على رصيف محل مغلق وقريب من القبة الواقعة منتصف السوق حيث تتفرع عدة ممرات مؤدية إلى نهاية سوق الظلام أو سوق مطرح القديم جلس شاب وفتاة يبدو على ملامحهم أنهم من أحدى دول القارة الأوربية وكانوا في حالة رثة ملابسهم ممزقة وكأن الماء لم يلمس جسدهم منذ أسابيع ، ركنوا حقائبهم على باب المحل المغلق ،كان الشاب منغمس في الغناء بصوت عالي والعزف على الجيتار بينما كانت الفتاة تدق على آلة أشبه بالزهرية (الفاز) تساعد الشاب على العزف وبجانب الرصيف حيث المارة تركوا وعاء صغير لجمع المال .
أستوقف هذا المشهد مجموعة قليلة من الأشخاص من جنسيات مختلفة من ضمنهم الشخص الذي وقف ليصور لنشر الفيديو في مواقع وبرامج التواصل المختلفة فهل كان القصد من التصوير الإعجاب أم الإستغراب ؟! لمشهد لا يشاهد إلا في دول العالم المتقدم أو الدول التي تؤمن بأن الترزق حق يمكن أن يمارس بأي طريقة يكفلها قانون تلك الدولة كما أنه نوع من أنواع الثقافة المنتشرة في الشوارع والطرقات في تلك الدول وعامل جذب سياحي في الوقت ذاته ، فمن منا لم يستوقفه تمثال بشري أو مغني أو عازف في منتصف الطريق ووقف ليلتقط معه صوره تذكارية؟ ولكن عندما يكون ذلك في بلدنا هل يمكن أن يُتقبل بإعتباره ثقافة جديدة أم أنه نوع من أنواع التسول الذي يجرمه قانون مكافحة التسول؟!
الشكل الذي ظهر به الشاب والفتاة في الفيديو الذي نُشر عبر برنامج الوتس آب يوحي بأنه نوع من أنواع التسول بطريقة غير مباشرة وفي الوقت ذاتة جاذبة للمارة ولم يكن القصد الثقافي حاضراً في المشهد كما يبدو أو البحث عن الشهرة &كما فسره البعض& في مكان شعبي سياحي يجذب السائح بصبغتة التقليدية والموروث العماني سواء في شكل السوق أو البضاعة المعروضة أو حتى في ملامح بعض الأشخاص الذين أصبحوا جزء من ذلك المكان ، لذلك فأن ذلك المشهد لم يكن ذات صلة بالمكان كما أنه دخيل لن يلفت السائح بل أنه أخترق الجو التقليدي العماني الذي يتميز به السوق فأثار النقد بين مستغرب ومستنكر.
إذا كان الشابان يبحثان عن الشهرة مستندين في ذلك إلى تجارب الكثير من المشاهير الذين أنطلقوا لشهرتهم بهذه الطريقة فأنهم لم يوفقوا في أختيار المكان المناسب لذلك لأن الإنطلاق بهذه الطريقة في أي مجال من المجالات غير محبذ في مجتمع ما زال محافظاً ويؤمن بأن لكل مجال بيئتة وله أبوابه الخاصة للخروج للمجتمع وليس بهذه الطريقة الدخيلة وأن كانت متقبلة في بلد آخر.
أما إذا كان القصد الترزق فهناك قوانين وأنظمة وعدم الإلتزام بها تعتبر مخالفة لها عقابها وهذا يندرج تحت عقوبات التسول أو ممارسة نشاط بدون ترخيص ، وبعيداً عن تهويل الموضوع فأن هكذا مشاهد لا تليق بذلك المكان فسوق مطرح له جو خاص أتمنى أن لا يسمح بأن تدخل عليه ثقافات غربية تفسد جماليتة التقليدية والتي نشأ علية منذ عشرات السنين .
رابط المقال في ملحق أنوار الصادر مع جريدة الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق