الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

نزوى بين الشكل والمضمون



لا يختلف إثنان على المادة الدسمة والمفيدة التي تقدمها مجلة نزوى الثقافية للقارئ هذه المجلة التي تعتبر علما لم يكف عن الرفرفة في سماء الثقافة فهي مصدر ومرجع مهم يوثق الكلمة والوجوه والشعر والتاريخ ، ومن المجلات النادرة التي استطاعت أن تصمد لسنوات ليست بقليلة فواصلت مسيرتها التي بدأت عام 1994 م، وبحثت عن الجديد وظل بابها مفتوحاً للقاصي والداني فاستكتبت المستشرقين والمهاجرين فأصبحت الملجأ الذي جمع الحنين مع مرارة الغربة، وهي العزاء للعماني في غربتة والمتنفس عندما تختلط عليه الثقافات وتشتد الأزمات فيبحث عن كلمة تواسيه ووجه عماني يتذكره فليس هناك أفضل من نزوى التي لا يمكن أن يقف بجانبها إصدار آخر على سبيل المقارنة مع احترامي للمجلات الثقافية العُمانية الأخرى.

واليوم يمكن القول بكل ثقة أن نزوى الابن العماني البار الذي استطاع أن يقدم أسماء عمُانية للعالم هي اليوم لها مكانتها الثقافية في الخارج وجذب مثقفي العالم لعُمان ، ونتمنى لهذا الإصدار أن يعيش لمئات السنين بالورق تسانده الطبعة الإلكترونية للمغتربين والذين لا تستطيع نزوى الوصول إليهم.
عرفت نزوى وأنا على مقاعد الدراسة فكان يُعرف فلان على أنه مثقف متمكن ومشهور لأنه يكتب في نزوى فهي كجامعتي هارفارد وكمبريدج لا يلتحق بهما إلا من كان على درجة رفيعة من العلم والثقافة كذلك نزوى لا تعترف إلا بالأسماء المتمكنة والأقلام البارعة وكيف لا وعلى رأسها الأديب الشاعر سيف الرحبي وكما يقال المعروف لا يعرف.
لكن نزوى ظهرت في وقت كانت الكلمة والمضمون هما الأساس لكن اليوم ومع ظهور مجلات أخرى ثقافية منافسة أصبح الشكل والإخراج يلعب جزءاً مهماً بالنسبة للقارئ وهذا ما تفتقد له نزوى وخاصة أن الجيل الحالي ليس من السهل جذبه لهكذا مجلات وترغيبه في القراءة مع وجود المغريات الأخرى التي تلهيه فتجعله غير مهتم في تغذية العقل بكثر ما تشغل تفكيره وقد تدمره، لذلك فإن الاهتمام بالشكل أصبح تحديا للمجلات للترغيب والجذب لأن الشكل الحالي لمجلة نزوى كأنه كتاب دراسي يفتقد للحياة فهي متمسكة بالشكل الإخراجي القديم والذي ليس من السهل تقبله هو عبارة عن أعمدة مشكلة كتلا من النص الممتلئ بالكلمات تعتليها العناوين جهة اليمين متماشية مع العمود الأول مع إدخال بعض الصور لتصطف بجانبها بشكل مربع أو مستطيل والتي يبدو أنها أدخلت دون أي تعديل أو معالجة أو أي إبداع في الإخراج أو الاستفادة من طرق الإخراج التي تجذب القارئ وتشجعه على القراءة كما هو حال لون الخط الذي يطغى عليه اللون الأسود على أوراق (وود فري) الخفيفة والتي تعتبر ميزة للمجلة كونها مجلة ثقيلة الوزن تصل عدد صفحاتها إلى أكثر من 300 صفحة .
فمجلة دبي الثقافية على سبيل المثال على الرغم من أن مضمونها لا يمكن مقارنتة مع مضمون مجلة نزوى ولكن شكلها وطريقة الإخراج المتبعة استطاعت أن تكوّن لها قاعدة قراء فانتشرت خلال وقت قياسي، على الرغم من أن توجه المجلتين مختلف ولكن لا يمكن إصدار مجلة جديدة ما لم يكن هناك اهتمام بالشكل إلى جانب المضمون وذلك لأن جذب الجيل الحالي للقراءة لابد أن يكون بعوامل شتى منها الإخراج الصحفي للمجلة.
قد تكون طريقة الإخراج الحالية مقصودة وذلك للبقاء على شكل المجلة المعتاد وكنوع من التقليد الذي لا يسمح بالابتكار في الإخراج وقد يكون الجيل الذي نشأ مع نزوى وفياً لها ويتقبلها أياً كان شكلها ولكن إذا كانت نزوى ترغب في مواكبة توجهات الجيل الحالي والأجيال القادمة فلابد من التغيير وإلا أصبحت بعد فترة من الوقت مجرد مجموعة من الورق تودع على أرفف المكتبات دون أن تتصفح، مع احترامي لمجلة نزوى ولكنني قدمت مجموعة من الملاحظات حباً في المجلة وفي كل الأحوال ستحتفظ بسمعتها وتصنيفها على مستوى العالم العربي لأن مضمونها قوي.


الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

لم يطل انتظاره

مواصلات مشروع وطني لم يطل انتظاره بخلاف ما يقوله البعض (طال انتظاره) والذين هم أنفسهم لم يجربوه حتى الآن فقط اكتفوا بالتقاط الصور عندما تمر حافلة مواصلات أمام سيارتهم وهي مليئة بالوافدين الذين هم أكثر المستفيدين من هذه الوسيلة وذلك لأن ثقافة النقل العام ما زالت غائبة محلياً وإن كان الكثير منا يستخدمها عندما يسافر للخارج، فتم حكرها في أنها وسيلة نقل لجنسيات معينة كما ارتبطت لدى البعض بالعيب وخاصة لدى المرأة كون هذه المواصلات مختلطة وأما من يمتلك سيارة خاصة ويستخدم هذه الوسيلة يتم تأطيره في زاوية البخل وغيرها من الأحكام المجتمعية التي غابت عنها ثقافة النقل العام، لذلك فإنه من الأولى على الجهة المسئولة عن هذه الخدمة أن تكثف من جهودها في تعزيز ثقافة النقل العام، وجعلها وسيلة بديلة للتقليل من الازدحام،الحواداث واستهلاك الوقود وخاصة إذا كانت الحكومة تود رفع الدعم عن المحروقات وبالتالي سيرتفع سعر النفط، فهذه الخدمة جاءت في وقتها وأوجدت بديلا لمن سيكون سعر النفط عبئا عليه آنذاك كما أنها ستساهم في تعزيز السياحة ولو كانت بشكل غير مباشر ولكنها بالنسبة للسائح وسيلة آمنة وأقل كلفة وتوفر خدمة الإنترنت ومنتظمة في الوقت وهذا ما لا توفرة سيارات الأجرة والمحتكرة لسوق النقل لفترة زمنية طويلة.
ولكن تبقى بعض الملاحظات البسيطة التي ستساعد في التشجيع من استخدام هذه الخدمة ألا وهي أن محطات الحافلات بعيدة عن الأماكن السكنية ألم يكن من الأفضل أن تقام مواقف عامه بجانب محطات الحافلات بحيث يتمكن الشخص ساكن المنطقة التي بها المحطة ان يركن سيارته ويستقل الحافلة أو أن يتم إنشاء محطات بالقرب من الأماكن السكنية بحيث يسهل الوصول إلى هذه الحافلات بدون استخدام السيارات للوصول إليها، كما ان محطات انتظار الحافلات غير مهيئة لأجواء الصيف المرتفعة والتي لا يمكن الانتظار فيها خلال تلك الفترة وهي الفترة الأعظم من أشهر السنة في عُمان لذلك لا أعتقد بأن ذلك سيشجع من استخدام هذه الحافلات خلال تلك الفترة.
ولكن في الوقت الذي ظهرت فيه هذه الخدمة وصل إلى جهاز هاتفي عدد من الرسائل التي تعبر عن اعتراض سائقي سيارات الأجرة على تدشين خدمة النقل (مواصلات) وهذا ما لم أستغربه وكان متوقعا خاصة بعد أن توقفت خدمة طلب التاكسي إلكترونياً عن طريق تطبيق في الهاتف تطلب من خلالة التاكسي ويصلك إلى حيث تكون خلال دقائق لكن أصحاب الأجرة أنفسهم اعترضوا على هذا التطبيق الذي كان سيسهل على الزبون وينظم عملية طلب التاكسي بدلاً من الوقوف على الشارع وانتظار مرور سيارة الأجرة وما يخلقه توقف التاكسي وتحركه من حوادث نتيجة انعدام النظام إلا أن هناك فئة وقفت ضد استخدام هذا التطبيق والتي كانت لها أسباب غير مقنعة ولكنها أدت إلى توقف العمل به لذلك فان اعتراض فئة من أصحاب سيارات الأجرة على خدمة (مواصلات) لم يكن بشيء غريب بل كان متوقعا وذلك لعدد من الأسباب منها تتحمله الجهة المسئولة عن سيارات الأجرة وهي أن تلك الجهة لم تنظم العمل بسيارات الأجرة كتخصيص محطات لها، استخدام العداد وغيرها من الأمور الأخرى التي تضمن حق السائق والزبون والتي تحيل دون تأثرهم سلبياً بأي خدمة أخرى منافسة كما هو الحال في دول العالم الثالث التي توفر كل أنواع المواصلات وكلها تعمل دون توقف أو تأثير سلبي على الآخر، أما الأسباب النابعة من طرف سائقي سيارات الأجرة (التاكسي) فأولها أن عددا كبيرا من سائقي هذه السيارات اعتادوا على نظام معين وغير متقبلين لأي نوع من التطوير وهنا أقول “بعض” لاعتقادهم بأنه ليس في صالحهم كما حدث عند ظهور تطبيق الهاتف أو بدأت خدمة النقل “مواصلات” بل يجب أن تتقبل أي خدمة باعتبارها منافساً للأفضل.
إذن العملية تكاملية بحيث لا يؤثر استحداث وسيلة على وسائل أخرى وبالتالي تكون لدى الزبون وسائل مختلفة يختار ما يتناسب مع ظروفه وإمكانياته، نتطلع إلى أن نشاهد القطار والحافلة وسيارة الاجرة (التاكسي) تتنافس لتقديم أفضل خدمة في الطرقات.