هي تساؤلات كثيرة ولدتها غصة عميقة في قلوبنا وذكرى مؤلمة في عقولنا فمن
يمكن أن يلغي من الذاكرة ذلك المشهد ووجهه معفر بالتراب والدم يسيل عليه وحبل
الأكسجين معلق أمامه، وأخبار وضعيته التي امتلئت بها رسائل هواتفنا ومانشيتات
الأخبار العاجلة (حرك يده إلى فمه)، (حرك رأسه) ورسالة أخيرة (استلقى على جنب) وقد
تكون تلك هي الحركة الأخيرة التي لم ترد بعدها أخبار عن وضعه في تلك الحفرة.
يا ترى هل كان يسمع صوت الحفارات وهي تشق الجبال للوصول إليه، هل تحدث إليه
علي الصحراوي عندما اقترب منه في الأمتار الأخيرة حفراً بيده ليطمئنه، هل كان
يستمع لدعاء الآلاف الذين تجمهروا على البئر وهم يرددون الأدعية ليلاً ونهاراً، هل
كان يعرف أن أنشودة محمد الوهيبي (ستعود ريان) بثت فينا الأمل بعد أن طمئن ريان
بأن لا يخشى من ظلام البئر وطمئننا أن الأرض أمه وكأنها رسالة من ريان يقول
انتظروني سأعود ولكن عاد إلى بارئه.
بعد كل هذا الحدث الجلل هل ستقوى أسرته على المكوث في نفس المكان وهم يمرون
يومياً على آثار الحفر وعلى مدخل البئر الكئيب؟!!
لكن لماذا ريان؟ كما يتساءل البعض وأقول البعض لأن هذا السؤال لم يتبادر
إلى ذهني ولو للحظة لأن العاطفة والإنسانية تسري في قلوبنا فطرة وبدون استئذان،
كما هو ريان الذي لم يستأذننا للدخول إلى قلوبنا لم يجبرنا على الدعاء له والبكاء
خوفاً عليه، ولكن قد يكون تساؤلهم لأنه هناك آلاف الأطفال يموتون وهم يعذبون
ويقتلون ويسقطون في آبار!! ولكن لم تكن ردة الفعل كما هي مع ريان، هل الإجابة كما
قالها احدى مراسلو القنوات الإخبارية: (هو ملاك اتى ليجمع الأمه بعد شتات!!) نعم
ريان تمكن من أن يجمعنا لنوحد الدعاء ويصلي الجميع من كافة الأديان من أجله وثم
رحل حتى لا ننساه وعزائنا فيه أنه طير من طيور الجنة عند رب رحيم غفور، أو لأنه
حالة جديدة مفردة في مكان لم يكن يعرفه الكثيرون بينما الأطفال الآخرون هم في
مناطق صراع ودمار أعتدنا على سماع أخبار حزينة يومياً منها فلم تعد تأثر فينا كما
يقول بعض المحللون، كثرت وستكثر التحليلات ولكن يبقى ريان استثناء لا يعرف سره إلا
هو.. رحمك الله أيها الطير البريء قدرك ان تغادر تاركاً نهاية قصتك مفتوحة.
نم بسلام في سريرك الأبدي أدعيتنا تحرسك
مقال جميل 💐
ردحذف