ما حدث في تركيا في منتصف شهر يوليو الفائت لم يكن حدث
عابر على الرغم من قصر مدة الحدث حيث أن الإنقلاب لم يتعدى ساعات أستطاع خلالها
الشعب التركي أن يقضي عليه في وقت قصير أوهذا ما رأيناه كمشاهدين من خلال شاشات
التلفزيون ووسائل التواصل الإجتماعي بإختلافها وبغض النظر عن التفاصيل السياسية
التي لن يعرفها إلا الساسة أنفسهم في تركيا إلا أن الحدث ظهر للعالم بشكل مختلف والاختلاف
هنا من حيث المرحلة الزمنية فالإنقلابات التي شهدتها الكثير من دول العالم في
القرن الواحد والعشرين وبالأخص الدول العربية كانت بسيناريو مغاير عما حدث في
تركيا فكانت تخرج الشعوب ضد الحكومة من أجل التغيير أما في تركيا وقف الشعب مع
الحكومة من أجل الوطن وبإعتبار أردوغان جزء من الشعب الذي يجب حمايته أيضاً لذا
نجح الأتراك في حماية بلدهم وإرجاع الأمور لطبيعتها وتهدئة الوضع والشيء الآخر
الذي جعل هذا الحدث مختلف أن الرئيس رجب طيب أردوغان ظهر لشعبه من خلال تطبيقات في
الهواتف الذكية وهما تطبيق فيس تايم وتطبيق سكايب بينما كان الإنقلابيون قد سيطروا
على التلفزيون الرسمي وهذا ما يؤكد أن الرهان في الوقت الحالي انتقل من وسائل
الإعلام التقليدية إلى تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي حيث أنها
أصبحت وسائل مؤثرة وسبقت الإعلام التقليدي لكسرها حاجز المكان والزمان فهل ستستوعب
الدول التي تحجب بعض برامج الإتصال هذا الدرس؟! ،ستبقى التحليلات السياسية ووجهات
النظر حول ما حدث وغيرها من الفنون الإعلامية التي ستظل لفترة حتى يأتي حدث آخر
وقد يكون ابن أسامة بن لدن هو من سيدير الحدث القادم بعدما ظهر بتصريح للثأئر من
أجل أبيه ربما!! لا أحد يمكن أن يجزم في السياسة !!
كمتابعة لما حدث عبر شاشات التلفزيون المحايدة والحسابات
الرسمية في مواقع التواصل الإجتماعي نظرت للموضوع من زاوية مختلفة بعيداً عن
السياسة وهو أن تركيا نجحت في التسويق لنفسها عالمياً مستخدمة بذلك وسائل بسيطة لم
يكن يحسب لها حساب حينما ظهرت ولكن تأثيرها يمكن قرأته مؤخراً ، فالإنقلاب على
الرغم من أنه سياسي عسكري إلا أن شريحة كبيرة من المجتمعات تفاعلت مع الموضوع
ومنهم فئة كبيرة من المراهقين ومحبي الإنتاج الدرامي التركي فمتابعتهم للحدث
وتأثرهم بما حدث ليس من باب الإهتمام بالحدث نفسه بكثر ما أن تركيا أصبحت تعني لهم
الممثلين ، أسلوب العيش ، الأكل ، البوظة التركية والحلاق التركي والسياحة السنوية
فمن لا يفكر اليوم بأن تكون تركيا وجهتهُ السياحية؟!!
من لا يعرف اليوم نور ومهند وقصر عبود أفندي المطل على
مضيق البسفور والذي دارت أحداث المسلسل فيه والجسر الذي يربط الجانب الآسيوي
بالجانب الأوربي حتى المدن التي لم يكن لها ظهور عالمي أصبحت اليوم من المدن
الشهيرة (أزمير ، أنقرة ،يلوا ،طرابزون وغيرها من المدن التركية) وغيرها من
التفاصيل التي غزت البيوت وأستدرجت العالم إلى ذلك البلد العثماني ، ومن المسلسلات
أستدرج المشاهد لتجربة الأكل التركي فمحلياً ظهرت الكثير من المطاعم التركية والكلمة
التسويقة لجذب الزبائن (مطعم تركي) هذا الكلمات كافية بأن تحشد الزبائن على المطعم
لعيش تجربة مختلفة عن الأكل اللبناني والهندي الذي ذاع سيطة في فترة من الفترات وصولاً
للحلويات والبوظة التركية التي تقدم بشكل مختلف ومغري، المجتمعات الخليجية أصبحت
وجهة للاستثمار التركي وهو استثمار مربح كون قاعدتة الإنتاج الدرامي وهذا ما لم
يكن يعيه المشاهد الخليجي أو العربي بشكل عام . إلى جانب الإنتاج الدرامي
والمأكولات أستطاع الحلاق التركي أن يبعد الحلاق الهندي عن الساحة فمجرد ما يكتب
على اللائحة الخارجية حلاق تركي جذب الزبائن إليه وإن كان فرق السعر أعلى عن
الحلاق الهندي لكن الجانب السسيولوجي الذي لعبته المسلسلات وأن كان بشكل غير مباشر
نجح في التسويق لجودة المنتج التركي بكافة أشكاله ونجح أيضاً في التسويق لخدمات
أخرى للعناية بالجسم كانت غير متقبلة للرجل ومحصورة للنساء فقط لكن من أراد أن تكون
بشرته بصفاء بشرة الممثلين الأتراك فليقدم تنازلات من أجل الجمال ، ومن الحلاق
توجه الرجال إلى تركيا لزراعة الشعر وحل مشكلة الصلع التي لازمت البعض لسنوات ليظهروا
بشكل مختلف يسمح لهم السفر من دون إرتداء القبعة ، أنتهاءً بالمشاركة السياسية وما
يستجد في تركيا من أحداث.
فهل ستستفيد الجهات المعنية محلياً من هذه التجربة بإستغلال
الإنتاج الدرامي من أجل الجذب السياحي والإقتصادي والاستثمار بمختلف أنواعه ؟!!
ربما
خولة بنت سلطان الحوسني
@sahaf03
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق