الاثنين، 30 يناير 2017

حولين كاملين !!


كثيرة هي المواضيع والقضايا التي أشبعت إهتماماً إعلامياً وكانت محور حديث المجتمع فأصبحت على طاولات نقاش المسئولين تفادياً لردات الفعل الغير مرغوب بها أو لإقتناع بعض صناع القرار بأن تلك القضية لابد أن يكون لها حيز من النقاش أياً كانت نتائج ذلك النقاش وبعضها الآخر تم تهميشة لسبب أو لآخر . عادةً ما يكون لهذه القضايا عمر زمني ينتهي أما بظهور قضية جديدة على السطح أو عندما يمل الشارع من الحديث عنها ولا يجد أي ردة فعل من أصحاب القرار وبالتالي تخمد وتصبح من الأمور المسلم بها في الحياة ويتم التعاطي معها إعتيادياً وتنتقل من دائرة النكرة إلى دائرة المعتاد عليه.
قضية إجازة الوضع على سبيل المثال هي من القضايا التي أخمدت دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك فكانت تفسيرات الشارع بأن بعض النساء في مجتمعنا يبالغن في الإنجاب عمداً حتى يحصلن على إجازة الوضع وهذا تفسير مبالغ فيه ولكن يمكن القول أن طبيعة الإنجاب في مجتمعنا غير محددة بمعنى أنه لا يوجد سقف محدد للإنجاب في الأسرة الواحدة كما في بعض الدول كالصين مثلاً كما أن ثقافة المجتمع لا تعترف بعدد محدد للأطفال والبعض الآخر ينظر لها من منظور ديني ، هذا الموضوع أخذ حيزاً في الإعلام والمجتمع ولكن تم تثبيت الإجازة بأن تكون خمسين يوم فقط ، ولن أطيل الحديث عن هذا الموضوع ولكن ذكرته لأنتقل إلى موضوع ذات علاقة بهذا الموضوع وبنفس الأهمية إذا لم يكن أكثر منه فهو يتعلق بالرضاعة الطبيعية .
لا يختلف إثنان على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل إذا ما كانت الأم قادرة على إرضاع طفلها حولين كاملين يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 233 (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) ولما لذلك من فائدة صحية طوال حياتة وبالتالي تقيه من الأمراض وتوفر لها مستقبل صحي إضافة إلى التقليل من مصارف العلاج التي قد تكون كاهلاً على ميزانية الدولة التي توفر العلاج المجاني لشعبها.
أعتقد أن هذه من المواضيع التي يجب أن نقف معها كحكومة ومجتمع فإذا سلب عن الأم حق الإجازة فيجب توفير الحضانات في المؤسسات الحكومية والشركات لتوفير الإستقرار الوظيفي للأم وعدم حرمان الطفل من العناية والرضاعة الطبيعية التي يحتاجها حتى يبلغ السنتين من عمره كذلك إلزام الجهات الحكومية المعنية بالأماكن العامة كالحدائق والمتنزهات والمستثمرين وأصحاب الأعمال بتوفيرغرف للرضاعة في المراكز التجارية كونها أماكن تقضي فيها العائلة ساعات طويلة وبالتالي وجود غرف للرضاعة من الضروريات التي يجب أخذها بعين الإعتبار تشجيعاً للأم على موضوع الإرضاع ، ويمكن الإستفادة من تجارب بعض الدول المجاورة التي أستطاعت أن ترفع معدل الرضاعة الطبيعية بتوفير الغرف المخصصة في الأماكن العامة وبالتالي توفير حياة أفضل لمستقبل أبنائها والتقليل من خطر الإصابة  بالأمراض.
إذا كانت إجازة الوضع تم طيها وركنت في أرفف القضايا المنتهية النقاش على الرغم من أنها حق من حقوق الأم والطفل نتمنى أن يتم أخذ موضوع توفير الأماكن المخصصة لذلك موضع إهتمام لتوفير الإستقرار الوظيفي للمرأة العاملة وتشجيعاً للأم لها بحيث لا تحرم عائلتها من التواجد معهم في أوقات العطلات والترفية  وفي الوقت نفسه لا تحرم صغيرها من حقة في الرضاعة. 

رابط المقال المنشور في ملحق أنوار الصادر مع جريدة الوطن
المقال في ملحق أنوار 



الثلاثاء، 3 يناير 2017

شهرة أم تسول مستورد!.


على رصيف محل مغلق وقريب من القبة الواقعة منتصف السوق حيث تتفرع عدة ممرات مؤدية إلى نهاية سوق الظلام أو سوق مطرح القديم جلس شاب وفتاة يبدو على ملامحهم أنهم من أحدى دول القارة الأوربية وكانوا في حالة رثة ملابسهم ممزقة وكأن الماء لم يلمس جسدهم منذ أسابيع ، ركنوا حقائبهم على باب المحل المغلق ،كان الشاب منغمس في الغناء بصوت عالي والعزف على الجيتار بينما كانت الفتاة تدق على آلة أشبه بالزهرية (الفاز) تساعد الشاب على العزف وبجانب الرصيف حيث المارة تركوا وعاء صغير لجمع المال .
أستوقف هذا المشهد مجموعة قليلة من الأشخاص من جنسيات مختلفة من ضمنهم الشخص الذي وقف ليصور لنشر الفيديو في مواقع وبرامج التواصل المختلفة فهل كان القصد من التصوير الإعجاب أم الإستغراب ؟! لمشهد لا يشاهد إلا في دول العالم المتقدم أو الدول التي تؤمن بأن الترزق حق يمكن أن يمارس بأي طريقة يكفلها قانون تلك الدولة كما أنه نوع من أنواع الثقافة المنتشرة في الشوارع والطرقات في تلك الدول وعامل جذب سياحي في الوقت ذاته ، فمن منا لم يستوقفه تمثال بشري أو مغني أو عازف في منتصف الطريق ووقف ليلتقط معه صوره تذكارية؟ ولكن عندما يكون ذلك في بلدنا هل يمكن أن يُتقبل بإعتباره ثقافة جديدة أم أنه نوع من أنواع التسول الذي يجرمه قانون مكافحة التسول؟!
الشكل الذي ظهر به الشاب والفتاة في الفيديو الذي نُشر عبر برنامج الوتس آب يوحي بأنه نوع من أنواع التسول بطريقة غير مباشرة وفي الوقت ذاتة جاذبة للمارة ولم يكن القصد الثقافي حاضراً في المشهد كما يبدو أو البحث عن الشهرة &كما فسره البعض& في مكان شعبي سياحي يجذب السائح بصبغتة التقليدية والموروث العماني سواء في شكل السوق أو البضاعة المعروضة أو حتى في ملامح بعض الأشخاص الذين أصبحوا جزء من ذلك المكان ، لذلك فأن ذلك المشهد لم يكن ذات صلة بالمكان كما أنه دخيل لن يلفت السائح بل أنه أخترق الجو التقليدي العماني الذي يتميز به السوق فأثار النقد بين مستغرب ومستنكر.
إذا كان الشابان يبحثان عن الشهرة مستندين في ذلك إلى تجارب الكثير من المشاهير الذين أنطلقوا لشهرتهم بهذه الطريقة فأنهم لم يوفقوا في أختيار المكان المناسب لذلك لأن الإنطلاق بهذه الطريقة في أي مجال من المجالات غير محبذ في مجتمع ما زال محافظاً ويؤمن بأن لكل مجال بيئتة وله أبوابه الخاصة للخروج للمجتمع وليس بهذه الطريقة الدخيلة وأن كانت متقبلة في بلد آخر.
أما إذا كان القصد الترزق فهناك قوانين وأنظمة وعدم الإلتزام بها تعتبر مخالفة لها عقابها وهذا يندرج تحت عقوبات التسول أو ممارسة نشاط بدون ترخيص ، وبعيداً عن تهويل الموضوع فأن هكذا مشاهد لا تليق بذلك المكان فسوق مطرح له جو خاص أتمنى أن لا يسمح بأن تدخل عليه ثقافات غربية تفسد جماليتة التقليدية والتي نشأ علية منذ عشرات السنين .
رابط المقال في ملحق أنوار الصادر مع جريدة الوطن