكن أخرى.
الأسباب كثيرة ومتداخلة ومتفرعة منها أقتصادية وإجتماعية ودينية وأخلاقية وأسباب أخرى قد لا يتسع الأسباب لذكرها هنا ، أولاً الأسباب الإقتصادية حيث أن هذه المهنة تاريخياً مرتبطة إما بالغنى أو الفقر وانتشرت لدى العائلات الغنية والإرستقراطية كنوع من الترفية والبهرجة والهروب من المسئولية وضغط الحياة الرسمي وهذا الجانب مرتبط بالزبون أما الجانب الآخر وهو الفقر فكان سبباً مهماً في نشئت بيوت الدعارة التي تقدم هذه الخدمة الجسدية حيث أن ضنك العيش وعدم توفر المادة لأبسط سبل العيش تجعل البعض وبشكل أكبر النساء للإتجاه لهذا الجانب لأن تجارب السابقات كانت ناجحة مادياً وقد توصلها لمراتب الغنى بذكائها الأنثوي ، هذا السبب الإقتصادي ليس مبرراً ولكنه واقع وطريق قائم سلكه الكثيرون وعرفت به مجتمعات بعينها لذلك هناك جنسيات معروفة هي من تقدم هذه الخدمات واشتهرت بها.
ثانياً الأسباب الإجتماعية والتي تتداخل مع الأسباب الإقتصادية بطريقة أو بأخرى حيث ينشيء البعض في بيئة تكون لديها بعض التصرفات الغير مسئولة نتيجة وضع قائم من الأساس إما بقصد الإنفتاح السلبي أو عدم اللامبالاة من التصرفات والأخلاق فينشيء الشخص في بيئة يعتقد أنها على صواب وما يفعله من تصرفات مقبولة في بيئتة بينما هي كارثة خارج ذلك المحيط فمن الصعب التحكم داخل الأسرة نفسها إذا كانت النواة هشة وغير قادرة على مواجهة تحديات الحياة فتظهر النتيجة في الخارج ويتأثر المجتمع بها ويخرج نوع من البشر يبحثون عن الدخل السهل وبأقل التكاليف ولكن بأضرار نفسية غير محمودة ، ناهيك عن لحظات الضعف التي يستغلها الشيطان.
ثالثاً الجانب الديني الذي أصبح اليوم أختياراً من حيث الإلتزام والتمسك به أو جعله مصدر أخلاق ونظام حياة وعبادة وهذا ما يدعو إليه البعض بطريقة مباشرة وغير مباشرة من باب الدعوة للتفكير وإحكام العقل في التصرفات وبأن الدين قد يعيق التقدم ويجمد العقل كما يعتقدون بينما الإنفتاح الغير مسئول والأخلاق التي نهى عنها الإسلام هي التطور الذي يعتقده البعض ومنها ترك العنان للجسد لفعل ما يريد وبالتالي فأن غياب الوازع الديني وضعف النفس يجعل من الجسد آلة يمكن أن تقدم للآخر دون أطر تحكمها لذلك فهذه الأجساد تعتاد على هذا الفعل دون الشعور بالذنب لأنها تعتقد أنها في الطريق الصحيح وأن الحياة واحدة ويجب الإستمتاع بكل ما موجود بها من متعة بغض النظر عن حرمتها أم لا ، والحديث هنا يمتد أيضاً للديانات السماوية الأخرى التي تحرم هذا الفعل وتشينة .
هذه التجارة كغيرها من الأشياء والوسائل المتوفرة في الحياة ولكن يبقى القرار للبشر في تحديد إختياراتهم وغربلة الصالح من الطالح وللأسرة الدور الكبير في توجيه أبناءها فمن خرج من بيئة صالحة سيظل ثابتاً لن تهزه عواصف الحياة .

المقال المنشور في جريدة الوطن



الأحد، 21 أغسطس 2016

عن رواية زيارة طبيب صاحب الجلالة


بينما كنت أبحث عن بعض الروايات في دار المنى بمعرض الكتاب في نسخته الأخيرة بمسقط أشارت عليّ البائعة أن أشتري الرواية التي كانت مصفوفة على طاولة العرض في الصف الأول وبأعداد كبيرة إلا أن غلاف الرواية الكئيب ذو الألوان الداكنة والذي يحمل رسمة لإمرأة ترتدي عباءة سوداء تغطي رأسها والنقاب على وجهها ولم يظهر منها إلا يدها اليسرى ، جعلني أعتذر عن شراءها على الرغم من أنني لا أعرف عنها أي معلومة لكن هنا تأتي أهمية الغلاف في شد إنتياه القاريء أو تنفيره ، إلا إن إصرار البائعة على الحديث عن الرواية وبأنها الرواية التي تقترحها لأي زائرللدار وخاصة أنها قرأتها بنفسها فاثرت معلوماتها التاريخية أولاً وأدهشت بطريقة سرد الكاتب للرواية وإبداع المترجمة التي ترجمتها للعربية وهذا ما جعلها تفوز بجائزة أوغست السويدية وهي الجائزة التي يمنحها إتحاد الناشرين السويديين لأفضل كتاب ومؤلف من مختلف الأجيال وجائزة الإندبيندنت البريطانية التي أسستها جريدة الإندبيندنت وتديرها حالياً مؤسسة "بوكتراست" الإنجليزية الثقافية الخيرية ، فكان لها ما أرادت وكانت المرة المرة الأولى التي أقتني فيها رواية تاريخية مترجمة من الأدب السويدي وهي رواية (زيارة طبيب صاحب الجلالة) لبير أولوف إينكويست والتي آلفها في القرن الماضي .
تدور أحداث الرواية في أروقة القصر الملكي الدنماركي في النصف الثاني من القرن الثامن عشر حيث بداية عصر التنوير الذي أنطلق من فرنسا وكان بطلها الملك كريستيان السابع المصاب بمرض عقلي أو هييء ليكون شخص غير طبيعي عندما كان طفلاً وولياً للعهد وبالتالي يسهل السيطرة عليه وعلى قراراته عندما أصبح ملكاً أو بالأحرى تتخذ القرارات عنه حسب مصالح البطانة التي تدور حوله في القـصر ، البطل الآخر هو (سترونزي) الطبيب الألماني التنويري الزائر الذي أصبح طبيب دائم وأدار زمام الأمور في الدنمارك وأقر التشريعات حسب رويته التنويرية الإصلاحية خلال تلك الفترة ولمدة ثلاث سنوات ، أما الملكة البريطانية الطفلة والتي زوجت لملك الدنمارك من أجل الإنجاب أصبح لها دور محوري تلك الفترة بعد أن وجدت شخصيتها الضائعة مع الطبيب الألماني ولكن الحال مع الملكة والطبيب لم يدم طويلاً فالمتربصين كثر والقلوب الحاقدة والأعين الموجهة على السلطة كثيرة فرمي بهم من أعلى الهرم.
الرواية لا تخلو من التعقيد خاصة في الجزء الأول منها لأنها مرتبطة بفترة تاريخية لم يكتب عنها الكثير فاستيعاب الأحداث ليس بالسهل إلى أن تبدأ الأحداث تنفرج تدريجياً ، حتى أضطررت في بعض الأحيان إلى البحث والقراءة عن تلك الفترة لاستيعاب الأحداث وفهم طبيعة الشخصيات المؤثرة في الأحداث الرئيسية إضافة إلى بعض المعلومات عن الأماكن التي ذكرت في الرواية ودارت بها أحداث مهمة وهذا الجزء لم يكن سهلاً أيضاً وقد يكون بسبب الترجمة للعربية فترجمة الأسماء أحياناً تختلف من مترجم لآخر فيصعب الحصول على نتيجة دقيقة في محركات البحث .
الكتابة عن هذه الرواية هنا ليس من باب التشجيع على قراءتها بكثر ما كانت لي دوافع أخرى أستخلصتها من الرواية وهي متشابهة مع الواقع الذي نعيشة اليوم في عالمنا العربي بينما حدث في أوربا قبل ثلاثة قرون ، وهذه الأحداث بعضها كانت ردات فعل لطريق التغيير الذي تعيشة أوربا اليوم وللتخلص من تبعات العبودية والقهر والجوع والفقر في عصر الظلام .
فعلى سبيل المثال قامت الدنمارك في تلك الفترة بالسماح لحرية التعبير في الصحافة والنشر بشكل عام وهذا ما جعل التنويرين من أمثال فولتير وغيره من رواد الحركة التنويرية يشيدون بذلك في قصائدهم كالقصيدة التي أرسلها فولتير لملك الدنمارك بعد تشريعة لقانون حرية الصحافة والتي حملت عنوان "حول حرية الصحافة" وبأن تلك الخطوة ستجعل الأفكار تزدهر وأن سحقت في بلد ما ، كذلك في تلك الفترة كان العمل قائم على مشروع إنهاء عبودية الفلاحين ولكنه مشروع لم يكتمل لكن وضعت قواعده وإتجاهاته ، إلا أن هذا القرار وغيره من القرارات الإصلاحية التي لم يتقبلها البعض وخاصة ممكن كانت لا تتفق ومصالحهم  الشخصية وخططهم المستقبلية فأعقبتها ثورة أحرقت بالدنمارك ولكنها كانت البداية والتجربة الأولى دائماً تكون الضحية حتى تتضح الفكرة ويتقبلها جميع الأطراف فتطبق ، هذا يعني أن أي تغيير لا يمكن أن يكون كشربة الماء فيكون نتيجته أضحياء من البشر فإما أن يكونوا فيما بعد رموزاً للإصلاح أو مجرد ضحية عبر من خلالها للوصول للهدف.
إضافة إلى ذلك فأن الرواية سلطت الضوء على ما يوجد في داخل الكتلة البشرية (الغريزة البشرية) ويترجمه العراك البشري الذي تثيره الدوافع الشخصية المحبة للسلطة والساعية لها وتأثيرها على مصير شعوب والتي قد يفقد الشعوب في كثير من الأحيان حقوقها وبالتالي عجزها عن تأدية واجباتها ، وأن هناك بعض البشر تتلبسها أرواح حيوانية لا تعرف للإنسانية معنى فما تفعله بغيرها من البشر يكون من باب الدفاع عن الحقوق وحماية الوطن وهذا ما حدث مع الطبيب الألماني "سترونزي" ، وملكة الدنمارك البريطانية التي غدر بهم في ليلة وأصبحوا من مشرعين للإصلاحات إلى معتقلين في طريقهم للموت.
هذه الرواية تناولت أخطر فترة في تاريخ الدنمارك وأكثرها غموضاً إلى جانب التحليل الشخصي لشخصيات مهمة لعبت دوراً في تاريخ أوربا حينها فهي جمعت بين السرد التاريخي والتحليل النفسي الذي يلعب درواً مهماً في سير الأحداث وصناعة البيئة المحيطة.

ملحق أشرعة - جريدة الوطن



الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

لا تكن ليناً فتعصر

لا يخلوا يوم من الأيام من حدث ما  سواء كان خبر جميل أو محزن وتمر الأحداث مرور الكرام على البعض وبعضها تترك بصمة في النفس قد تطول مدتها وقد يكون تأثيرها قصير ينتهي مع مرور الزمن ، وبعضها لا يمت إلينا بشكل شخصي فيكون حدث عالمي مثلاً نتأثر به ونتعاطف مع الأشخاص الذين يشملهم الحدث بشكل أو بآخر وأحياناً تكون تداعيات ذلك الحدث نفسية على الشخص فتتابعه كالظل وتُدخل إليه الشك وقد يكون شكاً حميداً له آثره الإيجابي أو خبيثاً ليس له داعي وهذا ما أحدثته بعض المواقف والأحداث الدولية على الرغم من أنها بعيده محلياً لكن إقترابها لبعض الدول المجاورة شكلت مصدر شك وإنعدام ثقة بمجرد أن تكون في مكان كان في بلد ما موقع الحدث أو حتى موقف تستغربه فتربطة بتلك الحادثة ، بعض الشك تتذكره فيصبح طرفة والبعض الآخر تشكر الله عليه لأنه أنقذك من موقف قد تكون خسرت حياتك لو مكثت في ذلك المكان ، وهنا سأسرد بعض المواقف التي كان فيها الشك حاضراً بقوة وقد تكون مرت على البعض مواقف شبيهه بها، ففي أحدى أيام رمضان وبعد التفجيران اللذان تبنتهما  داعش في مكة المكرمة والمدينة المنورة  حدث أن أمتلئ مصلى النساء في صلاة التراويح في أحد ولايات محافظة مسقط دخلت إمرأة ذات جسد ممتلىء وغير متناسق يرسم وجهها ملامح ليست عربية كانت تلتفت يميناً ويساراً وبإتجاه الباب ،وعند السجود لم تكن قادرة على الجلوس بأريحية فبدأ الشك يدخل في عقول المصليات اللواتي يصلين بالقرب منها فبدل من التركيز في الصلاة سلمن أمرهن لله وأن ذلك اليوم هو يوم شهادتهن حيث فسرن عدم مقدرتها على الجلوس بأريحية سببه الحزام الناسف الذي ترتديه وإلتفاتها يميناً ويساراً بسبب توترها حتى تحين لحظة التفجير وغيرها من التفسيرات التي جعلت بعض المصليات يعيشن فترة من الرعب طيلة الصلاة ، إلى أن دخل طفل صغير من باب المصلى يبحث عن أمه فستقبلته تلك المرأة التي اتضح بعد ذلك أنها زوجة حارس المسجد وتقطن مع أطفالها في غرفة قريبة من المصلى وكانت تعاني من ألم في ظهرها يمنعها من الجلوس بأريحية إلا أنه بسبب الأحداث التي حدثت قبل ذلك بأيام وما سبقها من أحداث شبيه وكانت المساجد ساحة لها جعل الشك يدخل بسرعة ما أن تشعر بأن تصرف أو حركة بعضهم غير مريح ، تكرر موقف شبيه ولكنه كان مع أحدى المعارف قبل العيد بأيام وهو أقرب إلى الطرفة نتذكره كلما أجتمعنا لنصنع شيئاً من الإبتسامة لجو التجمع وذلك عندما قامت أحداهن بالذهاب لمحل بيع العطور والبخور فدخل رجل بسيط بملابس تدل على أنه من طبقة متوسطة وأشترى عدد من الكيلوجرامات من أجود أنواع حطب العود ودفع مبلغ كبير نقداً مع أن مظهره لا يدل على أنه يملك كل تلك النقود لشراء تلك الكمية من حطب العود فكان تفسيرها أنه يستعد لتفجير نفسه بعد أن قرأت خبراً أن الإنتحاريين يتطيبون بالعود وأنواع العطور لأنهم سيغادرون للجنة كونهم شهداء فحملت نفسها ورجعت للمنزل دون أن تكمل مشوارها .
مثل هذه المواقف والتي قد تبدو لدى البعض بأنها مبالغ فيها هي ردت فعل طبيعية لأحداث قريبة أو بعيدة فكيف يكون الوضع عندما تمر بمواقف مع أناس منحتهم الثقة لسنوات وتفيق فجأة على طعن سيوفهم في ظهرك ، تحتاج لأشهر وأحياناً لسنوات لتداوي جراحك ، والجميل إذا تعلمت من الدرس وبقيت متيقناً حماية لك ولغيرك مع إبقاء الشك الحميد الوسيلة التي تحارب بها ، أما إذا جعلت تلك الطعنة حادثة عابرة قد تتكرر وتطعن حتى تنهار وتتلذذ بلحمك الحيوانات المفترسة التي تعيش على أكل اللحوم فلا عذر لك لكونك ضحية.
يقول الإمام علي رضي الله عنه : (لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن قاسياً فتكسر).

 
صورة المقال في جريدة الوطن العمانية



السبت، 6 أغسطس 2016

تركيا نجحت تسويقياً

ما حدث في تركيا في منتصف شهر يوليو الفائت لم يكن حدث عابر على الرغم من قصر مدة الحدث حيث أن الإنقلاب لم يتعدى ساعات أستطاع خلالها الشعب التركي أن يقضي عليه في وقت قصير أوهذا ما رأيناه كمشاهدين من خلال شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الإجتماعي بإختلافها وبغض النظر عن التفاصيل السياسية التي لن يعرفها إلا الساسة أنفسهم في تركيا إلا أن الحدث ظهر للعالم بشكل مختلف والاختلاف هنا من حيث المرحلة الزمنية فالإنقلابات التي شهدتها الكثير من دول العالم في القرن الواحد والعشرين وبالأخص الدول العربية كانت بسيناريو مغاير عما حدث في تركيا فكانت تخرج الشعوب ضد الحكومة من أجل التغيير أما في تركيا وقف الشعب مع الحكومة من أجل الوطن وبإعتبار أردوغان جزء من الشعب الذي يجب حمايته أيضاً لذا نجح الأتراك في حماية بلدهم وإرجاع الأمور لطبيعتها وتهدئة الوضع والشيء الآخر الذي جعل هذا الحدث مختلف أن الرئيس رجب طيب أردوغان ظهر لشعبه من خلال تطبيقات في الهواتف الذكية وهما تطبيق فيس تايم وتطبيق سكايب بينما كان الإنقلابيون قد سيطروا على التلفزيون الرسمي وهذا ما يؤكد أن الرهان في الوقت الحالي انتقل من وسائل الإعلام التقليدية إلى تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي حيث أنها أصبحت وسائل مؤثرة وسبقت الإعلام التقليدي لكسرها حاجز المكان والزمان فهل ستستوعب الدول التي تحجب بعض برامج الإتصال هذا الدرس؟! ،ستبقى التحليلات السياسية ووجهات النظر حول ما حدث وغيرها من الفنون الإعلامية التي ستظل لفترة حتى يأتي حدث آخر وقد يكون ابن أسامة بن لدن هو من سيدير الحدث القادم بعدما ظهر بتصريح للثأئر من أجل أبيه ربما!! لا أحد يمكن أن يجزم في السياسة !!
كمتابعة لما حدث عبر شاشات التلفزيون المحايدة والحسابات الرسمية في مواقع التواصل الإجتماعي نظرت للموضوع من زاوية مختلفة بعيداً عن السياسة وهو أن تركيا نجحت في التسويق لنفسها عالمياً مستخدمة بذلك وسائل بسيطة لم يكن يحسب لها حساب حينما ظهرت ولكن تأثيرها يمكن قرأته مؤخراً ، فالإنقلاب على الرغم من أنه سياسي عسكري إلا أن شريحة كبيرة من المجتمعات تفاعلت مع الموضوع ومنهم فئة كبيرة من المراهقين ومحبي الإنتاج الدرامي التركي فمتابعتهم للحدث وتأثرهم بما حدث ليس من باب الإهتمام بالحدث نفسه بكثر ما أن تركيا أصبحت تعني لهم الممثلين ، أسلوب العيش ، الأكل ، البوظة التركية والحلاق التركي والسياحة السنوية فمن لا يفكر اليوم بأن تكون تركيا وجهتهُ السياحية؟!!
من لا يعرف اليوم نور ومهند وقصر عبود أفندي المطل على مضيق البسفور والذي دارت أحداث المسلسل فيه والجسر الذي يربط الجانب الآسيوي بالجانب الأوربي حتى المدن التي لم يكن لها ظهور عالمي أصبحت اليوم من المدن الشهيرة (أزمير ، أنقرة ،يلوا ،طرابزون وغيرها من المدن التركية) وغيرها من التفاصيل التي غزت البيوت وأستدرجت العالم إلى ذلك البلد العثماني ، ومن المسلسلات أستدرج المشاهد لتجربة الأكل التركي فمحلياً ظهرت الكثير من المطاعم التركية والكلمة التسويقة لجذب الزبائن (مطعم تركي) هذا الكلمات كافية بأن تحشد الزبائن على المطعم لعيش تجربة مختلفة عن الأكل اللبناني والهندي الذي ذاع سيطة في فترة من الفترات وصولاً للحلويات والبوظة التركية التي تقدم بشكل مختلف ومغري، المجتمعات الخليجية أصبحت وجهة للاستثمار التركي وهو استثمار مربح كون قاعدتة الإنتاج الدرامي وهذا ما لم يكن يعيه المشاهد الخليجي أو العربي بشكل عام . إلى جانب الإنتاج الدرامي والمأكولات أستطاع الحلاق التركي أن يبعد الحلاق الهندي عن الساحة فمجرد ما يكتب على اللائحة الخارجية حلاق تركي جذب الزبائن إليه وإن كان فرق السعر أعلى عن الحلاق الهندي لكن الجانب السسيولوجي الذي لعبته المسلسلات وأن كان بشكل غير مباشر نجح في التسويق لجودة المنتج التركي بكافة أشكاله ونجح أيضاً في التسويق لخدمات أخرى للعناية بالجسم كانت غير متقبلة للرجل ومحصورة للنساء فقط لكن من أراد أن تكون بشرته بصفاء بشرة الممثلين الأتراك فليقدم تنازلات من أجل الجمال ، ومن الحلاق توجه الرجال إلى تركيا لزراعة الشعر وحل مشكلة الصلع التي لازمت البعض لسنوات ليظهروا بشكل مختلف يسمح لهم السفر من دون إرتداء القبعة ، أنتهاءً بالمشاركة السياسية وما يستجد في تركيا من أحداث.
فهل ستستفيد الجهات المعنية محلياً من هذه التجربة بإستغلال الإنتاج الدرامي من أجل الجذب السياحي والإقتصادي والاستثمار بمختلف أنواعه ؟!! ربما

خولة بنت سلطان الحوسني
@sahaf03



الثلاثاء، 26 يوليو 2016

يوليو الذكريات





صوتاً للنهضة نادى 
هبوا جمعاً وفرادى 
قابوس للمجد تبادى
فبنوا معه الأمجاد
يا أبناء عمان الأجواد ...
هذه الكلمات كانت دائماً تصدح عند نهاية طابور المدرسة معلنةً الوقت بالدخول للصف بعد أداء طابور الظهيرة حيث كانت بداية يومنا الدراسي ، لم تكن مجرد كلمات عابرة بل كانت تغرس حب الولاء والإنتماء بعد النشيد السلطاني الذي كنا نردده يومياً بكل إخلاص ، كانت الأصوات تتنافس آياها سيكون الأعلى وكأنها تريد أن تصل بتلك الرسالة لباني النهضة معلنة الوفاء والإنتماء للأب القائد الذي نشاهده في الصورة المعلقة على الحائط الأمامي للصف الدراسي وفي الصفحة الأولى من كل كتاب فقد كان جلالتة مرافقاً لنا في المسيرة التعليمية حاثاً على الجهد والمثابرة من أجل الوطن الذي وضع لبنات بناءه ووفر أدوات البناء ليكمل أبناءه تشيده من أجل الشعور بأن هذا الوطن ترعرع بعرق جبينهم وبالتالي لابد من المحافظة عليه وصونة من الضياع .
غرس روح الولاء والإنتماء من أجل البناء كانت عملية ناجحة بكل المقاييس وليس أدل على ذلك أكثر من ردة الأطفال التلقائية ، ففي أيام الطفولة كنا نتنافس على المشاركة في الاحتفال بالأعياد الوطنية واختيار أفضل الملابس لإرتدائها في ذلك اليوم ، كانت المدرسة تتأهب قبل أسابيع نرقص ونغني حاملين صور جلالة السلطان نختلف على الأماكن فالجميع يود أن يكون في بداية صف العارضين حتى يشاهدنا أهالينا ونحن نشارك بالعرس الوطني ، نُزيّن المدرسة نرفع الأعلام تملىء صور جلالتة الجدران ، بتلك الإماكانيات البسيطة التي كانت متوفرها تلك الفترة كنا قادرين أن نصنع الفرح ونبتهج ونشارك عمان أعيادها الوطنية ، بسجادة تفرش في ساحة الطابور المدرسي تقام العروض وبكراسي الصفوف الخشبية تنظم أماكن الحضور وبصوت المسجل الصغير تشغل الأغاني التي لا يكاد يسمعها إلا المشاركين في تقديم العروض ولكن الكل كان فرح ، كانت معظم الأغاني والأناشيد مأخوذة من حفلات الأعياد الوطنية السابقة فكنا نقلد نفس الرقصات إلا في عام 1990م حيث العيد الوطني العشرين وهو العام الذي بثت فيه أنشودة يا طيرة طيري للشاعرة الأديبة سعيدة خاطر حيث كانت هذه الأنشودة طفرة على مستوى الأناشيد التي كانت تنشد في الأعياد الوطنية فشدت الأطفال وتعلمناها بسرعة وأديناها في عيد نفس العام الذي عرضت فيه وكررناها في إحتفالات أكثر من عام تالية .
كان حفل العيد الوطني مناسبة لتجتمع كل العائلة في مكان واحد لمشاهدة الحفل الذي يبث في التلفزيون من مسقط ننتظر بلهفة أن تلتقط الكاميرا أحدى الأقارب المشاركين ،وكنا حريصين على مشاهد إعادة العروض الطلابية نقضي ساعات نشاهدها لحفظ الحركات للعروض التي سنقدمها في المدرسة وأحياناً تضاف بعض الحركات التي تصممها معلمة التربية الرياضية المصرية الجنسية والتي تشارك في الحفل وكأنها تحتفل بعيد بلدها كانت دقيقة وحريصة على أداء كل الحركات بإتقان . في الحفل كانت الأجواء مليئة بالفرح في أي عيد وطني يمر علينا وما زالت ولكن اختلفتالطريقة فكل جيل له طريقته الخاصة بالاحتفال .
اليوم يحتفلون في وسائل التواصل الإجتماعي يتسابق الجميع لكتابة الخواطر وتصوير السلفي بملابس وتقليعات خاصة بالأعياد الوطنية كتزيين السيارات وتصميم ملابس تحمل ألوان علم السلطنة وصور صاحب الجلالة أوشحة وغيرها من صرعات الموضة التي تعد خصيصاً بهذه المناسبة يتسابق الناس في التغريد في تويتر ليصل صوتهم للقائد الأب وتنشيء أوسمة (هاشتاجات) للمناسبة حسب تفكير وطريقة الجيل الحالي في التعبير عن فرحته.
في السنتين الآخيرتين أضيفت لتقويم أعيادنا الوطنية مناسبتين الأولى عند رجوع جلالة السلطان المعظم من العلاج فتحولت البلد من حالة الإنتظار إلى حالة من الفرح وعمت البهجة والأهازيج البلاد والتي دامت لأشهر ، أما المناسبة الثانية عند عودة جلالتة من الرحلة الثانية حيث لم يثني شوق الشعب لتتبع سير الطائرة الميمون في الجو عبر برامج خاصة منذ إقلاع الطائرة إلى أن حلت بسلام في مدرج المطار وتسابقت عدسات الكاميرات لإلتقاط عملية الهبوط من أسطح منازلهم وهناك من وقف على الجسور وآخرين بالقرب من جدران المطار وأصطفت مجموعة أخرى منتظرة خروجة لِتفرح عينها وتبهج قلبها ، كل ذلك كان ينقل لحظة بلحظة وسنتذكره كل عام وسترتفع أيدينا بالدعاء ليطيل الله في عمرنا مولانا ويديمه تاجاً على رؤوسنا. 
الكلمات وأن زاد عددها تظل قاصرة عن التعبير عن ما يجلول من حب وولاء وعرفان في كل بيت عماني فمن أسس بلده على العدالة وإبادة الظلم وكرس وقته من أجل بناءها ورعاية مواطنيها فما يشاهدها اليوم من ردة فعل الشعب الممتلئة بالحب والرضاء والدعاء له في كل صغيرة وكبيرة فهو أمر متوقع ، دمت سيدي تاجاً على رؤوسنا شافقاً على الصغير وعافي عن الكبير ومنصفاً كما عهدناك دائماً وابداً.
خولة بنت سلطان الحوسني 

صورة المقال المنشور في مجلة الحرس بمناسبة 23 يوليو