الاثنين، 27 نوفمبر 2017

لو لم أكن ملكاً..




على الرغم من أنها اسمى المهن وأفضلها كيف لا ؟ وهي مهنة قيادة الأجيال وسلاح القضاء على الأمية والجهل منها تتأسس وتصقل العقول وتخرج المهن الأخرى بسببها أنخفضت نسبة الأمية لأكثر من 85% حتى نهاية 2016م  لكنها قصفت حتى أصبحت ضعيفة وباتت لمن يبحث عن عمل يآوية أو لرضاء رغبة ولي الأمر ، والضحية أجيال يتم تحضيرها للمستقبل ولكم أن تتخيلوا النتيجة التي أصبح بعض معالمها واضحة اليوم ، وفي كل الأحوال الاستثناءات موجودة ولكن الوضع العام لهذه المهنة أصبح منفر وهذه قراءة للوضع تمت لفترة طويلة وكانت هذه خلاصتها ، والوضع شمل كثير من الدول العربية وليس محلياً فقط وهنا يمكن القول أن المجتمع والمعلم نفسه والمؤسسات المعنية هي من أوصلت بهذه المهنة لهذا الوضع .
البداية من المجتمع ففي وقت من الأوقات تحولت من مهنة إلى مجرد وظيفة تناسب الأنثى كون المدارس في ذلك الوقت غير مختلطة سواء كموظفين أو طلبة كما أنها كانت وظيفة مضمونة فما أن تدخل البنت كلية التربية تخرج لتتوظف في أحدى المدارس مباشرةً وبالتالي لم يتردد الكثيرين لإرسال بناتهم لدارسة التربية كما أن الإجازة أيضاً من مغريات الوظيفة وبالتالي من له رغبة في هذه الوظيفة أم لا فكان خياره الأمثل بغض النظر عن الميول ، هذا ما جعلها تأخذ منحنى آخر آثرت على أجيال المعلمين اللاحقة .
من ناحية أولياء الأمور أو الأسرة فهي جعلت من المعلم مجرد وسيلة للحصول على المعلومة وبالتالي فأن عمله أقتصر على هذا الدور ونسف الجانب الآخر وهو التربية مع أنهما شيئين مقترنين ببعضهما البعض فهو المربي أولاً والمعلم ، ففي عصر التقنية من السهل الحصول على المعلومة ولكن ليس من السهل الحصول عليها مقرونة بالتربية ، لكن ما نشيء عليه جيل اليوم بأن المعلم موظف يؤدي عمله الذي يتقاضى عليه راتب نهاية كل شهر وليس من حقه أن يمارس أي دور سلطوي أو تربوي وبالتالي فقد هيبته التي كانت ينحني لها كل من تعلم حرفاً على يده ، ولبعض المعلمين دور في ذلك حتى لم يعد يصلح ليكون القدوة التي يحتذي بها الطلبة سواء من ناحية المنظر العام أو حتى المعلومات التي يمتلكها ولم يحدثها لسنوات فالطالب قد يكون لديه معلومات أحدث من المعلم الذي أكتفى بما درسه في الجامعة فقط ولم يكلف نفسه تحديث تلك المعلومات وهناك من تخرج بمستوى لا يؤهله للوقوف أمام الطلبة ولكن هي الأقدار التي جعلت منه مربي الأجيال ، أصبح البعض ينهمك في استخدام هاتفه اثناء الحصة الدراسية متناسياً أنه منع الطلبة من استخدامه لأنه ملهاه عن التركيز ، بيئة العمل تحولت في بعض المدارس إلى أماكن لتبادل الأخبار والأكل والبيع ، فماذا يتوقع من الطالب وهو يشاهد تلك الأجواء في بيئة مخصصة لتلقي العلم والمعرفة .
تكالبت الظروف على قائد الأجيال وغاب التحفيز من الجهات المعنية وقل الإنتاج وزادت الإتكالية فمن وجد مجالاً آخر تشبث به ومن لم يجد أخذ يعد السنوات التي ستوصله للتقاعد ، وهناك من يحب المهنة فأكمل فيها بحب بغض النظر عن البيئة التي تكونت حوليه فهذا شخص يؤمن بأن القيادة هو من يصنعها لنفسها وبشخصيتة سيكون قادراً على قيادة جيل بكل سلام للمستقبل غاضاً النظر عن كل ما قد يؤثر عليه.
صناعة جيل جديد من المعلمين يؤمن بأهمية هذه المهنة ليس بتلك الصعوبة ولكن دور المجتمع والأسرة بشكل خاص والجهات الحكومية المعنية عليها دور كبير في ذلك بتغير ثقافة المعلم الموظف وإعادتها إلى سابق عهدها حيث المدرس المربي والطالب الابن .
(لو لم أكن ملكاً لوددت لو كنت معلماً) مقوله للملك فيصل بن عبدالعزيز رحمة الله عليه فكلاهما (الملك والتعليم) قيادة لجيل والمسئوليات تتقارب ، لذلك كما توجد لرؤساء الدول متاحف تعرض سيرتهم هناك متاحف للمعلمين أيضاً كما هو متحف هونج كونج التعليمي الذي يعرض سيرة أفضل المعلمين على مر التاريخ وحياتهم داخل المدارس ، كما خصصت حكومت دبي جائزة سنوية عالمية لأفضل معلم ، وكذلك الأمم المتحدة تحتفل بيوم المعلم في 5 أكتوبر للأحتفال بالمعلم .
يقول أحمد شوقي :
أعَلِمتَ أشرفَ او أجل من الذي
يبني ويُنشئُ أنفساً وعقولا
سُبحانكَ اللهم خيرَ معلمٍ
 علّمتِ بالقلمِ القرونَ الأولى

المقال في مجلة تكوين


الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

قمر الدين

ترك بلاده وهو في سن المراهقة لديه من التعليم ما يمكنه من القراءة والكتابة فقط ، هدفه جمع المال لتحظى عائلته بحياة كريمة تتوفر لها متطلبات الحياة الأساسية لم يكن يمتلك من المهارات التي تمكنه من أداء أي عمل إلا كوب شاي الكرك الذي تعلمه من أمه التي كانت تعده له كل صباح هو وأخيه الأكبر الذي غادر قبله لإحدى البلدان العربية، إلا أن المال الذي كان يرسله اخوه لم يغط المصاريف التي تحتاجها الأم عندما دخلت في وعكة صحية فأجبرته الظروف إلى تركها بعد أن عثر على عمل يمكن أن يساعده أحد معارفه في تلك البلد لتعلم ولو مهارة بسيطة تجعله قادراً على مواصلة العمل وبالإصرار أصبح معلماً لمهنة الطبخ التي تعلمها بل أنه أصبح غير قادر على ترك عمان التي تربى فيها ونال من خيرها، فخلال فترة تواجده ارتبط بشريكة حياته وانجب منها البنات اللواتي أسماهن بمسميات بنات العائلة التي ما زال يعمل معها منذ 1985م فأصبح فرداً من العائلة يعتني بالأطفال ويهتم بشؤون المنزل ويعول عليه الكثير وعلى الرغم من كبر سنه إلا أنه لا يود فراق عائلته العمانية التي عاش معها أكثر من عائلته الهندية فهو يذهب فقط لحضور حفلات أعراس بناته اللواتي لم يمكث معهن إلا شهرين كل سنتين أو ثلاثة ويتلقين اتصالا منه مرة أو مرتين في الشهر فهو لا يجيد استخدام التقنية الحديثة التي يمكن أن تبقيه على اتصال دائم معهن بينما إذا ذهب في إجازة لا يمر عليه أسبوع دون أن يتواصل مع عائلته العمانية التي لا ينساها من الهدايا عندما يعود من إجازته، قمر الدين لم يطلب في يوم من الأيام زيادة في راتبه إلا إذا تفضلت عليه عائلته العمانية بذلك، يحزن لحزنها ويفرح لفرحها فأصبح غير قادر على فراقها بل أنه لا يستطيع أن يتأقلم مع عائلته الهندية فهو تربى على ثقافة العمانيين وعادتهم ولهجتهم العربية، يعرف من الأماكن محلياً ما لا يعرف في بلده، تكونت لديه من الخبرة والحكمة ما جعلت أبناء بلده يأتونه للاستشارة ، فرض إحترامه وأحترمه الجميع.
قصة قمر الدين ليست غريبة على كثير من العمانيين الذين عرفوا قصصا مشابهة من الوفاء والولاء من اليد العاملة الوافدة، وحسن المعاملة سبب أساسي لذلك إضافة إلى الحاجة التي تجعل مثل هؤلاء يتعايشون مع أي ظرف يوضعون فيه حتى يصبح ذلك الوضع جزءا من حياتهم الذي لا يمكن أن ينفصلوا عنه ، ذكرت هذه القصة بعدما أصبح الكثير من المواضيع والقضايا بشقها السلبي ترمى على الوافد وكما يقال السيئة تعم فكان من الواجب أن نذكر بأن هناك نماذج كان لها الأثر الطيب في حياة الكثير منا باختلاف المهن التي امتهنوها (طباخ ، مزارع ، تاجر ، مربي ، سائق …) وغيرها الكثير فهم لهم دور لا يمكن أن ننكره وما زال الاعتماد عليهم في بعض المهن وأن قل وجودهم في بعضها.
وهناك بعض الحالات عانت قسوة العيش ولكنها صبرت مقابل مبلغ بسيط قد لا يكفي لشراء غرض واحد في بعض المحلات ويتم التعامل معهم كالآلة التي يجب أن لا تتوقف عن العمل من الصباح الباكر حتى يأتي موعد النوم في وقت متأخر وهكذا دون مراعاة لمكان السكن الذي قد لا تتوفر فيه ضروريات الحياة ولكن مع ذلك هناك من يقاوم ويستمر من أجل الحياة وأن كانت على حساب الإنسانية.
حياتنا تحتاج إلى الرفق واللين ابتداءً بأنفسنا ومن حولنا وخاصة من ضحى بالكثير فالدهر يومان يوماً نعيشه وآخر تحت التراب يقول الإمام الشافعي :
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف إلا الشمس والقمر

المقال المنشور في جريدة الوطن
رابط المقال : http://alwatan.com/details/208128


الأربعاء، 26 يوليو 2017

أليس في البلد غير هذا …




بينما كنت أتصفح أحد مواقع الصحف العربية عبر الإنترنت لفت انتباهي موضوع عن “تكرار الأشخاص” ولأني أتفق مع عنوان الموضوع توقفت لقراءته كان يتحدث عن الأشخاص الذي يظهرون في كل وسائل الإعلام منذ سنوات فتجد نفس الشخص يكتب مقالا في الجريدة ويحلل في التلفزيون ويستضاف في الإذاعة وهكذا ، وكأن كاتب الموضوع قرأ أفكاري فدائماً ما أتسأل من ظهور شخص معين في أكثر وسيلة إعلامية وكأن ليس هناك من يمكن أن يكتب أو يستضاف غيره ، فمنذ سنوات هو الاسم الأبرز ولكن من دون أي معلومة جديدة يمكن أن يقدمها للجمهور سواء أنه يملأ مساحات بعناوين مختلفة أو تجديد في المظهر بل إن بعضهم لا يكلف نفسه التجديد مخصصا رف في خزانته للبس اللقاءات .

الموضوع يحتمل تفسيرين مختلفين أو أكثر ولكن هذا ما وجدته بعدما كنت أتابع بعض المؤسسات الإعلامية وسبب لجوئها لشخص بعينه ، العتب الأول على الوسيلة التي لا يخلو فعلها من الكسل فهناك أشخاص جاهزين للظهور في أي وقت ومن فصيلة (محبي الظهور) وإن كان لا ناقة لهم ولا جمل بالموضوع وحتى لا تكلف المؤسسة نفسها أو بالأحرى ممن يتولون أمور التنسيق مع الضيوف أو الكُتّاب عناء البحث عن أشخاص جدد يستحقون الظهور يلجأون إلى نفس الأشخاص وكما يقال محلياً(مبرد رأسه) لا يتعب نفسه في البحث عن أسماء جديدة تطرح أفكارا مختلفة وتجدد في الرسالة ونجد النتيجة نفسها !!، إضافة إلى أن هؤلاء الأشخاص ممكن توجيههم لأي اتجاه بمعنى هم يغردون حسب سياسة المؤسسة إذن هم لا يملكون قناعات يبنون عليها أفكارهم وأطروحاتهم وتكون عقولهم مفتوحة لتقبل أي فكر لترجمته على ألسنتهم، في فترة من الفترات مثل هؤلاء الأشخاص يتقبلهم المجتمع ويتأثر بهم ولكن مع الانفتاح وتعدد وسائل النشر والتلقي ، أصبحوا مجرد أسماء لملء المساحات لا يمكن أن يجذبوا الجيل الحالي ولكن أكيد هناك من يصفق لهم وإلا ما كانوا ليستمروا بهذه الثقة منذ سنوات كما هو الحال مع الوسائل الإعلامية التي كان لها دور في ذلك.
أما الشخص المحب للظهور فقد حرق نفسه بما فيه الكفاية لأن الحديث في نفس المواضيع وفي نفس المناسبة وفي مختلف المؤسسات الإعلامية كيف يتوقع أن يتقبله المجتمع الذي أصبح متيقظا ومترصدا لأي معلومة قد تتكرر أو يعاد نشرها ويصبح لدى البعض في قائمة المنفردين لمتابعة تلك المؤسسة، وهنا لا يمكن نكران بعض الأسماء التي تنتقي متى تظهر وأين ولا تكرر نفسها في مناسبات بعينها وما إذا ظهرت فيكون لديها مخزون جديد من المعلومات تجبر المستمع أو القاريء لمتابعتها فهي تفرض نفسها إيجابياً بالتالي يحترمها الجمهور ويتابعها .
إذن السؤال الذي يتبادر للذهن لماذا لا يتم إعطاء الفرصة لجيل الشباب بحيث يكون هناك صف جديد مستعد للتعامل مع المؤسسسات الإعلامية بكل ثقة، فهناك جيل من الشباب يملك من الثقافة والمعلومة والحضور ما يؤهله للظهور على شاشات التلفاز وفي الإذاعة أو الصحف وهنا لا أقصد المواضيع التي عادةً يستضاف فيها الشباب وإنما كمحللين في مختلف المجالات أو نقاد أو متحدثين لجهات حكومية ولكن للأسف ما زال هناك من لا يثق بأن هذا الجيل قادر على أن يأخذ زمام الأمور ويوجهها في الاتجاه الصحيح للتطوير بما يتماشى وخدمة الوطن والمجتمع .
والشيء بالشيء يذكر في موضوع التكرار وفرص الشباب ولكن على صعيد الشركات فهناك بعض المؤسسات تلزم نفسها مع بعض الشركات من باب (تعودنا عليهم) والتي إما تكون انتهجت نفس خط الإنتاج لا تطور فيه ولا تحيد عنه فتتكرر هذه الشركات في نفس المناسبات والفعاليات وكأن ليس في البلد غيرها ولا عجب أن يكون النتاج مملا لأنه مكرر أمام الجمهور لسنوات وإن اختلف المحتوى لكن في نفس القالب، بينما هناك مئات الشركات الشبابية والتي قد يكون عملها أكثر تميز من تلك الشركة ولكن تبقى قضية بعض الأشخاص الذي يقفون عائق أمام التطوير أو من جانب لا داعي للبحث عن جديد.
يمكن إيجاز كلا الموضوعين في جملة (أليس في هذا البلد إلا هذا الولد).

الثلاثاء، 11 يوليو 2017

لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

في زحمة العيد الجميلة وبينما الكل منشغل بتأدية الواجبات الاجتماعية وإعداد وجبات الطعام المشتركة كان هناك مجموعة من البشر لا يتجاوز عمر أكبرهم ثلاثة عشر عاماً وأصغرهم ثلاث سنوات يحملون آخر طرازات الهواتف المحمولة، تجمعوا في زاوية من المجلس منهم من يلتقط الصور لوضعها في وسائل التواصل الاجتماعي وآخر يلعب لعبته المفضلة وآخر يحاور صديقه بالوتس آب، بينما الأهل ينعمون بالراحة فهم وفروا لأبنائهم ما يسليهم ويلهيهم عوضا عن تفادي الإزعاج المتكرر الذي قد يصدر من أحدهم .
لا أعتقد أن هناك من لا يعلم بأن هذه الأجهزة التي سلمت لتلك الأيادي البريئة قد تكون بداية لطريق الهلاك والدخول في متاهات ليس من السهل الخروج منها، ولكن هناك من يبرر بأن الأجهزة الإلكترونية أصبحت من ضروريات الحياة وحجبها عن الأطفال ليس لصالحهم، الكل ينطلق من أسباب يجدها صحيحة من وجهة نظره أو يحاول تبريرها وإلا ماذا يفعل جهاز في يد طفل لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات؟! إلا إهمال صريح (اشتري راحتي على حساب خراب أبنائي) ومن ثم يتعجبون من الجرائم الإلكترونية التي بدأت تزداد في الآونة الأخيرة على النطاق المحلي والتي كان ضحيتها من فئة المراهقين والأطفال حتى وصل بعضها إلى جرائم قتل واحتيال مالي بمبالغ كبيرة وغيرها من الجرائم التي كنا نشاهدها في الأخبار العالمية لكنها اليوم تحدث في مجتمعنا .
العالم الإلكتروني كالبحر ليس له أمان وفيه من يهوى الصيد وهناك الفريسة السهل اصطيادها، الفريسة عادة ما يهيئها الأهل للصيد وذلك بتوفير الأجهزة الإلكترونية لهم دون رقابة فيبحر الأبناء في هذا البحر الواسع وقد يضلون الطريق ويقع الفأس في الرأس لأن هناك من ترك أدوات صيده جاهزة لصيد مثل هذه الفرائس، كيف لا؟! وإذا كان أطفال ما زالوا يلقمون الطعام وأيديهم لا تفارق هذه الأجهزة…
أما الصياد فهو يستغل الثغرات التي توصله لفريسته كما أنه يلجأ لاستفزازها بعد أن يحصل على المعلومات التي يريدها وعادةً لا يخلو من الدهاء الإلكتروني فيصل لمبتغاه من دون أن تكشف هويته .
لمن يعتقد بأن التقنية ضرورة فهو ينطلق من منطلق بأن الغالبية العظمى لديهم أجهزة إلكترونية وبالتالي حرمان الطفل مما هو متوفر مع أصدقائه أو زملائه قد يولد لديه شعورا بالنقص وبأنه اختلاف غير مبرر وبالتالي يمكن تفادي ذلك بتوفيرها له، إضافة إلى أنها وسيلة تعليمية ومكتبة متنقلة وحرمانه منها يعني حرمانه من مصدر مهم من مصادر المعلومات، نعم هي كذلك ولكن لا يعني توفيرها من دون رقابة وفي كل الأوقات ودون مراعاة للسن واحتياجاته ، حتى وصل الأمر للبعض لتوفير شاشات للألعاب الإلكترونية في غرف نومهم فتجدهم يقضون ساعات طويلة في اللعب مع أشخاص مجهولين لا يعرفون هويتهم ولا هدفهم، كل ذلك من أجل أن ينعم الآباء والأمهات بجو مفعم بالهدوء وهم يشاهدون قنواتهم المفضلة في أجهزة التلفاز التي لا يزاحمهم عليها أبناؤهم والأهم من ذلك فهي وسيلة سريعة لتهدئة الطفل ما إذا بدأ بالبكاء !! يقول الله تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93). سورة الحجر.
أما الجانب الآخر والمتصيد للثغرات ومهما كانت نواياه الخبيثة فلن يكون قادراً على ارتكاب جريمته إذا كانت الأسوار الأسرية متينة وقادرة على صد أي هجمة قد تمس فلذات كبدها ، فالشر موجود ولا يمكن إنهاؤه لكن يمكن التصدي له لوقف زحفه وخاصة إذا كان المتضرر أغلى ما نملك.
إن هيئة تنظيم الاتصالات وبالتعاون مع عدد من الأجهزة الأمنية والمؤسسات المعنية بدأت بتنظيم حملات توعوية لتنبيه ولي الأمر بالدرجة الأولى ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام حول الجرائم الإلكترونية وكيف يمكن تفاديها والتعامل معها، ولكن يبقى الدور الأكبر على المؤسسة الأساسية وهي الأسرة وأن تعي أن الأجهزة الإلكترونية توفر جانبا ترفيهيا يمكن الاستغناء عنه بوسائل أكثر أمانا وإذا كانت من ضرورة لإعطاء الابن هاتفا محمولا يجب أن يكون أيضاً بحدود ، فلا تحولوا التقنية إلى سلاح تدميري داخل بيوتكم.
رابط المقال في جريدة الوطن : http://alwatan.com/details/204144 


الاثنين، 3 يوليو 2017

حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ

هناك من يعتقد أو أوهم نفسه بأن الدين مقتصر على أداء الشعائر الدينية فقط متناسياً بأن هناك أشياء كثيرة أمر بها الإسلام ونهى عنها وبترك الأولى وفعل الثانية قد يدخل في موضوع الحلال والحرام، ولكن عندما يوضع العقل في إطار ضيق يصعب عليه التفكير خارج ذلك الإطار لذلك يكون تفسيرهم للدين هو مظهر معين وأداء الفرائض فقط أما عدا ذلك فهو مسموح أو غير مرئي بالنسبة للبعض. ومن ضمن القائمة المحذوفة أو غير المرئية لدى فئة من الناس ثقافة العمل في رمضان والتي استبعدت عند الكثيرين رغم التزامهم الديني، فعلى سبيل المثال ومن واقع يشاهده الجميع في رمضان من أصل خمس ساعات يداوم ساعتين أو قد يتغيب عن عمله لأنه قضى ليلته في قيام الليل أو قراءة القرآن وبالتالي هو غير مستعد لاستقبال أي عمل يناط إليه فيأتي متثاقلاً لتسجيل حضور فقط، ونسى أن العمل أيضاً عبادة وبأن التبسم صدقة وأن الحركة بركة … (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) سورة الجمعة. وأما ردة فعل المسئول على هكذا نماذج تعتبر منافية لحرمات الشهر وغير مقبولة لأنها ثقافة على الجميع التعايش معها !!
وفي الجانب الآخر هناك من يستغل ليالي رمضان بكل ما تحمل من أجواء رمضانية ممتعة فيقضي وقته في المقاهي أو السهرات التي تستمر حتى آذان الفجر أو متابعة التلفاز أو غيرها من العادات الرمضانية المعروفة ولكن الاستمتاع بهذه الأجواء الجميلة لا يعني أن الوقت المخصص للعمل يتم قضاؤه في النوم أو الحضور في وقت متأخر والانصراف باكراً ، لأن هناك من ينتظر تخليص معاملته أو من قطع مسافة ليقابلك ، فوضع رمضان كحجر عثرة هو صفة المتخاذلين والمتقاعسين ، بل يتعمد كثيرو الأعذار على عدم الخروج في إجازة بحجة قصر فترة الدوام وبأن الغالبية العظمى يعيشون نفس الروتين خلال الشهر وبأن رمضان شهر التسامح لذلك على المسئول أن يتغاضى عن زلات الموظفين لأنه لا يأكل ولا يشرب خلال النهار وبالتالي ليس لديه طاقة للعمل وما أكثر الأعذار التي تطرأ طول العام وتتضاعف في الشهر الفضيل كما هي عدد المشاهدات في اليوتيوب، فبالإضافة إلى العدد الذي اعتاد على قضاء ساعات العمل لمشاهدة المسلسلات والبرامج خلال السنة يزيد العدد خلال رمضان لأن الأعمال الدرامية كثيرة والوقت غير كافٍ لمشاهدتها في المنزل وبالتالي وقت الدوام هو الأنسب وكذلك البحث عن وصفات الفطور لها نصيب من الوقت .
وبعيداً عن الدين وحتى لا أتهم بلعب دور الوصاية إلا أن ثقافة العمل بمنظورها السلبي في رمضان أصبحت حالة عامة فما أن يهل الشهر الفضيل تقل ساعات العمل ويقل العمل المنجز وكأنه شهر غير محسوب ضمن شهور السنة لذا من الأفضل أن يتم التقييم في نهاية السنة على أحد عشر شهراً حتى يتصف التقييم بالعدل قدر الإمكان .
رمضان من أفضل الشهور في تنمية ورفع مستوى الإنتاج وذلك لأنه يخلو من وقت مستقطع لتناول الوجبات أو التي قد تسبب خمولا كما أن فترة الدوام قصيرة ويمكن استغلالها استغلالاً أمثل ، كما انه من انسب الفترات لوضع الخطط فهي فترة تتمتع بصفاء الذهن وقلة الأحاديث الجانبية ، لذلك فإن ثقافة العمل السائدة خلال الشهر الفضيل يجب أن تغيرها ولا اقول هنا بضرورة تنظيم حملات توعية أو مشابهة بل هي ثقافة يمكن أن تتغير من الشخص نفسه وباقتناع تام فكثير من العادات والتصرفات جزء كبير نفسياً ما إذا تم اقتلاعها يتم العلاج (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد (11).

رباط المقال في جريدة الوطن: http://alwatan.com/details/202787



الثلاثاء، 23 مايو 2017

يا فرحة ما تمت

مشاهد اعتدنا مشاهدتها بعد كل اختبار نهائي والشارع هو أول الشهود وأول المتضررين وعلى الرغم من أن الرسائل التحذيرية بدأت هذا الفصل في وقت مبكر حتى لا يتكرر المشهد إلا أن هناك طلبة يعبرون عن فرحتهم بهكذا تصرفات فيتخلصون من عبء عام دراسي بتمزيق الكتب والأوراق ورميها على الطريق وبذلك يعلنون حريتهم من الصف الدراسي ووصاية المدرسين التي تبدأ تدريجياً من أول اختبار وصولاً إلى آخر اختبار. بالنسبة للطلبة قد لا يكون هذا الفعل أكثر من كونه ردة فعل نفسية تلقائية بينما من ينظر للفعل (غير الطلبة) يعتبره خاليا من الأخلاق ولابد من المحاسبة للردع، أما الطرف الثالث والذي عليه تحمل نتائج تلك التصرفات وهو عامل النظافة الذي سيجبر على تنظيف المكان في هذه الأجواء الحارة والشمس الحارقة ينحني لالتقاط الأوراق المليئة بالمعلومات والأسئلة ولو كان يعرف قيمتها ويفهم لغتها لما تركها في كيس القمامة ولكن الجهل ذليل .
فعلياً لم يفكر من اقترفوا هذا الفعل المشين بمن سيأتي لالتقاط تلك الأوراق ولم يتعد تفكيرهم حدود الاستمتاع باللحظة وإلا ما كان من يكتب ويتداول الرسائل التوعوية عن هكذا تصرفات قد أقدم على هذا الفعل عندما كان في مرحلتهم السنية، بالطبع لا أحاول ان أبرر هذا التصرف ولكن فعلياً هناك تصرفات غير محسوبة نتائجها وقد يأتي الندم عليها في وقت متأخر، من جانب الطرف الثالث والذي سيقع عليه العبء وأعني بذلك عامل النظافة أو غيره من المحتاجين أصبحوا يستغلون تلك التصرفات لصالحهم حيث إن بعض شركات إعادة تدوير الورق تكثف نشاطها نهاية كل عام دراسي فيقوم بعض العمال بتسليم تلك الأوراق لتلك الشركات مقابل بعض المبالغ البسيطة أو حسب سياسة الشركة، في نهاية الأمر هناك مستفيد سواء من إعادة استغلال الورق أو من قام بتجميعها وتجميل المكان الذي رميت فيه، ومن الطبيعي أن تفكر عقولنا في مصيرهم بعد قضاء ساعات في تجميع الورق تحت أشعة الشمس القاسية وهذه طبيعة الروح البشرية المليئة بالرحمة، ويبقى للأسرة والمدرسة الدور التوجيهي قبل فترة الاختبارات أما العقاب فهو مستبعد من جهة المدرسة حفاظاً على خلق أجواء مستقرة هذه الفترة وقد يكون الدور الأكبر يقع على الأسرة التي يجب أن تختار الطريق الأسلم لإيقاف أبنائها عن هكذا تصرفات في هذه الفترة الحرجة.
****
منظر آخر لا يقل بشاعة عن المنظر السابق وهو مرتبط بالفرح بطريقة أو بأخرى . بجانب برميل القمامة توقفت الشاحنة أو (الداينا) كما تسمى محلياً وهي نوع من سيارات الدفع الرباعي تستخدم لتحميل الأغراض الكبيرة والثقيلة الحجم، امتلأت بالصناديق الكبيرة (الكراتين) والأكياس البلاستيكية الشفافة التي يبدو أنها استخدمت لتغطية أثاث جديد وبعد أن تركت الشاحنة كل ما هو جديد في المكان الذي أتت منه، اختار العمال أن يوجدوا عملاً إضافياً لعمال النظافة بدلاً من رمي القمامة في البرميل الذي توقفوا بجانبه رموا قمامتهم بجانب البرميل وكأن أيديهم ثقلت عن الرمي داخل البرميل الذي كان يقع بجانب انحناءة شارع فسدوا بذلك جزءا من الشارع فأصبح المجال مفتوحا لسيارة واحدة للمرور، أما السيارات الأخرى فعليها الانتظار، فازداد الزحام في مكان يزدحم كل صباح ولسان حال المارة يقول (الوضع لا يزداد …) ، وإلى جانب هذا التصرف غير المبرر كان المنظر أشبه بمردم نفايات داخل الشارع وسط منطقة سكنية ، يتكرر هذا الفعل بشكل يومي تقريباً ولا رادع لهم مع أن الرادع الأول هم الأشخاص أنفسهم لكن الطبع يغلب التطبع. دائماً ما يتم إلقاء اللوم على البلدية كونها الجهة المسئولة عن نظافة الأماكن العامة والتجميل ولكن قبل ذلك لماذا لا تتم المحافظة على المكان بدلاً من انتظار التنظيف الذي قد ينفد بعد أيام أو أسابيع ، حملات التوعية التقليدية لم تعد ذات تأثير فلابد من إيجاد بدائل أخرى يتم توعية المجتمع من خلالها بحيث تصبح ثقافة تتناقلها الأجيال.
رمضان على الأبواب فأرحموا من يقضون يومهم تحت أشعة الشمس وهم صيام، ولقاؤنا القادم بعد الشهر الفضيل إن شاء الله.

رابط المقال في جريدة الوطن : http://alwatan.com/details/195241
 

الثلاثاء، 16 مايو 2017

فيروس...أريد البكاء

مشا
انتشار الفيروسات في الأجسام البشرية والإلكترونية لم يعد بالشيء الغريب وبغض النظر عن الضرر الذي قد يسببه ذلك الفيروس إلا ان هناك رابحا كبيرا وقد يكون أحد المتسببين في هذه الفيروسات، فشركات الأدوية الكبرى التي توفر العلاج يمكن أن تكون سببا في انتشار بعض الفيروسات وأحياناً تكون فيروسات وهمية لكن تأثيرها النفسي والقوة الدعائية المصاحبة لها يجعل الإيمان بوجودها حقيقة يجب التعامل معها والقضاء عليها حيث تؤمن بعض الشركات الكبرى بمبدأ خلق الضرر للاستمرار والربح والأمر نفسه ينطبق على الأجهزة الإلكترونية التي لم تسلم هي أيضاً من الفيروسات التي يبتكرها البشر ونسبة كبيرة منها تخرج من الشركات المسيطرة على العالم الإلكتروني وخاصة شركات مكافحة الفيروس فهي تحتاج إلى سوق لتستمر وما إذا استمرت على فيروس واحد فإن سوقها سيكسد وبالتالي فإن خلق فيروسات جديدة يضمن لها الاستمرارية. وقد يكون فيروس الفدية الخبيثة من اخطر وأشد الفيروسات التي طالت العالم الإلكتروني في السنوات الأخيرة مستغلاً الجانب العاطفي في رسالة إلكترونية تحمل عنوان (أريد البكاء) وما ان يفتحها المستخدم حتى يسيطر الملف على جميع ملفاته طالباً الفدية لفك الشفرة.
وإذا ما وقفنا على هذا الموضوع من زاوية المستخدم فإنه يمكن القول إن هناك أسبابا كثيرة إلى جانب الأسباب السابقة جعلت للفيروسات الإلكترونية والهاكرز سوقاً واسعاً في الآونة الأخيرة ، وقد يكون أولها الشائعة حيث لعبت الشائعة دورا كبيرا في تعزيز هذا الجانب وخاصة مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي لها دور في انتشارها وبالتالي فإن الانتشار الكبير لها في وقت زمني قصير لا يتعدى الساعات وانتقالها ـ كما نشرها المصدر ـ يجعل نسبة التصديق بها كبيرة وبالتالي فهناك من يستغل هذه الشائعة ويخرج بطلاً من باب مكافحة الفيروس والقضاء عليه والتصدي له وإن كان الموضوع لا يتعدى بعض الخطوات البسيطة التي يملكها أي شخص تخصص في تقنية المعلومات والكمبيوتر .
كما انه من المعروف في عالم الهكرز أنه من يتقن هذه اللعبة هو شخص عبقري أو يملك نسبة جيدة من الذكاء بحيث يمكن أن يكون قادرا على أن يبحث عن الثغرات في بعض المواقع ويدخل من خلالها، وبالطبع فإن كمية المعلومات التي يوفرها الإنترنت جعل تعلم هذه الطرق من الأشياء السهلة نوعاً ما وخاصة للشباب الذي لديهم هوس الغور في أسبار الكمبيوتر وتعلم أسراره وبالأخص لغة البرمجة، لذلك من الملاحظ ان معظم الهاكرز من فئة الشباب وهم في ازدياد وقد يكون من أسباب ذلك أن بعض الهاكرز الذين قاموا بإختراقات لأنظمة أمنية عالمية لاقوا اهتماما كبيرا من منظمات ومؤسسات عالمية وتم توظيفهم في وظائف تضمن لهم مستقبلا زاهرا مالياً فكانت هذه نقطة محفزة للآخرين للخوض في هذا المجال بغض النظر عن نتائجة.
وبما أن العالم الإلكتروني أصبح يتضمن معلومات دول بأكملها سواء كانت معلومات أمنية أو اجتماعية أو عسكرية أو غيرها مما يمكن تخزينة إلكترونياً فإن نظام الحروب تطور وتوسع ليشمل الأنظمة الإلكترونية لذلك فإن هناك وظائف تم تخصيصها للهاكرز وهم يعملون كالأسحلة القاتلة تستخدم للحرب ضد بعض الدول فيتم اختراق أنظمتها وتدميرها أو استفزازها مقابل أجندة يتم وضعها من قِبل العدو وضررها لا يقل عن ضرر الحروب الواقعية فهي يمكن أن تدمر ما بنته الدول لسنوات كما أنها يمكن أن تكشف عن أسرار خطيرة والبوح بها لها أضرار جسيمة قد يكلف الدولة المليارات ويضر بسمعتها التي بنتها خلال قرون، إلى جانب الضرر الذي قد يشمل الجانب الثقافي والذي يعتبر ثروة مهمة لأي دولة فكما هو حرق الكتب يعتبر كارثة تاريخية كذلك هو الاختراق الإلكتروني للمؤسسات الثقافية والأدبية والتي تعتمد بالدرجة الأولى على الإنترنت في بث نتاجها الفكري والأدبي.
وتستغل بعض الشركات موسم الفيروس فتقوم ببث شائعات، فعلى سبيل المثال عندما انتشر فيروس الفدية الخبيثة منذ يومين قام أحد البنوك أو قد يكون أحد محبي بث الشائعات ببث شائعة مفادها بأن أجهزة السحب الآلي سيتم غلقها خلال ساعات تفادياً لحدوث أي اختراق ويفضل سحب المبالغ قبل إيقاف خدمة السحب الآلي، وبما أن هناك من هو بارع في اختلاق الشائعات والترويج لها وهناك من هو بارع في تلقيها وتصديقها فإنها انتشرت بسرعة وازدحمت أجهزة السحب الآلي الخاصة بذلك البنك (مصائب قوم عند قوماً فوائد).
وليس ذلك فحسب وبما أن الكثير من الأعمال أصبحت ترتبط بأنظمة إلكترونية وضرورة الاتصال بالإنترنت أصبح ضرورة حتمية لإنجاز العمل في كل المؤسسات الحكومية والخاصة فإن ظهور أي فيروس أصبح كالمرض القاتل ولا بد من الابتعاد عنه لتفادي الإصابة به والضرر منه وقد يكون تعطيل الإنترنت هو أحد الاحترازات التي تتخذها المؤسسات الحكومية فتتعطل بذلك الأعمال أو نسبة كبيرة منها كما حدث في الإجراءات التي اتخذتها بعض المؤسسات الحكومية في فيروس الفدية الخبيثة. ابتعدوا عمن يريد البكاء فقد يكون بكاؤه مدمراً.
رابط المقال في جريدة الوطن :


الجمعة، 12 مايو 2017

ربط التعليم العالي


وقف في منتصف المعرض بكاميرته المحمولة يبحث عن زوايا التصوير المناسبة لرؤيته الإخراجية ويستغل الفرصة فيسلم على من يمر أمامه بكل حب، فالشوق بدأ واضحاً على وجهه الطفولي، كان احد خريجي جامعة السلطان قابوس، فاستغل هذه الفرصة التي جمعت جميع جهات الجامعة في مكان واحد فأتى متطوعاً ليوثق هذه اللحظات ويختصر الوقت بأن يمر على كل كلياتها ومراكزها في أقل وقت ممكن ويلتقي بالوجوه التي علمته طيلة سنوات دراسته. كان هذا في معرض ربط مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان والذي استمر على مدى ثلاثة أيام، فاجتمعت مؤسسات التعليم العالي العام والخاص تحت سقف واحد لربط جميع هذه المؤسسات مع بعضها في خطوة إيجابية خطتها الجامعة من أجل أن تستفيد هذه المؤسسات من الخدمات التي تقدمها كل مؤسسة في مجالات مختلفة، حيث كانت فرصة جيدة لتتعرف كل مؤسسة على ما تقدمه المؤسسات الأخرى والالتقاء بالعاملين في بها والتحاور معهم والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، حيث تواجدت جميع كليات الجامعة ومراكزها البحثية والخدمية، إضافة إلى المحاضرات وحلقات العمل التي نظمت خلال أيام الفعالية.
يعتبر هذا الحدث نقطة مهمة في تاريخ الجامعة لأنها المرة الأولى التي تخرج فيه الجامعة لتقابل المجتمع خارج صرحها، ومن الجيد أن تستمر كأن تنظم كل سنتين بحيث يطّلع الناس على كل ما هو جديد في هذا الصرح العلمي الشامخ، وأن يكون محطة التقاء الخريجين بحيث تكون لهم منصة خاصة للتحاور والتشاور.
قد يبدو للبعض أن المعرض لن يقدم شيئا جديدا أو مميزا، فهو كغيره من المعارض الأخرى، وقد تستفيد منه شريحة معينة خاصة طلبة الدبلوم العام الباحثين عن القبول في الكليات والجامعات ولكن هذا ما لم يكن يهدف إليه المعرض فكما ذكرت في الأسطر السابقة أن الهدف هو الربط بين هذه المؤسسات وأعتقد أنه نجح في تحقيق هدفه بل كان فرصة ليتعرف العاملون في الجامعة على ما تقدمه الجهات الأخرى في جامعتهم وكيف يمكن أن يستفاد منها بشكل أو بآخر وخاصة الكليات العلمية التي تقدم معلومات دقيقة من خلال مختبراتها البحثية التي تعتبر طبيعة عملها مبهمة لغير المتخصصين فكان المجال في المعرض مفتوحا للتعرف عليها عن قرب وفك شفرة ذلك الإبهام ، كما قامت بعض الجهات باستغلال أيام المعرض بتقديم خدمات مجانية ككلية الطب والعلوم الصحية ومستشفى الجامعة وكذلك الاستفادة من التجمع الكبير بعمل استبيان، سواء عن الخدمات التي تقدمها كل جهة أو الاستبيانات البحثية، إضافة إلى محطة التبرع بالدم التابعة لبنك الدم الجامعي.
ولكن هذه الفعالية ـ التي خرجت فيها الجامعة بشكل عام للمجتمع الخارجي بصحبة مؤسسات التعليم العالي الخاصة ـ لم تحظ بذلك الحضور الذي تستحقه وإن كان الإقبال عليه يعتبر جيداً، قد يكون الوقت هو السبب الرئيسي في ذلك فمعظم الجامعات والكليات في مرحلة الاختبارات وتسليم المشاريع النهائية وهذا يعتبر وقتا حرجا للطلبة، كذلك بالنسبة لطلبة المدارس وأولياء الأمور المرابطين مع أبنائهم في هذه المرحلة وهذه هي الشريحة الكبيرة في المجتمع وغيابها يشكل فرقا في كمية الحضور ولكن هذا لا يعني أنها نقطة سلبية للفعالية حيث إن الجهات المعنية كانت حاضرة واستفادت من تواجد جميع المؤسسات في نفس المكان والزمان.
وتبقى الأسئلة التي اختمرت في أذهان جميع المشاركين وهو ماذا بعد هذا الربط؟! هل ستكتفي الجامعة بجمع هذه المؤسسات تحت سقف واحد للاستفادة والإفادة أم أن المجال سيصبح مفتوحاً بحيث تستفيد الكليات والجامعات الخاصة أو الحكومية من الخدمات التي تقدمها جامعة السلطان قابوس، وهل سيكون العكس أيضاً ، هل يمكن اعتبار هذه الفعالية خطوة لتخطي الأزمة المالية بحيث ستوجد الجامعة دخلا مقابل ما ستقدمه من خدمات للمجتمع والمؤسسات الأخرى ؟ هل سيتاح المجال للطلبة في تلك المؤسسات للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجامعة لطلبتها ؟ وهل سيفتح المجال للباحثين من خارج الجامعة ؟! ليس من السهل التكهن بإجابات عن هذه الأسئلة ولكن أدرجتها هنا لأنه تكرر طرحها من قِبل المشاركين والزائرين ولكن الوقت كفيل بأن يزيل ذلك الغموض لدى البعض خاصة من يرى بأن هذه الفعالية استثنائية للجامعة وينتهي تأثيرها بانتهاء المعرض.

رابط المقال في جريدة الوطن:


الأربعاء، 3 مايو 2017

الفاشنيستا

هذه هي المرة السابعة التي أكتب فيها هذا السطر على أمل ألا أحذفه وذلك بسبب التردد عن الكتابة في الموضوع الذي أود الحديث عنه. وعلى الرغم من أنه ليس بالموضوع الجديد وقد لا يحمل فكرة جديدة ولا تحتاج لجرأة لطرحها ولكن لأنه يخص شريحة كبيرة من المجتمع وهي شريحة الشباب والتي تعادل ما نسبته تقريباً 30% من نسبة السكان حسب إحصاءات 2015، والتي أصبح عدد كبير منها داخلا في التقليعة الجديدة والتي تسمى (الفاشنيستا) وحسب الدارج تعني المشاهير في برنامجي السناب شات والانستجرام. وبما أني حديثة العهد بهاتين الوسيلتين فقد شدتني بعض الملاحظات وأود أن أتشارك وإياكم وأرى أن بعضها يحتاج إلى وقفة جدية من الجهات المسئولة لأنها طريق للهلاك وبالأخص أن المراهقين والشباب هم الفئة الغالبة في هذه التقليعة.
إن الفاشنيستا هم أشخاص بدأوا عن طريق الانستجرام ولكثرة ظهورهم وما يتحدثون عنه من مواضيع “تجارية” أصبح لهم متابعون كثر وصنفوا على أساس أنهم مشاهير في هذه الوسائل. بعدها انتقل الكثير منهم لبرنامج السناب شات وذلك قبل أن يبدأ الانستجرام بإدخال تصوير الفيديو. إن معظم المواضيع التي يتم الحديث عنها هي مواضيع تجارية كالترويج للمحلات والبضائع والمكياج والمطاعم والوجهات السياحية والمعارض وغيرها الكثير فتطور الموضوع ليصبح تجارة مربحة يعتمد عليها البعض اعتماداً كلياً في دخله فهي كالعمل يمارسها بكل احترافية والبعض الآخر كونت له دخلا إضافيا، كما ان هذه الفئة أصبح لها شأن في المجتمع كونهم “فاشنيستا” فصارت تأتيهم دعوات لمناسبات وفعاليات مهمة فهم رعاة لتلك المناسبات أو ضيوف شرف. وتطور الأمر لدى البعض فأصبحت شهرته عالمية من خلال تلبية دعوات من خارج بلدانهم لحضور معارض والترويج لها بل تعدى الأمر ليشمل الجانب الحكومي الذي استغل الشهرة الواسعة للبعض للتسويق للدولة من خلال التركيز على الأماكن السياحية بها، لذا فهي وسيلة جيدة للدعاية والإعلان ولا تكلف الكثير من الجهد، أما التكاليف المادية فهي تعتمد على شهرة (الفاشنيستا) فهناك من يتقاضى حسب الدقيقة وهناك من يتقاضى حسب الساعة وهكذا وكل له سعره وهذا هو الجانب الإيجابي حتى الآن.
ولكن هذه الشريحة استطاعت أن تحول المجتمع إلى مجتمع غير صحي ومستهلك بالدرجة الأولى فهي إما تعيش في الأسواق أو المطاعم والمقاهي أو توصيل أصناف الطعام إلى المنزل بغض النظر عن جودة الطعام ومذاقه وذلك كله من أجل الدعاية فأصبح الناس يتابعون المطاعم التي يتم الترويج لها وتنتهج نفس أسلوب الحياة رغبة في دخول هذا العالم أو كنوع من المباهاة بارتياد المطعم الذي تحدثت عنه فلانة أو فلان وبذلك يتضح أن هناك تغيرا في أسلوب الحياة في المجتمع بهجر الوجبات المنزلية وإحلال وجبات المقاهي والمطاعم بدلا عنها وجعل الهاتف بديلا عن اللمة العائلية فهم يأكلون في السناب شات ويتحدثون معه عن مذاق الطعام ويقنعون المشاهد بضرورة تجربة أصناف الطعام في ذلك المطعم.
كما أن هذه الفئة كسرت حاجز الخصوصية في الحياة فهناك كثير منهم من يظهر للحديث من بيته ومن غرفة نومه وبملابس البيت أو حتى النوم بمعنى أن أصبحت حياتهم الخاصة مكشوفة للعالم وهناك من فهمها على أنها حرية شخصية ولكن للحرية حدود ويجب أن أتوقف عن استغلالها إذا سيكون لها تأثير سلبي على متابعيني مما اتخذوا من تلك الشخصية قدوة وأصبحوا يطبقون جميع ما يشاهدونه على حياتهم وخاصة المراهقين فهم في وضع استقبال السلوك والتصرفات وقد يفهم أن ما يشاهدونه هو الصح وليس مجرد حالات استثنائية هدفها إما الشهرة أو التجارة.
أما النقطة المهمة والتي تحتاج إلى وقفة جدية من الجهات المسئولة أن بعض هؤلاء “الفاشنيستا” يستخدمون برامج التواصل وهم يقودون سيارتهم سواء بالحديث مع متابعينهم أو تصوير المناظر في الطريق أو غيرها من اللقطات الأخرى التي لا تستدعي استخدام الهاتف أثناء السياقة بل أن هناك من وصل بهم البعض إلى الحديث مع معجبيهم من خلال نوافذ السيارات وهم في الطريق ، فأي رسالة يحاولون إيصالها من خلال هذه التصرفات؟ وكم من الشباب الذين يقلدون تصرفاتهم هذه؟ أليست هذه مخالفة على الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات حيالها؟ وإلا لوجدنا أنفسنا أمام كارثة حقيقية ضحيتها هؤلاء ومن يحذون حذوهم .
الفاشنيستا صوروا الحياة على أنها أكل وشرب وملبس وإكسسوارات ومكياج وغيرها من السلع التي عرف بها هؤلاء الفاشنيستا وكأن في الحياة لا شيء يستحق الاهتمام والتركيز به غير هذا.
هنا أتحدث عن الشائع ولكن الاستثناءات موجودة وهناك من وضع لنفسه حدودا واستغل هذه الوسائل بطريقة منظمة وفي إطار احترام ثقافة المجتمع، فهم قدوة حقيقية، تجاوزوا عثرات الآخرين وكان استغلالهم للوسائل بطريقة تبث الإيجابية بطريقة آمنة.

رابط المقال في جريدة الوطن :

الاثنين، 24 أبريل 2017

مشاريع تبحث عن سكن


الأولى أن نوفر أماكن لمكاتب الموظفين بعدها يمكن أن نوفر أماكن للمشاريع التي تنتهي بإنتهاء العمل فيها كانت هذه إجابة لسؤال ظهر في حوار غير رسمي بأحدى الكليات التي أبتكر طلابها عدد من المشاريع التي كان لها سيط عالمي وذلك من خلال مشاركتها في مسابقات عالمية ومحققة بذلك مراكز متقدمة كالغواصة (سلطانة) بنسخها الثلاث والسيارة الشمسية وغيرها من المشاريع الطلابية التي تعتبر فخر لكلية الهندسة والجامعة بشكل عام ، حيث أبدع الطلاب في صقل ما تعلموه في تلك المشاريع المستقبلية والأمر نفسة ينطبع على الكليات الأخرى في الجامعة والتي كان لطلبتها بصمة رائعة في مشاريع التخرج ولكن أين تلك المشاريع اليوم؟ لماذا لم يخصص لها معرض دائم بإمكان الزائر الإطلاع عليها والأستفادة منها كذلك تكون بمثابة تحفيز للطلبة لبذل جهود مماثلة وأكثر تطويراً ، حيث أن عدم الإهتمام بمشاريع من سبقوهم سيضعف من عزيمتهم ويشعرهم بأنها تنتهي بمجرد تخرجهم ، فالكثير منها أهملت ولم تخصص لها اماكن لتخزينها فأصبحت عديمة الفائدة .
قد يكون إنشاء معرض عام يحتضن كل المشاريع المتميزة فكرة ليس من السهل تنفيذها خاصة في الوقت الحالي والأزمة الإقتصادية التي جعلت التركيز على الأهم فالمهم ولكن بالإمكان إستغلال قاعات الإستقبال في مداخل الكليات وبعض الأماكن العامه وعلى أطراف الممرات والطرق في الجامعة بحيث تبرز هذه المشاريع لتكون شاهد على إبداع جيل تخرج جيل قادر على العطاء بكل إحترافية وبمواصفات عالمية .
تقوم بعض الجامعات بعمل معارض متنقلة لمشاريع طلابها بحيث تشرك المجتمع بما أنجزة الطلبة من نتاج في فترة دراستهم ، فعلى المستوى المحلي من الممكن تخصيص فترة لكل محافظة يتم فيها عرض تلك المشاريع في صالات مفتوحة للعامة بذلك يتيح للمجتمع وأولياء الأمور التعرف عن قرب على ما أنتجه أبنائهم فترة دراستهم كما أنه يعتبر حافز معنوي للخريج وهو يرى مشروعه يجوب عمان ، وسيكون ذلك شرارة الإنطلاق إلى ميدان العمل بكل تفاني وإخلاص.  
وبما أن مستوى الطلبة هو المقياس الرئيسي الذي يقاس به مستوى الجامعة التعليمي والعلمي فهذه المشاريع الطلابية هي جزء من ذلك المقياس وبأن ما تصدره من عقول قادرة على تقديم ما أفضل ما لديها من أفكار ورؤى وإبتكار وذلك من خلال ما تقدمه لطلبتها سواء من جودة التعليم ودعم للإبتكار والإبداع وتوفير البيئة والمناخ المناسب لذلك إلى جانب توفير الادوات التي تساعد على تنفيذ مشاريعهم بإحترافية إضافة إلى الدعم المعنوي وكذلك الإعلامي .
فكم من المشاريع المميزة التي نفذت ولكنها أختفت بتخرج الطلبة الذين نفذوها ، ونتمنى ان يكون هناك إهتمام بالمشاريع القادمة بتخصيص أماكن لحفظها من التلف وكذلك إبرازها للمجتمع لتعم الفائدة.

المقال المنشور في ملحق أنوار 






الأحد، 23 أبريل 2017

العذر الطبي

بما أن الحكومة تتجه لأن تكون إلكترونية وقد قطعت شوطاً لا بأس فيه في هذا المجال على الرغم من أن هناك بعض المعاملات وإن أنجزت إلكترويناً إلا أنها تحتاج إلى مراجعات للجهات ذات الصلة فتأتي النتيجة عكس المتوقع سواء من حيث الوقت والجهد وتفادي الازدحام وغيرها من الأمور التي من المفترض أن تلغيها التقنية. ولكن في بعض المعاملات إلى جانب استخدام التقنية يتطلب الأمر الحضور شخصياً لسبب أو لآخر فيكون الوقت مضاعفا وبالتالي استخدام التقنية أضاف تعقيداً آخر بدلا من حل التعقيدات السابقة، وهنا لا ننسى أن نذكر دور بعض الجهات التي استطاعت أن تحوّل كل معاملاتها إلكترونياً بالكامل واستغنت عن شرط الحضور الشخصي مستغلة بذلك كل أدوات التقنية الحديثة.
وبما أن المواضيع تجر بعضها سأجر هذا الموضوع للدخول إلى الموضوع الذي أنوي الحديث عنه وأعتقد أنه موضوع شائع ويعاني منه بعض العاملين في مواقع المسئولية بتدرجاتها ، فهناك فئة آخذه في التوسع تهوى الاستئذان أو استغلال أي ظرف للهروب من العمل وفي الوقت نفسه هم حريصون على عدم المساس برصيد إجازاتهم لتكون إجازتهم السنوية طويلة قدر الإمكان وبالتالي قد يكون مجموع الأيام التي قضوها في العمل خلال اثنى عشر شهراً لا يعادل مجموعها سوى شهرين، وللمحافظة على رصيد الإجازة تكون الإجازة المرضية أو شهادة مرافقة مريض هي العذر الدائم في حالة غياب اليوم بالكامل إلى جانب الأعذار الأخرى للخروج اثناء ساعات الدوام وكان الله في عون العمل من هكذا أشخاص يبرعون في اختلاق الأعذار بشكل يومي وكأن العمل كالسجن الذين يفرون منه عندما يجدون الأبواب قد فتحت ، ولا يفوتهم أيضاً استغلال أيام السفر لمرافقة أي قريب مريض يعالج بالخارج ،حتى وصل الأمر بالبعض إلى استغلال الأزمة الاقتصادية وتوقف العلاوات والترقيات وغيرها من الحوافز المالية لتكون عذراً أمامهم وكأنهم لا يستطيعون العمل دون مقابل إضافي وبأنهم إذا عملوا أم لم يعملوا سيكون الوضع سيانا فالكل في قارب واحد إما النجاة أو الغرق.
الحصول على إجازة مرضية أو مرافق مريض بشكل دائم أمامه الكثير من علامات الاستفهام وبأن هناك خللا ما على الرغم من التشديد الذي حصل في السنوات الأخيرة إلا أن هناك من لا يزال يتعاون في منحها لكل زائر للمؤسسات الصحية.
هذا الموضوع شائك وبه الكثير من الاستغلال وقد يكون التحول الإلكتروني أصبح ضرورة ليساعد في حل ولو جزء من المشكلة وأقول جزءا لأن تغيّر الشخصيات من الصعوبات الكبرى التي تواجه التطوير في العمل فمن اعتاد على اختلاق الأعذار بطرق ملتوية لن يتوقف وسيجد بديلا آخر لحيله.
الربط الإلكتروني بين المؤسسات الصحية والمؤسسات الأخرى سيقنن عملية استخراج الشهادة المرضية من دون داعٍ بحيث لا يمكن للطبيب استخراجها إلا في حالات معينة وبعد أن يتم اعتمادها من المسئول الأعلى، كما لا يسمح للمراجع تجاوز عدد محدد من الأيام في السنة إلا في الحالات الاستثنائية، كما أنه سيوقف حيل البعض في الانتقال من مركز صحي لآخر للحصول على الشهادة بحيث لا يكشف أمره أو يذهب لمركز خاص والختم من الجهة الحكومية من السهل الحصول عليه، إضافة إلى ذلك أن الربط الإلكتروني سيلغي عملية التزوير التي يعتمد عليها بعض الأشخاص ولكن كيف؟! فمن المؤكد أن لهم طرقهم الخاصة ولكن سيكون من الصعب التزوير في حالة الانتقال إلكترونياً.
اللف والدوران الذي يمارسه البعض للتهرب من العمل بطريقة أو بأخرى لن يجدي نفعاً فإذا كان العمل ليس بتلك الأهمية بالنسبة لهم فليتركوه لمن هم بحاجة للعمل ويمتلكون ضميرا حيا، الفترة الحالية لا تحتمل المراوغة وتحتاج إلى العمل بحب وعطاء وسعي للتطوير.

رابط المقال في جريدة الوطن 


المقال المنشور في جريدة الوطن

الثلاثاء، 11 أبريل 2017

يحدث في مجتمعنا




 تمر أمام عينيك العديد من المشاهد اليومية تستفزك بعضها للكتابة منتقداً ويدفعك مشهد أو شخص للكتابة عنها بالثناء والفخر وهذه سنة الحياة شد وإرتخاء ... 
في المواقف القريبة من السوق الشتوي في منطقة القرم أوقفت سيارتي في إنتظار الأكل الذي طلبته من أحدى مطاعم الوجبات السريعة والتي تدار من قبل شباب عماني بإحترافيه تامة وبينما كنت أراقب المارة والجالسين على الكراسي المنثورة أمام المقاهي والمطاعم المؤقتة ، قاطع مراقبتي صوت مرتفع يصدر من سيارة رباعية الدفع وإذا بشاب يرمي بعلبة معجون الطماطم (الكاتشب) والساندويش في وجه النادل الآسيوي الذي أحضر له الطعام حتى سيارته ويبدوا أن خطب ما في الطلب فلم يملك الشاب العماني ذات السياره الفارهه إلا ذلك التصرف الوضيع ليعبر عن استياءه لذلك الفقير الذي قطع آلاف الأميال وترك أسرته وبلده لسنوات من أجل مبلغ بسيط من المال قد يكفيه لتغطية تكاليف الحياة الأساسية ، فما كان من النادل بعد أن مضى الشاب بسيارته إلا أن ينحني ليجمع ما خلفه ذلك الفعل المشين من الأرض دون أي ردة فعل مكتفياً فقط بتصوير لوحة رقم السيارة التي ظلت تحوم في المكان لفترة من الوقت كأنه يبحث عن فريسة أخرى لإصطيادها غير آبهه بفعلته وكأن شيء لم يكن، بماله سيشتري ما يريد لكنه لن يحصل بذلك المال على الأخلاق التي أفتقدها ، فكم كان صغيراً في نظر من يشاهدوه ، وتحية احترام وتقدير لذلك النادل الذي يقاسي من أجل لقمة عيش ، لو كانت الحياة منصفه فمن المفترض أن يعاقب ذلك الشاب بالتشهير به في الساحة التي أرتكب فيها ذلك الفعل حتى لا يعيد فعلته تلك ويكتسب درساً في الأخلاق التي قد نساها أو تناساها.
***
تخرج من منزلها بكامل زينتها والروائح العطره التي تنبعث منها تملء المكان دائمة الإنتقاد للآخرين الذين لا يهتمون بأنفسهم وتنبعث منهم روائح غير مقبولة خاصة في فترة الصيف ولكن كما يقول المثل العماني (الشيفه شيفه والمعاني ضعيفة) ، شاءت الأقدار بأن أزورها في منزلها فما أن دخلت عتبت المنزل إلا برواح كريهه تنبعث من كل مكان وكأن المنزل مرت عليه عاصفة رملية ولم يتم تنظيفه منذ شهور والملابس بعثرت كأن ليس لها خزائن والأطفال كان الله في عونهم ،كانت بدورها تعتذر بين الحين والآخر على المناظر المقززة والروائح الكريهة بحجة ظروفهم المالية والعذر لم يكن مقبولاً البته في نظري فإذا كانت من ذوي الدخل المحدود فمن أين لها أن تصرف على مساحيق التجميل الباهظة الثمن وملابس وحقائب الماركات العالمية والهواتف التي تتغير بين الأشهر ما أن ينزل طراز جديد ومن ثم تقوم بتقديم الأكل في صحون فاخرة ، فالاولى الإهتمام بنظافة المنزل ومن يسكنون فيه مع الإهتمام بالمظهر في حدود الإمكانيات  .   
هذه حالة تنطبق على الكثيرين الذين يهتموا بالمظهر الخارجي ولكن أماكن سكنهم عبارة عن بيوت مسكونة بشبح التلوث فما أردت قوله أن هناك من يهتمون بالشكل الخارجي على حساب أشياء أساسية في الحياة يجب أن لا تهمل .
***
كانت تجلس في الطاولة الأمامية حيث تستقبل المرضى الذين يفدون لتلقي العلاج إلا أنها كانت في حالة مزاجية لا تسمح لها بأن تكون في مكان الإستقبال فكانت عنصر تنفير لمن يردون للمركز ، من الأولى أن تبلغ إدارة المركز بعدم توافق حالتها المزاجية بإستقبال المرضى ، حيث أنها كانت سبباً في إنسحاب عدد من المرضى بسبب أسلوبها المستفز وفقدان المركز لعدد من المرضى الدائمين ، وظيفة الإستقبال من الوظائف الحساسة ويجب أختيار من يشغل تلك الوظيفة بكل العناية فهي بمثابة صاحب المنزل الذي يجب أن يستقبل ضيوفة بكل بشاشة وترحيب ، إلا أن الكثير من المؤسسات تشترط الشكل كأولوية للوظيفة ، فإذا كان جمال الروح مفقود فأن يلغي جمال الشكل. 

 رتبط المقال في جريدة الوطن :