ابتدأت معرفتي بالجبل
الأخضر من ميدان التحرير بمصر وبغداد والكويت حيث دارت الأحداث الأولى لرواية
"ملائكة الجبل الأخضر" للأديب الراحل عبدالله الطائي ، تلك الرواية التي
درات أحداثها الرئيسية في الجبل حينها عرفت أن الجبل ليس فقط مجرد ثمار الرمان
والخوخ والمشمش والتين وغيرها من الثمار التي يشتهر بها الجبل والتي ارتبطت في
الذهن من خلال كتاب اللغة العربية في المرحلة الابتدائية حيث تم تجسيد الجبل أنه
مكان زراعي يمتاز بجو جميل معظم السنة نظراً لإرتفاعة الذي يبلغ 3000 متر عن سطح
البحر ، بل هو شاهد على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ عمان المعاصر ، حيث الحجارة ،
تفاصيل الجبل القاسية ، جذوع الأشجار الصامدة ،حيوانات الجبل (الوعل الجبلي الفهود
والغزلان) وملامح الوجوه الخشنة التي يرسمها البرد على جلودهم، كلها تحكي تاريخ
كتبه العمانيين على ذلك الجبل ، وليس أي عماني هو فقط ذلك الذي تحدى المخاطر وجازف
بحياته وقاده حب الأرض والوطن ليصعد 3000 متر فوق سطح البحر في مرحلة تنعدم لوسائل
المواصلات والحماية ، رحلة الصعود لم ولن تكن سهلة ، إذا كانت هذه الأيام ومع توفر
الخدمات من طرق وخدمات في الجبل يبقى الصعود والنزول صعب وتعمير الجبل أصعب إذن
كيف كانوا يكافحون من أجل الصعود إليه والنزول منه ما الذي كان يجبرهم على البقاء
في الأعلى على الرغم من الحياة كانت متاحة في الأسفل .
إنها إرداة الإنسان
العماني الذي يحترم أرضة ويكافح من أجلها ليسجل تاريخ في حب أي بقعة من عُمان
ينتمي أجداده وآباءه إليها فيبني ويحرث ويزرع مهما كانت التفاصيل صعبة ومؤلمة .
كثير من الأحداث
التاريخية التي مر بها الجبل تمر كشريط فيلم سينمائي أمام عيني وأنا في رحلة
الصعود لقضاء عطلة نهاية الأسبوع كنوع من السياحة الداخلية ، تلك الأحداث التي تتزاحم
بالشخوص والمواقف التي كان هدفها بناء عمان حديثة تقدم نفسها للعالم في كتاب ملئة
النجاح والكفاح والتجارب الإنسانية التي حجزت لنفسها أوراق مشرفة في كتب التاريخ
ومجلداتة ، وعلى الرغم من أن نقطة الشرطة تستقبلك بإرشادات للسائق والطريق معبد
ومزود بمخارج للطواريء لرحلة النزول إلا أن الحذر واجب ، من حذر (وداد وشريفة) النساء
اللواتي تسلقن الجبل كما جاء ذكرهن في رواية الجبل الأخضر ، إلا أنه وبكل آسف ليس
كل من يصعد للجبل يعرف قيمتة التاريخية والطبيعية والجيولوجية ، فرأيت أشخاص لا
يحترمون المكان والاهالي في ملبسهم فهم هدفهم السياحة والاستجمام دون أن يعيروا
أهمية للعادات والتقاليد وإحترام الآخر صاحب الأرض ، فهم يلامون على تصرفاتهم
واللوم يقع أيضاً على الجهة المعنية حيث لا توجد لوائح توعوية للتذكير بهذه
الجوانب .
ولكن هل يحتاج أهل البلد لتوعية
للحفاظ على أرضهم وهل يحتاجون لتذكير بما جاء في تعاليم الإسلام ؟! ولكن كما يقال
(التذكار يعلم الشطار ) ففي منظقة (إيليا) حيث استقرينا كان في الطرف الآخر مجموعة
من الشباب العمانيين الذي يبدوا أنهم قضوا الليل هناك وبعد مغادرتهم المكان ، بدأ
الأطفال باللعب والجريء حتى وصلوا إلى مكان هولائك الشباب فوجدوا الهدايا التي
تركوها للبيئة وكانت عبارة عن عشرات الزجاجات والعلب المعدنية لمشروبات (روحية )
تركت للجبل ، أعتقد بالحرية الشخصية فكل إنسان يحاسب منفرداً ولكن عندما تكون تلك
الحرية على حساب الآخرين فهنا نرفع أكفنا للتوقف ، فأن كنتم غير قادرين على احترام
تاريخ ذلك الجبل العريق والأجساد المناضلة التي دفنت تحت صخوره والشواهد التي صمدت
لتوثق ذلك التاريخ فلا تجعلوا من الجبل مكان لتنفيذ تصوركم عن الترفيه والسياحة .
(جبال عز رحبت بضيوفها هي للإباء وأهله عنوان ، شمخت أمام الطامعين عزيزة
وجرت بوافر جودها الوديان
وسهولك الخضراء أروع لوحة نطقت بسحر بيانها الألوان) ... الدكتور مانع سعيد
العتيبة
خولة بنت سلطان الحوسني
@sahaf03
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق