الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

نزوى بين الشكل والمضمون



لا يختلف إثنان على المادة الدسمة والمفيدة التي تقدمها مجلة نزوى الثقافية للقارئ هذه المجلة التي تعتبر علما لم يكف عن الرفرفة في سماء الثقافة فهي مصدر ومرجع مهم يوثق الكلمة والوجوه والشعر والتاريخ ، ومن المجلات النادرة التي استطاعت أن تصمد لسنوات ليست بقليلة فواصلت مسيرتها التي بدأت عام 1994 م، وبحثت عن الجديد وظل بابها مفتوحاً للقاصي والداني فاستكتبت المستشرقين والمهاجرين فأصبحت الملجأ الذي جمع الحنين مع مرارة الغربة، وهي العزاء للعماني في غربتة والمتنفس عندما تختلط عليه الثقافات وتشتد الأزمات فيبحث عن كلمة تواسيه ووجه عماني يتذكره فليس هناك أفضل من نزوى التي لا يمكن أن يقف بجانبها إصدار آخر على سبيل المقارنة مع احترامي للمجلات الثقافية العُمانية الأخرى.

واليوم يمكن القول بكل ثقة أن نزوى الابن العماني البار الذي استطاع أن يقدم أسماء عمُانية للعالم هي اليوم لها مكانتها الثقافية في الخارج وجذب مثقفي العالم لعُمان ، ونتمنى لهذا الإصدار أن يعيش لمئات السنين بالورق تسانده الطبعة الإلكترونية للمغتربين والذين لا تستطيع نزوى الوصول إليهم.
عرفت نزوى وأنا على مقاعد الدراسة فكان يُعرف فلان على أنه مثقف متمكن ومشهور لأنه يكتب في نزوى فهي كجامعتي هارفارد وكمبريدج لا يلتحق بهما إلا من كان على درجة رفيعة من العلم والثقافة كذلك نزوى لا تعترف إلا بالأسماء المتمكنة والأقلام البارعة وكيف لا وعلى رأسها الأديب الشاعر سيف الرحبي وكما يقال المعروف لا يعرف.
لكن نزوى ظهرت في وقت كانت الكلمة والمضمون هما الأساس لكن اليوم ومع ظهور مجلات أخرى ثقافية منافسة أصبح الشكل والإخراج يلعب جزءاً مهماً بالنسبة للقارئ وهذا ما تفتقد له نزوى وخاصة أن الجيل الحالي ليس من السهل جذبه لهكذا مجلات وترغيبه في القراءة مع وجود المغريات الأخرى التي تلهيه فتجعله غير مهتم في تغذية العقل بكثر ما تشغل تفكيره وقد تدمره، لذلك فإن الاهتمام بالشكل أصبح تحديا للمجلات للترغيب والجذب لأن الشكل الحالي لمجلة نزوى كأنه كتاب دراسي يفتقد للحياة فهي متمسكة بالشكل الإخراجي القديم والذي ليس من السهل تقبله هو عبارة عن أعمدة مشكلة كتلا من النص الممتلئ بالكلمات تعتليها العناوين جهة اليمين متماشية مع العمود الأول مع إدخال بعض الصور لتصطف بجانبها بشكل مربع أو مستطيل والتي يبدو أنها أدخلت دون أي تعديل أو معالجة أو أي إبداع في الإخراج أو الاستفادة من طرق الإخراج التي تجذب القارئ وتشجعه على القراءة كما هو حال لون الخط الذي يطغى عليه اللون الأسود على أوراق (وود فري) الخفيفة والتي تعتبر ميزة للمجلة كونها مجلة ثقيلة الوزن تصل عدد صفحاتها إلى أكثر من 300 صفحة .
فمجلة دبي الثقافية على سبيل المثال على الرغم من أن مضمونها لا يمكن مقارنتة مع مضمون مجلة نزوى ولكن شكلها وطريقة الإخراج المتبعة استطاعت أن تكوّن لها قاعدة قراء فانتشرت خلال وقت قياسي، على الرغم من أن توجه المجلتين مختلف ولكن لا يمكن إصدار مجلة جديدة ما لم يكن هناك اهتمام بالشكل إلى جانب المضمون وذلك لأن جذب الجيل الحالي للقراءة لابد أن يكون بعوامل شتى منها الإخراج الصحفي للمجلة.
قد تكون طريقة الإخراج الحالية مقصودة وذلك للبقاء على شكل المجلة المعتاد وكنوع من التقليد الذي لا يسمح بالابتكار في الإخراج وقد يكون الجيل الذي نشأ مع نزوى وفياً لها ويتقبلها أياً كان شكلها ولكن إذا كانت نزوى ترغب في مواكبة توجهات الجيل الحالي والأجيال القادمة فلابد من التغيير وإلا أصبحت بعد فترة من الوقت مجرد مجموعة من الورق تودع على أرفف المكتبات دون أن تتصفح، مع احترامي لمجلة نزوى ولكنني قدمت مجموعة من الملاحظات حباً في المجلة وفي كل الأحوال ستحتفظ بسمعتها وتصنيفها على مستوى العالم العربي لأن مضمونها قوي.


الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

لم يطل انتظاره

مواصلات مشروع وطني لم يطل انتظاره بخلاف ما يقوله البعض (طال انتظاره) والذين هم أنفسهم لم يجربوه حتى الآن فقط اكتفوا بالتقاط الصور عندما تمر حافلة مواصلات أمام سيارتهم وهي مليئة بالوافدين الذين هم أكثر المستفيدين من هذه الوسيلة وذلك لأن ثقافة النقل العام ما زالت غائبة محلياً وإن كان الكثير منا يستخدمها عندما يسافر للخارج، فتم حكرها في أنها وسيلة نقل لجنسيات معينة كما ارتبطت لدى البعض بالعيب وخاصة لدى المرأة كون هذه المواصلات مختلطة وأما من يمتلك سيارة خاصة ويستخدم هذه الوسيلة يتم تأطيره في زاوية البخل وغيرها من الأحكام المجتمعية التي غابت عنها ثقافة النقل العام، لذلك فإنه من الأولى على الجهة المسئولة عن هذه الخدمة أن تكثف من جهودها في تعزيز ثقافة النقل العام، وجعلها وسيلة بديلة للتقليل من الازدحام،الحواداث واستهلاك الوقود وخاصة إذا كانت الحكومة تود رفع الدعم عن المحروقات وبالتالي سيرتفع سعر النفط، فهذه الخدمة جاءت في وقتها وأوجدت بديلا لمن سيكون سعر النفط عبئا عليه آنذاك كما أنها ستساهم في تعزيز السياحة ولو كانت بشكل غير مباشر ولكنها بالنسبة للسائح وسيلة آمنة وأقل كلفة وتوفر خدمة الإنترنت ومنتظمة في الوقت وهذا ما لا توفرة سيارات الأجرة والمحتكرة لسوق النقل لفترة زمنية طويلة.
ولكن تبقى بعض الملاحظات البسيطة التي ستساعد في التشجيع من استخدام هذه الخدمة ألا وهي أن محطات الحافلات بعيدة عن الأماكن السكنية ألم يكن من الأفضل أن تقام مواقف عامه بجانب محطات الحافلات بحيث يتمكن الشخص ساكن المنطقة التي بها المحطة ان يركن سيارته ويستقل الحافلة أو أن يتم إنشاء محطات بالقرب من الأماكن السكنية بحيث يسهل الوصول إلى هذه الحافلات بدون استخدام السيارات للوصول إليها، كما ان محطات انتظار الحافلات غير مهيئة لأجواء الصيف المرتفعة والتي لا يمكن الانتظار فيها خلال تلك الفترة وهي الفترة الأعظم من أشهر السنة في عُمان لذلك لا أعتقد بأن ذلك سيشجع من استخدام هذه الحافلات خلال تلك الفترة.
ولكن في الوقت الذي ظهرت فيه هذه الخدمة وصل إلى جهاز هاتفي عدد من الرسائل التي تعبر عن اعتراض سائقي سيارات الأجرة على تدشين خدمة النقل (مواصلات) وهذا ما لم أستغربه وكان متوقعا خاصة بعد أن توقفت خدمة طلب التاكسي إلكترونياً عن طريق تطبيق في الهاتف تطلب من خلالة التاكسي ويصلك إلى حيث تكون خلال دقائق لكن أصحاب الأجرة أنفسهم اعترضوا على هذا التطبيق الذي كان سيسهل على الزبون وينظم عملية طلب التاكسي بدلاً من الوقوف على الشارع وانتظار مرور سيارة الأجرة وما يخلقه توقف التاكسي وتحركه من حوادث نتيجة انعدام النظام إلا أن هناك فئة وقفت ضد استخدام هذا التطبيق والتي كانت لها أسباب غير مقنعة ولكنها أدت إلى توقف العمل به لذلك فان اعتراض فئة من أصحاب سيارات الأجرة على خدمة (مواصلات) لم يكن بشيء غريب بل كان متوقعا وذلك لعدد من الأسباب منها تتحمله الجهة المسئولة عن سيارات الأجرة وهي أن تلك الجهة لم تنظم العمل بسيارات الأجرة كتخصيص محطات لها، استخدام العداد وغيرها من الأمور الأخرى التي تضمن حق السائق والزبون والتي تحيل دون تأثرهم سلبياً بأي خدمة أخرى منافسة كما هو الحال في دول العالم الثالث التي توفر كل أنواع المواصلات وكلها تعمل دون توقف أو تأثير سلبي على الآخر، أما الأسباب النابعة من طرف سائقي سيارات الأجرة (التاكسي) فأولها أن عددا كبيرا من سائقي هذه السيارات اعتادوا على نظام معين وغير متقبلين لأي نوع من التطوير وهنا أقول “بعض” لاعتقادهم بأنه ليس في صالحهم كما حدث عند ظهور تطبيق الهاتف أو بدأت خدمة النقل “مواصلات” بل يجب أن تتقبل أي خدمة باعتبارها منافساً للأفضل.
إذن العملية تكاملية بحيث لا يؤثر استحداث وسيلة على وسائل أخرى وبالتالي تكون لدى الزبون وسائل مختلفة يختار ما يتناسب مع ظروفه وإمكانياته، نتطلع إلى أن نشاهد القطار والحافلة وسيارة الاجرة (التاكسي) تتنافس لتقديم أفضل خدمة في الطرقات.


الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

ثلاثي الأبعاد : انتحالات .. ولكن

نشط في الفترة الأخيرة بعض الأشخاص (المثقفين) في اكتشاف سرقات أو كما أسموها “انتحالات” أدبية وعلمية لكتّاب ومؤلفين كانوا قد أصدروا كتباً ومؤلفات سواء كانت شخصية (حسابهم الخاص) وبعضها أنفق على إصدارها وتأليفها من مال الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى جانب تكاليف الترويج لتلك الإصدارات لتصل إلى ما وصلت إليه. ومن الانتحالات الأخرى التي تم الكشف عنها للمرة الثانية بعد أن تم الصفح عن الأولى والتي كان لي شخصياً تحفظ عليها لعدة أسباب، الكشف عن سرقة نصوص وفقرات بعينها لاستخدامها في كتابة مقالات أو كنصوص تحليلية وهذه المرة نشرت في صحف محلية، توقف بعض الكتّاب عن الكتابة حفاظاً على ماء الوجه، خاصة بعد أن رفضت تبريراتهم أما الآخرين، فواصلوا نشر نتاجهم ولكن هل وضعوا بعين الاعتبار بأن غلطة الشاطر بألف؟ أم أعتبروا أن ما قاموا به ليس انتحالاً بل هي استفادة مشروعة من كُتّاب آخرين، كما أن حسن النية ليس سذاجة في زمن لا يعترف بالجهل كعذر لتصرفاتنا.
قد يكون بعض هؤلاء الأشخاص الذين سخروا أنفسهم للبحث عن السرقات أو الانتحالات أنطلقوا من منطلق شخصي تجاه بعض الأشخاص، أو من باب القضاء على هذه الظاهرة التي ظهرت جلياً في الآونة الأخيرة، أو قد تكون موجودة سابقاً لكن لم يتبرع أحدهم للبحث والكشف عنها لذلك وكأن شيئا لم يكن، والزمن يغفر فينسى البشر والحمد لله على نعمة النسيان والغفران. والهدف في نفس من كشف وكتب ما اكتشف وهذا باب واحد فقط ولكن إذا فتحت أبواب أخرى قد يصبح الناقد منتقدا حينها، فهل سيتقبل ما يكتب عنه ؟! لن أسبر أغوار الأشخاص ولكن ما يمكن قوله بشكل عام إن المجتمع محب للنقد غير متقبل له لأننا قرنا النقد بالاتهام والهجوم وفرض العقوبات ومن ثم نسور هذا كله في سور النقد.
ولكن مع ذلك ما زلت أعتقد أن البداية لا تخلو من الجهل ومع مرور الوقت تتكون التجربة وتتراكم المعلومات حينها فإن الخطأ يصبح متعمدا ولكن لا يعني أنه لا يغفر وأن نسخر للنيل من هؤلاء الأشخاص وإدخالهم سجن المجتمع الذي لا يرحم بل ينتظر الفريسة ليرميها بالحجارة حتى تخدش. وفي الوقت ذاته يغتر المجتمع ببعض الكلمات التي يخطها أحدهم وينشرها في وسائل التواصل المختلفة أو وسائل الإعلام التقليدية أو يقوم بوضع قائمة كتب يقول إنه قرأها في أسبوع فيتم الاحتفاء به ووضع وسام المثقف المثالي الذي يحتذى به وأعتقد أن هذا ما حصل مع أحد الكتّاب الذي ذكرت في الأسطر الأولى أني أتحفظ على حالته والاتهامات التي كيلت له حيث إن ذلك الكاتب (المثقف) لا زال في بداياته ولكن المجتمع جعله يعيش في هالة المعجزة فبذل كل ما في وسعه حتى يحافظ على هذه السمعة التي تكونت حوله مما اضطره إلى اللجوء لبعض المؤلفات واختيار ما يتناسب وطبقته الثقافية العليا التي اكتسبها من أول سلم صعد فوقه وقد يكون اللجوء لتلك المؤلفات إما جهلاً باستخدام طرق التوثيق أو لاعتقاده بأن هناك الكثير من الحالات التي سبقتة ولم يتم كشفها وبذلك فإن جعل المجتمع في دائرة المغفل ليس صعباً ولكن لم يغفر له عثرته وكنت أتمنى أن يتعامل معه كتلميذ لا يزال يتعلم وليس مجرما لابد من معاقبتة مما اضطره لفرض العقوبات على نفسه وحبسها عن وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن إذا افترضنا أن الكاتب قاصد ومتعمد ما قام به مستغفلاً المجتمع في تصرفه ذاك أليس هناك من ينشر له وقبل النشر يتطلب التدقيق والمراجعة وخاصة الكتب والمؤلقات باختلافها والتي تسطر مجموعة من الأسماء على أنهم مدققون ومراجعون وغيرهما من المسميات التي تختفي ما أن تظهر هكذا مواضيع، ألا يتحمل هؤلاء الأشخاص المسئولية أيضاً بل المسؤولية كلها لأنهم قاموا بمراجعة ما كتب واعتمدوه، فإذا كان الكاتب غير صادق وغير دقيق فيما كتب فكان من الأولى أن يتم كشف ذلك من خلالهم وأن يحل الموضوع قبل أن تصرف آلاف الريالات على الطباعة والنشر فالأدق أن ينتقد المراجع والمدقق قبل الكاتب.
وأخيراً وما لفت انتباهي بعد أن نشرت مقالات كاشفة عن هذه الحالات ظهر بعض الأشخاص والذين لم يهمهم من الموضوع إلا اسم المؤلف أو الكاتب فانهالوا عليه بكلمات لا تليق ومستوى الموضوع (الثقافي والأدبي) لأن الكلمات المستخدمة بعيدة تماماً عن هكذا مواضيع فلننتقي الكلمات وإن كانت المواضيع مؤثرة وكبيرة، ليس من الضروري ركن الاحترام جانباً لفرد العضلات.


الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

سفرجت


على مقعد في سينما بإنجلترا أخذت مكاني في القاعة التي ضمت عددا قليلا جداً من الرجال وامتلأت بالنساء اللواتي تدل أشكالهن على أنهن تجاوزن الأربعين وهو الجيل الذي مازال مهتما بالقضايا الجادة في المجتمع البريطاني وكأنهن أتين ليناصرن إميلين بانكيرست رئيسة حركة سفرجت التي مكنت المرأة البريطانية من اكتساب حقها في التصويت عام 1918م عندما صوّت البرلمان البريطاني لإعطاء المرأة التي يتجاوز عمرها الثلاثين الحق في التصويت وفي عام 1928م خُفض العمر ليكون واحدا وعشرين وهو نفس العام الذي توفيت فيه إميلين، وذلك بعد صراع مع السلطة آنذاك والتضحيات التي قدمتها المرأة للحصول على حقها في التصويت سواء كانت تضحيات عائلية ومجتمعية في الوقت الذي ما زال فيه المجتمع البريطاني محافظ إلى جانب تضحيات العمل الذي هو مصدر أساسي للعيش في الطبقة الوسطى والفقيرة.
كانت إميلين تعيش مع زوجها وابنها الصغير في منزل جداً بسيط في إحدى ضواحي لندن ، كانت تساعد زوجها في توفير المال وذلك بالعمل في مصنع لغسيل وكي الملابس مع غيرها من النساء من نفس طبقتها اللواتي كانن يستحملن تصرفات المسئول اللاأخلاقية من أجل البقاء في العمل ، لكن إيميلين كانت تستفزها تصرفاته حتى أتى الوقت الذي حرقت فيه يده بعد أن كان يستفزها بعد انتشار صورتها في الصحف على أساس أنها ضد السلطة وخارجة عن القانون ومن هنا كانت التضحية بالعمل من أجل حفظ الشرف والمضي قدماً في الطريق الذي أختارته للمطالبة بحق النساء في التصويت ، وأما التضحية الأكبر عندما بدأت تشارك في المطالبة بحق المرأة في التصويت وإدخالها السجن مراراً كانت ردة فعل زوجها كردة فعل أي رجل في هذا العالم لا يقدر أمه وأخته وزوجته حيث أعتبر ذلك فضيحة وعار جلب لمنزله ولا بد من معاقبتها عليه فكان العقاب الأول طردها من المنزل وحرمانها من رؤية ابنها أما العقاب الأكبر والذي أكاد أجزم بأنها لو كانت تعلم به مسبقاً لما قادت هذه الحركة ألا وهو التضحية بأبنها وذلك عندما قام زوجها بتسليم ابنهما لعائلة ثرية ليعيش معهما فكانت الصدمة الكبرى لها والتي جعلتها تنهار ولكن إصرار الزوج على قراره جعلها لاتستسلم للأمر وتواصل مشوارها من أجل بنات جنسها وهذه أكبر تضحية ضحت بها إميلين ، ولكن في مقابل أنها فتحت باب للنساء الأوروبيات للمطالبة بحقوقهن في السياسة ومن ثم على مستوى العالم وكان آخرها السعودية التي سمحت للمرأة بالتصويت في عام 2015 أي بعد حوالي سبعة وتسعين عام.
هذا الفيلم الذي سلط الضوء على حياة إميلين وضّح الكثير من النقاط التي غابت عن البعض ألا وهي أن النجاح والحصول على الحقوق لابد أن تسبقه تضحيات كثيرة ومعاناة وحصول المرأة البريطانية على حق التصويت جاء بعد صراع وهي الآن تتمتع بالكثير من الحقوق ومنها الحقوق السياسية وحقها في البقاء مع طفلها لفترة طويلة حيث أن إجازة الأمومة ستة أشهر براتب كامل وبنصف راتب بعد الستة أشهر ، ولكن أن مقارنة وضع المرأة في المجتمعات العربية أو الخليجية بشكل خاص مع مجتمعات العالم المتقدم تعتبر مقارنة غير متكافئة ليس من باب أنهم الأفضل أو أكثر انفتاحاً بل لعدد من الأسباب أن تلك المجتمعات سبقتنا بقرون لتصل إلى الوضع الذي تعيش فيه الآن والمحافظة على الإنجاز البشري والتركيز على العقول بدلاً من الأدوات التي تحتاج إلى عقول ناجحة لتشغلها وتستثمرها مع أنها أي تلك الدول ما زالت تواجه تحديات كثيرة ومنها تحدي الدين الذي تاه عنه الكثيرون وهذه نقطة ضعف تحاول أن تصححها تلك الحكومات بطرق غير مباشرة ، ولكن هذه التحديات ليست على حساب المضي بالبشرية للأمام وقد يكون أقرب مثال يمكن أن يضرب هنا البنية التحتية والمباني التي تحكي عن عمر تلك الحضارات أما المجتمعات العربية العربية فهي الآن في مرحلة التغيير وتحتاج الكثير من الوقت لتصل لمرحلة الانفتاح الفكري النافع وتقبل الآخر والاختلاف معه ، فالاختلاف مقياس لتحرك المجتمعات نحو التغيير وأما الاتفاق فيعني بأن هناك رأيا واحدا مسيطرا يحاول أن يفرض على الجميع .
فيلم سفرجت لم يرو حياة إميلين بانكيرست بتفاصيلها الحقيقية بل زاد في بعض التفاصيل وغير بعضها وقد يكون للمخرج هدف من ذلك على الرغم من يقينه أن المجتمع البريطاني يعي قصة هذه المناضلة السياسية وأعتقد أنه أراد أن يكسب عاطفة المشاهد خاصة فيما يتعلق بطفلها وتضحيتها به فهذه الجزئية التي لم ترد فيما كتب عن حياة إميلين، العاطفة أسهل طريق لحشد الجماهير في كافة المجالات .



 

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

إيما


 راوية إيما للكاتبة جون آوستن لم تكن مجرد رواية عن إمرأة كانت تحاول أن تجمع رأسين بالحلال (الزواج) بقالب كوميدي رومانسي لفتيات الطبقة الغنية اللواتي يعانن من الخوف من عدم الزواج آنذاك (القرن التاسع عشر) على الرغم من فشلها في أكثر من محاولة ، ولكن الرواية حملت بين طياتها الكثير من تفاصيل المجتمع البريطاني بشكل خاص والأوربي بشكل عام فهي رواية وثّقت لتاريخ إجتماعي ثقافي لتلك البقعة من الأرض وهذا ما يحتاج إلى أن يعرفة الجيل الحالي الذي لم يعرف عن الثقافة والمجتمع الغربي إلا إنفتاحه اللامحدود والعيش من دون سقف للحرية في التصرفات والأخلاق وطبعاً التعبير عن الرأي ومحاولة التقليد دون أن يعي التدرج الذي أوصل بتلك المجتمعات إلى هذه المرحلة ، حيث أن هذه الرواية في فترة كانت المجتمعات الأوربية المحافظة تعترف وتحترم العادات والتقاليد والدين الذي كان أساس في تعاملات البشر والمرجع لحياتهم وذلك قبل أن تعبر إلى ضفة الحداثة بكافة جوانبها ،أي فترة أشبة بطبيعة حياة المجتمعات العربية اليوم.
كانت إيما (الخطّابة)  تحاول أن تُقرّب إثنين لبعض لكي يتزوجا وذلك بعد أن تحلل شخصية كل واحد من الجنسين وتقوم بإختيار الأنسب حسب وجهة نظرها وأن كان الشخصين لا يتقبل أحدهم الآخر وأحياناً تفرض رأيها في علاقة شخصين حتى لا يتزوجا وتحاول جاهدة إلى إفساد الزواج إذا لم تكن مقتنعة به ، ولكن إيما لم تنجح في مسعاها إلا في توفيق عدد بسيط وذلك لأن بعض الرجال وقعوا في حبها بدل من التقرب للطرف الآخر كما خططت إيما ، فأنتهى بها المطاف إلى أن تزوجت الرجل الذي كانت تحاول أن تقربه إلى صديقتها ، وبهذا كانت رسالتها أن الزواج ليست تشكيلة بشرية يمكن أن يشكلها أحد البشر (طرف ثالث) كما يريد بل هو تقارب بين روحين قد ينجح أو يفشل حسب طبيعة الشخصيات، وأعتقد بأن هذه الرواية كانت رسالة صريحة لتلك المجتمعات في تلك الفترة بأن لعب دور الوساطة بين شخصين قد لا يأتي ثماره وأن يترك الاختيار للطرفين لأختيار شريك الحياة ، فهذه من الروايات التي أحدثت نقلة في المجتمع البريطاني ووالأوربي بشكل عام ، بعد أن كان الزواج تلك الفترة من الروابط المهمة في المجتمع قبل أن تظهر فكرة الشريك (البارتنر) والتي تقوم على أساس أن يتشارك المرأة والرجل في مسكن واحد دون أي رابط إلا الرابط العاطفي والتفاهم وقد ينجبا أطفال وبعدها قد يقررون الزواج أو الأنفصال ، وهذه من نتاج الحياة العملية التي تركز على العمل أكثر من الأسرة والحياة الاجتماعية التي يحاول البعض في المجتمعات العربية تقليدها دون التفكير في نتائجها وما تعاني منه المجتمعات الغربية اليوم من تفكك أسري ودمار مجتمعي تحاول المؤسسات الاجتماعية والحكومات إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال وسائل الإعلام المختلفة .







الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

لا تزيدوا الهوة بينهما

أتذكر ردة فعل صديقة بريطانية لي عندما أخبرتها بأن أمي لا تجيد القراءة والكتابة ولكنها كانت شديدة الحرص على أن نكمل التعليم حتى أعلى مراحله ؛لا تعلم ماذا نتعلم ولكن كانت تحرص على أن نكون أنا وأخواتي وأخي مجتهدين في مدارسنا توقظنا قبل ساعات الفجر تجلس بجانبنا حتى ننتهي من المذاكرة لا تنام حتى ننهي واجباتنا المدرسية ، توبخنا إذا لم نحصل على مراكز متقدمة وعندما أنهينا تعليمنا المدرسي كانت تقول لكل واحد منا  اختاروا اللي يناسبكم من تخصص في الجامعة ولكن بشرط أن تكونوا قادرين على إكماله بنجاح) لم تكن تعلم ما هو معنى النجاح لكنها تسعد بنتائجنا، كنت أحكي التفاصيل و ريتشل (البريطانية) منبهرة مما تسمعه من تجربتي الخاصة والبسيطة كتجارب الكثير من النساء العمانيات ، بعدها قالت: لن نسبققكم بالكثير ويبدو أنكم ستتجاوزوننا , بل أنتم قدوة يجب أن يستمع إليها العالم حيث لم أتوقع أن المرأة تحظى بكل هذا الاهتمام . كان هذا الحديث قبل يوم المرأة العمانية بعدة أيام ، هذا اليوم الذي يحتفل به المجتمع منذ ما يقارب الخمس سنوات وفي كل سنة تطرح نفس الآراء حول المرأة ومن هي المرأة التي يجب أن يحتفل بها وغيرها من المواضيع التي تتكرر كل عام وتتكرر معه نفس الوجوه (قص ولصق) في المقابل تزيد أعداد الاحتفالات بعضها شكلية فقط تقام لغاية في نفس من نظم الاحتفال وبعضها مفيد كالندوات أو المحاضرات لكن فائدتها وقتية تكون توصياتها مادة دسمة في وسائل الإعلام حينها لكن تطير مع الهواء الساخن الذي يمدد الأشياء فتٌرى كبيرة وبعد ذلك يتركها لتكمل طيرانها وقد تسقط في البحر حيث من الصعب العثور عليها.
وحتى المقالات التي تُكتب تزامناً مع هذا اليوم تكرر نفسها تحلل وتتفاءل مرات وتتشاءم مرات أخرى وتسلط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة تطرح حلولا حسب وجهة نظر الكاتب تضرب أمثلة لنماذج نساء ناجحات ولكن لا شيء جديد ، لأن المرأة هي كائن بشري كالرجل حاضرة في المجتمع يجب أن لا نحمل هذا الكائن أكثر مما يحتمل ولا يجب أن نربطها بالنجاح دائماً وأن نربط أي فشل يمكن أن تمر به بالمجتمع والرجل فهي كأي إنسان يمر بحالات مختلفة في حياتة سواء فترات انكسار فترات نجاح وفترات هدوء ومنهن من فضلن التركيز في تربية أطفالهن حتى يصبحوا قادرين على المساهمة في المجتمع وهذا ما يعتبره البعض انتقاصا من المرأة العصرية وأنه تحجيم لدورها ألا يعلمن أن هذا أكبر نجاح للمرأة . أتعجب من بعض ممن يعممن الشعور بالفشل والخذلان أو الانكسار الداخلي وهن حققن نجاح يحسب للمرأة ولكن لم يحققن مأربهن التي بدأت تنكشف بعد أن اختفت وراء ستار صناعة المرأة المثالية أو لم يحصلن على مناصب عليا لسبب أو لآخر ويتكلمن عن سلطة الرجل عليهن وأن المجتمع لم ينصف المرأة مثل هؤلاء النساء المتشائمات يحاولن إحباط الآخريات بل أنهن يجرن المجتمع إلى منعطف خطير يزيد من الهوة بين المرأة والرجل (العدو) وكثير من النساء يتأثرن بهن باعتبارهن قدوة ولكن …
الرجل أيضاً يمر بهذه المراحل فليس كل الرجال ناجحين وهنا لا يمكن القول بأنهم لا يحصلوا على حقوقهم لذلك هم غير قادرين على مواصلة مشوارهم في الحياة فهناك حالات فردية وأسبابها قد تكون شخصية في كثير من الأحيان، كما أن كثرة الحديث عن المرأة أو استغلال إثارة هذا الموضع بين الحين والآخر يزيد من الهوة بين الجنسين فكثرة الحفر تزيد العمق ولكن تخلف أضرارا عند السقوط اجعلوا الخلق للخالق فلا شيء أجمل من العيش بسلام وحمد الخالق على هذه النعمة .
عند زيارتي لجبل شمس سألت فتاة تبيع ميداليات من الصوف والتي قامت والدتها بتصنيعها فقلت لها أين هي والدتك قالت تذهب لتتعلم القراءة والكتابة لتساعدنا في حل واجباتنا المدرسية… تحية لتلك المرأة في جبل شمس ولكل امرأة ورجل يكافح من أجل مستقبل عُمان .

خولة بنت سلطان الحوسني

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

الشورى في العقل المعاق

لم أكن أرغب في الخوض في موضوع الانتخابات من هذه الزاوية التي سأتحدث عنها في هذا المقال لكن مع قرب فترة الانتخابات وتصاعد إعلان المترشحين عن أنفسهم وبمساندة من يدعمهم خرجت مجموعة كانت قد صرحت برأيها سابقاً وكثفت تصريحاتها عبر وسائل التواصل المختلفة وبالأخص الخاصة منها في الفترة الأخيرة لتؤكد على وجهة نظرها حول الموضوع وهي أن القبيلة لا يجب أن تكون عائقا في انتخابات مجلس الشورى بمعنى أن لا ننتخب من يمثل القبيلة التي ننتمي إليها وأن يكون الاختيار للكفوء والأنسب في تمثيل الولاية وهذا شيء لا يختلف عليه الجيل الحالي أو يمكن القول الجيل الذي أتيحت له فرصة التعليم بكافة مستوياته وما تبع ذلك من ثقافة ووعي بما يخص الصالح العام أولاً ، هذا لا يعني أن المجتمع وصل لمرحلة الوعي التام فمازال البعض يرشح من يمثل قبيلته بغض النظر عن الكفاءة ولكن من الملاحظ أن هذا التوجه في طريقه للتغيير وسيكون هذا النوع من النقاش في المستقبل مجرد ماضِ وسيكون التركيز على مواضيع أكثر أهمية لمستقبل عُمان ، نعيش فترة انتقالية بين الأجيال وهذا النوع من التوجة القبلي أراه طبيعيا في الفترة الماضية والحالية (الانتقالية) وهو في طريقه للتغيير ونماذج الفترة السابعة في مجلس الشورى هي أكبر دليل على ذلك وبأن الاختيار كان لمن هو مناسب ليكون ممثلا عن ولايتة وعن وطنه عُمان أولاً ومن المتوقع دخول أصوات مماثلة في الفترة الثامنة وجوه شابة طموحة وهي الآن في طريقها للمجلس نادت بالتغيير العقلاني أو التغيير الإيجابي الذي لا يلغي دور المؤسسة الاجتماعية بل يهيئها ويؤقلمها للتعامل مع التغيير الذي ينشده المجتمع ولا يعتبرها عائقاً للتقدم ، فمن يعتقد أن الجبال هي عائق طبيعي يجب أن ينسف فهذا لا يعلم أن الجبال خلقت من أجل حفظ توازن الأرض وبإزالتها أختل هذا التوازن هكذا هي القبيلة تحافظ على البناء المجتمعي والأسري وإذا نفيت فسينهار هذا البناء .
اتفق تماماً مع التوجه الذي يعزل جميع المعطيات التي لا داعي لتكون حاضرة في انتخابات المجلس ويبقى على لائحة المواصفات التي يجب أن تتوافر في المترشح ، ولكن هناك زاوية اختفت خلف هذا التوجه إلا وهي أن البعض في ترويجهم لهذا المبدأ كانوا يروجون أيضاَ بشكل غير مباشر بأن على الناخب أن يبرهن للمجتمع ترجمته لهذا التوجه بأن يقوم باختيار المترشح الذي لا يمثل قبيلته بغض النظر عن الكفاءة والأفضلية وهذا هو الفخ الذي يجب أن ينتبه له الجميع فقد يكون المترشح من نفس القبيلة هو الأفضل من بين المترشحين من نفس الولاية ، لذا يجب أن لا يأخذنا حماس التخلص من الانتماء القبلي في الانتخابات وأن لا ننظر لها بأنها عائق فقط ، فالقبيلة هي أساس المجتمع العماني وجميعنا نفتخر بهذا الترابط الاجتماعي الذي أبقى على نظام الأسرة العربية والإسلامية بينما غاب في مجتمعات أخرى فأصبحت مجتمعات مشتتة اجتماعياً وفي الوقت نفسه يجب أن لا تجرنا العاطفة الزائدة لاختيار ابن القبيلة ولا الانفتاح الزائد في اختيار الآخر الأقل كفاءة ، فالاتزان رأس الحكمة وكما يقول المثل العماني (عقلي في رأسي وأعرف خلاصي) . من ناحية أخرى يجب على المترشح للإنتخابات أن لا يركز في دعايته الانتخابية ورؤيتة لأبناء القبيلة فقط ومن الأفضل أن يتوجه لجميع سكان الولاية ليكون الاختيار للأنسب والأجدر بالاختيار ، هناك تجربة لأحدى الولايات ذكرها لي أحدهم بأن يقوم سكان الولاية بعمل انتخابات مبدئية إذا كان عدد المترشحين كثيرا من نفس الولاية وبالتالي يتفق الجميع من كافة القبائل على ترشيح الثلاثة الذين حصلوا على نسبة تصويت أعلى في الانتخابات المبدئية وبالتالي تذهب جميع الأصوات لهؤلاء الثلاثة بمن فيهم المترشحون للانتخابات الذين لم يتم اختيارهم باقتناع الجميع بأهدافهم وتمكنهم من تمثيل الولاية خير تمثيل.
ما أردت قوله بأن من أراد الخير لبلاده يجب أن لا يسعى لتدمير أساسها واعتباره عائقاً وأن نساهم في جعل هذا الأساس متماسكاً وأما الاختيار لمن يمثلني أو يمثلك في الشورى فقائمة الأولويات موجودة في عقل كل واحد منا وأن ينتظر إلى الشخصية التي تستحق أن تحمل صوت المواطن لقبة المجلس.




الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

دور لرعاية من منحونا الحياة

يؤلمني أن أشاهد شخصا طاعنا في السن يصارع من أجل البقاء أتعبته الدنيا فأنهكت قواه وهو يتجول في الطرقات أو يذهب لقضاء مشوار كالتبضع أو قضاء مصلحة دون مساعدة أحد أو بكرسي متحرك أو آلة مساعدة للمشي دفع ثمنها مما جناه في شبابه، يقضي مشوار الربع ساعة في أكثر ساعة، يعيش حياته وحيداً في المنزل دون أن يرعاه أحد أو قد يرافقه حيوان أليف ليقضي معه ما تبقى من حياته، علمته الحياة أن لا يطلب مساعدة إنسان مهما كان قريبا منه ولا ينتظر مساعدة إنسانية لأنه تعامل مع والديه بنفس الطريقة عندما كان شاباً فجاء الوقت ليعيش كما عاشوا.
أتحدث هنا عن مشاهد في بعض دول العالم المتقدم ،ذلك العالم المتقدم في المشاريع والعمران والتكنولوجيا والأبحاث والعلوم والمتخلف في العلاقات الإنسانية وأبرزها البر بالوالدين والإحسان لكبار السن، من أطلق عليه العالم المتقدم رأى القشرة التي تلمع ولكنه لم يرى بأن التقدم يشمل أيضاً البر بالوالدين والإحسان وخاصة لكبار السن وغيرها من الأمور التي غابت عن مجتمعاتهم وأبقيت عليها المجتمعات العربية وخاصة الخليجية ولله الحمد.
وبما أنه عالم متقدم فكثيراً ما نعتقد بأن الإنسان يرغب في الاعتماد على نفسه ولكن هذا خطأ صدقناه لنؤكد أنهم عالم متقدم فعلاً ، ولكن من يتعمق في تفاصيل هذه المجتمعات سيرى بأن هناك عادات أو قيم كانت حاضرة في مجتمعاتهم ولكن التقدم اختطفها منهم ، فكبار السن أجبروا على التأقلم مع هذا الوضع بالإعتماد على النفس وإلا فأنهم سيفارقون الحياة إذا لم يتصرفوا ويجدون مخارج للعيش ، لم يعد يعرفوا عن أبناءهم سوى أسمائهم التي منحوها لهم عند ولادتهم وإذا لم يرزقوا بأبناء فإن التكاتف الأسري والاجتماعي ليس له وجود في حياتهم لذا فالعوائل لا تحرص على أن تكون قريبة من بعضها ، حتى إذا مات أحدهم قد يعلم عنه الجيران إذا توجهوا للصلاة في الكنيسة حينها يتم الإعلان أن فلانا من الحي القريب قد توفى.
أما من كان مقتدراً وأراد أن يحسن لوالديه فأنه يتكفل بدفع تكاليف دار رعاية المسنين فيودعهم في الدار ويكون واجبه دفع المبالغ فقط وبذلك ضمن رعاية لوالديه وآخرين يسلمون أنفسهم لهذه المراكز أو الدور بعد أن تخونهم قواهم ولم يحن وقت مغادرتهم ولا يكونوا قادرين على رعاية أنفسهم ، إلا أن هناك إشكالية أصبح يواجهها البعض مع هذا النوع من المؤسسات الاجتماعية حيث إن هذه المؤسسات اتجهت اتجاهاً تجارياً فاستغلت حاجة المجتمع لهذا النوع من المشاريع فانتشرت كالمطاعم وبأسعار مرتفعة بدل من أن تكون مؤسسات تقدم خدمة للمجتمع وبأسعار رمزية ، إلا أن المجتمعات العربية بشكل عام اعتبرت هذا النوع من المشاريع نوعاً من التقدم ولكن أي تقدم بأن أترك من منحني الحياة ورعاني حتى كبرت لأشخاص آخرين يقدمون له الرعاية وبعيداً عن الجو الأسري ، إلا إذا كانت حالته الصحية تستدعي المكوث في المستشفى في هذه الحالة يفضل أن يكون في دار رعاية المسنين بحيث يترك السرير في المستشفى لمريض آخر ويتمتع هو بالرعاية الصحية مع توفير برامج اجتماعية في تلك المراكز عوضاً عن جو المستشفى الكئيب.
الاستثناءات موجودة في تلك المجتمعات ولكن هنا أتكلم عن الوضع العام والذي لا أتمنى أن يقلد في المجتمعات الإسلامية.
نحن في نعمة ولله الحمد ،تمسكنا ببر الوالدين والإحسان بكافة أنواعه لهو تقدم كبير في التطور البشري وتلك الدول تفتقد هذا الشيء بل أنهم يشعرون بأنهم فقدوا شيئا عظيماً يحاولون أن يسترجعوه ، لذلك فهم ينبهرون عندما يعلمون بتماسكنا الأسري والاجتماعي وبأن المجتمع العماني لا يؤيد مراكز رعاية المسنين لأن الأولى رعايتهم في بيوتهم ومن قِبل أبنائهم، أذكر صديقة لي من دولة أوربية تعجبت عندما أخبرتها عن تماسكنا الأسري وأنه لا توجد مراكز لرعاية المسنين فقالت: نحن نفتقد لهذا الشعور أخذتنا الحياة إلى العمل فتركنا أهم جزء منها نشعر بأن هناك شيئا مفقودا ألا وهو نظام الأسرة العربية الذي هو أصل في بناء مجتمع ناجح.



الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

سناب شات الحج

ساهمت شركة سناب شات الإنجليزية في تغطية مباشرة للحج ومن قبل ذلك سناب عن مكة وتحديداً شعائرالعمرة حيث إن تخصيصها سناب لمثل هذه الشعائر الإسلامية وهي شركة بعيدة عن الإسلام لهو شيء يحسب لها كما أنها بذلك تبرهن على أنها شركة عالمية محايدة تشارك سكان العالم بمختلف دياناتهم وجنسياتهم ، ولكن سناب الحج أظهر بأن هناك أشخاصاً (حجاج) وخاصة من هم في سن المراهقة انشغلوا بالتصوير للسناب شات وهي حالات فردية لكن جرس الإنذار لابد أن يسبق وقوع ما نخاف وقوعة ألا وهو أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي محفزاً للذهاب لتأدية الفرائض الدينية بمعنى أن يكون الهدف هو للتصوير للسناب شات والإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي , أو أن ينشغل الحاج أو المعتمر بهذه الوسائل بدلاً من استغلال كل ثانية في مناجاة ربه والدعاء ، فلا ننكر بأن هذه الوسائل أخذت من حياتنا الكثير فمن تعوّد عليها من الصعب أن يتركها وهذا أثّر سلباً على نمط الحياة تدريجياً دون أن نشعر بذلك التأثير ألا بعد فترة من الوقت ، فإذا كانت هذه الوسائل هدفها المشاركة فليس هدفها نشر الإسلام ولكن لها أهدافاً تجارية بحتة وهي بأن تكون قريبة من مشتركيها في تفاصيل حياتهم وبذلك يشعرون بأن الوسائل الأقرب إليهم ونفسرها بأنها تبادل ثقافات وهي كذلك ولكن على شرط أن لا تسرق لحظات العبادة التي بدأت تقل مع الجيل الجديد (جيل التكنولوجيا).
في المقابل سناب شات الحج لم ينجح في توصيل الهدف من الحج لدى المسلمين لغير المسلمين حيث إن ظهور مقاطع لمدة ثوانٍ لمشاهد من الحج بدون شرح فإنها تكون مشاهد مبهمة للآخر وقد تنقل الصورة بشكل خاطيء فالصور في هذه المواقف لا يمكن أن تفسر الكثير الذي يمكن أن يقال عن هذه الشعائر وخاصة رمي الجمرات الذي تم تفسيره بشكل خاطيء من غير المسلمين بل إن بعض المسلمين الذي ورثوا الإسلام ولم يقرأوا عنه فأنهم شاركوهم الرأي وهو أن:( الشيطان موجود في كل مكان فلماذا يذهب المسلمون ليرموه في منطقة منى ؟ ولماذا لم يمت وهم يرمونه منذ مئات السنين ) هذه بعض النتائج السلبية التي ظهرت بعد سناب شات الحج فكان من الأفضل أن يتم شرح المقصود منه حتى تكتمل الصورة والتي هي إظهار نفرتهم من الشيطان معبرين عن غضبهم من كل موجود شرير خبيث نجس وإن النفرة من النجاسة وهي أمر معنوي وقلبي يعبرون عنها بهذه الطريقة بشكل ملموس ومحسوس ، الشيء ذاتة فيما ذبح يخص الأضحية حتى أطلق عليها البعض أنها أفعال وثنية لا تمت للإسلام بشيء فهذه الردود ليست بغريبة سواء من المسلمين أو غيرهم على من جعل وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا لتلقي المعلومة وجعل من الكتاب صورة يضعها في هذه الوسائل فقط دون أن يعلم حتى عدد صفحاتة ، فالأولى من هذا الجيل ان يتحصن بالثقافة والعلم حتى ينشر الثقافة كاملة فنقصان المعلومات يجعلها تصل بشكل خاطيء كما هو حادث بالفعل .
في مقابل الخدمة التي قدمتها شركة السناب شات، ظهرت موضة جديدة بعد فريضة الحج من قِبل المسلمين أنفسهم ألا وهي إطلاق مجموعة من النكات على أنها حدثت أثناء الحج ، فكانت مستهزئة بالمشاعر والجهل الذي يخيم على عقول بعض الحجاج فظهروا مغفلين لا يعلمون كيف يدعون الله والألفاظ التي ينتقونها لمخاطبته وبالتالي تأديتهم للمشاعر بشكل خاطيء وتحديداً بعض الجنسيات العربية، أتفقنا او اختلفنا على تلك النكات إلا أنها تعكس عدم احترام الفريضة كما أنها أظهرت الحجاج على أنهم أداة للضحك فهل انتهت المواضيع التي يمكن أن نضحك من أجلها ، هناك من يستغل هذه الفرص ويستمتع وهو يرى المسلمون يضحكون على أنفسهم ، كان من الأولى أن نستغل هذه الوسائل في شرح مبسط لشعائر فريضة الحج بدل من أن نُضحك الناس علينا ، الاستهزاء بالحجاج يقوي من حجة الآخرين في وجهة نظرهم حول الإسلام والمسلمين بشكل خاص ، التسامح والاحترام والأخلاق جعلنا نحترم الديانات الأخرى وبالاحترام والأخلاق لديانتنا وثقافتنا سيحترمنا الآخر .
شكراً لسناب شات على مشاركته المسلمين فريضة الحج .





الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

الكلاب عوضاً عن الإنسان؟!!

لم يكن بالأمر السهل الانصات لحديثها وتقبله في نفس الوقت وذلك عندما بدأت تتكلم عن صديقها الذي يعيش معها منذ أكثر من عشر سنوات حيث أنها فضلته على عائلتها واختارت أن تقضي حياتها معه لأنه هو الوحيد الذي يفهمها ويقدرها بينما فشل الآخرون في ذلك، يتابعها دائماً يقف بجانبها في مرضها، وجوده في حياتها جعلها تستبعد التفكير في الزواج وإنجاب الأطفال خاصة أن الطفل قد يكلفها الكثير وبالتالي ستضطر إلى الإنفاق عليه أكثر من الكلب وهي تريد أن تستمتع بحياتها قبل أن تموت ، هكذا كانت إجابة المرأة اليابانية التي تجاوزت الأربعين عندما كان النقاش عن أقرب شخص في العائلة إلى المتحدث في الجلسة النقاشية حيث كانت تتحدث بكل إنسانية وتأثر عن صديقها جيمي وهو كلب من أصل بريطاني من فصيلة (كورجيس) وتفتخر كثيراً بوجوده معها وخاصة أن الملكة إلزابيث تمتلك نفس النوع من الكلاب ، كنت حينها أنظر إلى وجوه الحضور الذين أتوا من دول أوروبية ويبدوا أنه لم يندهش أحد غيري لأن وجود الكلاب في حياتهم أمر طبيعي حتى أن البعض يفضلها عن الإنسان ، وبين حيرة السكوت أو الخوض في تفاصيل الموضوع اخترت أن أتطرق إلى الموضوع وأجلب بعض التفاصيل لعلها تـقـنعني برأيها ولو القليل ، ولكن الحوار انتهى إلى نقطة مغلقة، حيث لم تستطع إقناعي بأن الإنسان يمكن أن يختار شريك حياته من الحيوانات وثقافة المجتمع الياباني تتجهه إلى اختيار الكلاب عوضاً عن الإنسان واعتبار هذا رمزاً من رموز الـتطور والانفتاح.
هنا تذكرت إحدى حلقات برنامج خواطر عندما تطرق أحمد الشقيري إلى إحدى المدن اليابانية التي أغلقت فيها مستشفيات أقسام الولادة منذ ما يقارب ثلاثة عشر عاماً والسبب هو قلة الإنجاب في اليابان بشكل عام وإنعدامه في تلك المدينة بشكل خاص.
وعلى الرغم من أن الحكومة اليابانية تسمح في الوقت الحاضر بإنجاب أي عدد من المواليد بعد أن سنت قانونا لا يسمح للأسرة بإنجاب أكثر من طفلين بعد الحرب الثانية واتجاه الحكومة اليابانية لإلغاء هذا القانون سببه الأول هو قلة عدد الأطفال وبالتالي الشباب حيث أن نسبة كبيرة من التركيبة السكانية يمثلون كبار السن حتى أن عدد الكلاب يفوق عدد الأطفال في المدارس ، والمحلات التجارية تبيع حفاظات كبار السن بدلاً من حفاظات الأطفال ، وذلك بحجة أن الطفل يكلف الكثير على العائلة وخاصة في المراحل التعليمية وبالتالي العائلة تكون غير قادرة على تغطية المصاريف فاتجهوا إلى الكلاب عوضاً عن الأطفال على الرغم من أن تربية الكلب مكلفة أيضاً لكنها توفر مصاريف الدراسة، وتعمل الحكومة اليابانية إلى استحداث برامج للتشجيع على الزواج والإنجاب وذلك بمساعدة الأسـر في تغطية مصاريف دراسة الأبناء، لأن بهذا الحال سوف ينقرض اليابانيون كما أنه سيتحول لمجتمع مستهلك فقط غير قادر على الإنتاج لغياب الشباب من تركيبته السكانية، ومن ضمن النقاط المهمة التي يعتبرها اليابانيون من أسباب التطور هو أن المرأة تُفضل العمل عوضاً عن التفكير في الزواج وتكوين أسرة وذلك لاعتقادهم أن الحياة هي إنغماس في العمل والاستمتاع بالحياة وتكوين أسرة قد يغير من مسار هذه الأهداف.
إذا كان التطور والإنفتاح يقود إلى هذا التفكير وإحلال الحيوان بدل من الإنسان، فنحن في نعمة لا نتمنى أن نفقدها يوماً ما، فليس هناك نجاح أكثر من تكوين عائلة والمحافظة على العلاقات الإنسانية والاستمرار البشري والعمل من أجل البقاء، صحيح أن إمبراطورية اليابان لا تدين بدين سماوي ومعتقداتهم وثقافتهم مختلفة عنا والمقارنة غير عادلة لاختلاف الأديان ولكن الخوف من أمواج الانفتاح الثقافي الذي لا يعترف بالدين أو أنه اعتراف سطحي والتي بدأت تغزو الجيل الجديد وسيتأثر بها الجيل القادم الذي أصبح ينظر إلى النجاح دون الاكتراث بالقيم والعادات الأصيلة في المجتمع مع تهميش الدين الذي هو الأساس والمرجع لحياتنا بشكل عام.

@sahaf03

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

الجامعة الأولى بين شد وجذب المجتمع

لم تكن جامعة السلطان قابوس مجرد مرحلة دراسية يلتحق بها الطالب لإكمال مشواره في الدراسات الجامعية، بل كانت حلما يراود كل طالب وهو على مشارف الانتهاء من مرحلة المدرسة. حلما؛ لأنها تحمل اسم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه. حلما؛ لأنه أعلن عنها شخصيًّا في خطاب العيد الوطني العاشر، ولأنه ـ أبقاه الله ـ كان يكرم المجيدين فيها ورعى تخريج طلبة الدفعات الأولى، ولأنه أشرف عليها منذ وضع أول حجر إلى أن قامت كصرح علمي كبير، فحرص على افتتاح كل مرحلة فيها، ولأن جلالته ـ أيده الله ـ عول على من ينضمون إليها الكثير حتى قال في كلمته الشهيرة في أول زيارة لها (نفخر بهذه الجامعة، بل نفاخر بكم في عُمان وفي غير عُمان) هي حلم لأنها الجامعة الحكومية الوحيدة حتى الآن لذلك تحظى باهتمام ورعاية من الحكومة وتمويل سامٍ سنوي للبحوث العلمية، ولأنها لم تكن تقبل إلا الحاصلين على نسب عالية، بالتالي كان الطالب يبذل قصارى جهده ليلتحق بها، فكانت تستقبل النجباء فتصقلهم وتوردهم للمجتمع ليكونوا قادرين على بناء مستقبل عُمان.
كانت حلما، ولكن الحلم أصبح واقعا حقيقيا، وما أن تتحول الأحلام إلى واقع يبدأ البشر في فرض أنظمتهم عليها بما يتناسب وظروفهم، فكان أول تلك الظروف بأن تساوت نسبة القبول في الجامعة مع الجامعات والكليات الأخرى، وبالتالي لم يعد الدخول إلى الجامعة يشغل بال الطلبة في الدبلوم العام، لأنه أصبح أمرًا سهلًا ولا يحتاج إلى تنافس. وأعتقد أن هذه من التنازلات التي قدمتها الجامعة لصالح المجتمع، ولكن لم يأتِ بالنتيجة المتوقعة بل أثر سلبيًّا على جودة المخرجات التي لم تعد كالسابق، وطبعًا الاستثناءات موجودة، ولا يمكن أن نعمم ولكن هذه النتيجة بشكل عام.
المجتمع الذي قدمت الجامعة من أجله تنازلات من حيث نسب القبول لاستيعاب عدد أكبر بدأ ـ للأسف ـ يتذمر من جودة التعليم المقدمة للطلبة، وربما هذه حجة لا واقع لها، فقد لوحظ في السنتين الأخيرتين بأن نسبة كبيرة من خريجي الدبلوم العام يُفضلون البعثة الخارجية عوضًا عن الدخول للجامعة أو أي من مؤسسات التعليم العالي المحلية، هذا لا يعني بأن هذه المؤسسات ذات تصنيف سيئ، بل لأن البعض يرى أن الكثير من المعلومات الخاصة عن هذه المؤسسات التي على أساسها يفترض من هذه المؤسسات أن تقدم أفضل خدمات التعليم والأبحاث مقارنة مع جامعات عربية في دول يمكن أن يقال عنها شبه فقيرة عدد سكانها يتعدى الثمانين مليون نسمة، ولا تملك الدعم والميزانية التي تحصل عليها الجامعة الحكومية الوحيدة، ولكنها تقع في المراتب المتقدمة في تصنيف الجامعات العالمي وتتصدر القائمة في التصنيف العربي.
يسيئني أن يتداول المجتمع في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الوسائل التي يعبر فيها فئة الشباب عن رأيه بأن الجامعة ليست المكان الأمثل لإكمال التعليم الجامعي، نعم هناك بعض الثغرات ويمكن سدها لتزداد جامعة السلطان قابوس قوة، كما بدأت. وكما أراد لها جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، وليتحقق ذلك لا بد أن تستأصل الأمراض من جذورها أولها رفع نسبة القبول، (قد لا يتفق الكثير مع هذه النقطة)، ولكن الوصول للقمة ليس بالطريق السهل، ولتعود الجامعة في القمة لا بد من بذل جهد للوصول إليها، وحتى لا تكون القمة في متناول الجميع، وبالتالي من السهل تشكيلها والتلاعب بها. ثانيًا الطالب نفسه له دور أساسي في الجامعة؛ لأن الجامعة ليست كالمدرسة (تربية وتعليم)، بل هي توفر كل ما يحتاجه الطالب في تلك الرحلة، وعلى الطالب أن يستقبل، وأن يطوع ما يستقبله لصالحه ولصالح الجامعة بحيث يساهم في البحوث وفي خدمة المجتمع يبذل جهدا في دراسته حتى لا يهبط مستواه ويطرد من الجامعة وأن يعرف كيف يطوع الأنشطة الطلابية لحساب العملية التعليمية وأن لا يطغى اهتمامه بالأنشطة على دراسته وغيرها من الأمور التي تعول على الطالب، فهو المقياس الحقيقي لمستوى الجامعة؛ لأن الاستثمار يكون في الطالب والنتيجة تظهر من خلاله، أعتقد أن المجلس الاستشاري سيمكن دور الطالب بشكل أكبر وخاصة في القرارات التي تأتي لصالحه بشكل إيجابي.
يتحدث الكثير عن القصور في البحث العلمي في الجامعة ـ وهذا ما لا أتفق فيه ـ حيث إن البحث العلمي في الجامعة يسير في الاتجاه الصحيح، فهناك الكثير من المراكز البحثية في الجامعة التي يستفيد منها المجتمع، كما أن هناك تمويلا خاصا من حضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ لعدد من البحوث سنويا يعلن عنها في يوم الجامعة إلى جانب التسهيلات البحثية والترويج للبحوث.
إذًا، قضية الجامعة أو غيرها من مؤسسات التعليم العالي لا يمكن حصر أي قصور ـ إذا كان هناك قصور والكمال لله وحده ـ في مسؤول فقط، بل جميعنا شاركنا في الوصول إلى الخلل، سواء مجتمع الجامعة بكل فئاته أو المجتمع الخارجي، ولنصحح الخلل لا بد أن يتكاتف الجميع، وأن لا ننقد لمجرد النقد.
“قررنا إنشاء (جامعة قابوس…)، يتلقى فيها أبناؤنا ثمار العلم والمعرفة على أعلى المستويات العالمية، بمشيئة الله تعالى وتوفيقه.” من خطاب جلالة السلطان قابوس بن سعيد في العيد الوطني العاشر.

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03



الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

كلكم راع … في غرق الطرقات

منذ أكثر من أربعين عاما وما زلنا نتعامل مع المشاكل التي تواجهنا ونتعرض لها بنفس العقلية وفي كل مرة نعيد نفس السيناريو ونلقي اللوم على وظيفة واحدة طيلة السنوات الماضية وكأن صاحب تلك الوظيفة يملك العصا السحرية التي ستغير تراكم سوء الإدارة لسنوات ألا وهي وظيفة المسئول الأعلى في المؤسسة مع أنه تعاقبت على تلك الوظيفة الكثير من الأسماء والمشاكل تتكرر ولم تحل لسنوات وما زالت موجودة ولكن ما زال الكثيرون يعتقدون أن تغيير المسئول بمجرد أن تقع المشكلة هو الحل الأمثـل الذي سيقضي علىها للأبد ، تغير المسئول تغيرت نمط الإدارة تحركت بعض قطع الشطرنج طرأت تحسينات على طبيعة العمل يقترب المسئول من الموظفين يحاول أن يرسم خطة مختلفة لكن لماذا ما زالت بعض المشاكل تتكرر والإشكاليات التي نعاني منها منذ سنوات لم تحل وبعضها في ازدياد هل المسئول الذي تم تغييره هو سبب تلك المشكلة التي لم يستطع من سبقه حلها ؟! وهل هو العقل الوحيد الذي يفكر في المؤسسة ؟! إذن ما فائدة آلاف الموظفين الذي يعملون في المؤسسات ؟!! قد يكون النظر إلى قمة الهرم، حيث المسئول أسهل من النظر إلى قاعدة الهرم، حيث آلالاف من الموظفين الذين لا يمكن النظر إلى كل واحد منهم بسهولة .
إذا منحنا أنفسنا قليل من الوقت وأعدنا التفكير في المشاكل المتكررة على الرغم من تعاقب المسئولين قد نخرج بنتيجة تساعد في حل بعض هذه الإشكاليات ، فهناك نقطة مهمة موجودة ولم نلتفت إليها أو لا نريد أن نلتفت لها لسبب أو لآخر والتي هي من يعملون في تلك المؤسسة لسنوات وتعاقبت عليهم الإدارات إلى أنهم لا يتقبلون التغيير ويحاربونة كما يقفون ضد كل خطوة للتغيير لأنهم اعتادوا على نمط عمل معين من الصعب عليهم أن يغيروه فهم يقبضون رواتبهم في نهاية كل شهر وهذا هو هدفهم ، الموظفون الدائمون هم أدرى بالمشاكل وكيف يمكن أن تحل لأن المسئول كالضيف يمكث لسنوات ثم يغادر وهذا الضيف دائما ما يكون الشماعة التي تعلق عليها المشاكل، لا أعني بذلك أن كل المسئولين ممتازين فهناك من فشل في صناعة بيئة ناجحة بينما نجح آخرون في ذلك لكن في نفس الوقت يجب أن نتحمل جزءا من التقصير وأن نحاول معالجة هذا الجزء لعلنا سنتمكن من تخطي بعض المشاكل أي أن التغيير يجب أن يبدأ منا لا يجب أن نبرئ أنفسنا ونقف ننظر إلى السماء لعلها تمطر حلا سريعا، المسئول لا يمكن أن يدقق في كل صغيرة فهناك رئيس القسم المسئول عن موظيفه وإدائهم ونائب المدير مسئول عن رئيس القسم والمدير مسئول عن الكل وهكذا فلا يمكن أن نلقي اللوم على المسئول الأعلى إذا وقعت مشكلة سببها موظف، أي أن الجميع يتشارك في القرار والكل مسئول عن تصرفاته وهنا يأتي الضمير الذي لابد من أن ننتبه بأنه صاحي وأن نوقظة إذا نام.
قد تكون الأمطار الأخيرة الـتي تعرضت لها مسقط أقرب مثال فالمشكلة التي حدثت بعد المطر من تحول الطرقات إلى بحيرات مائية والجسور إلى أنهار معلقة وغرق المركبات وتأثر الحركة بشكل عام على الرغم من أن المطر لم يستمر في مسقط إلا دقائق ولكن حدث ما حدث وطبعا اتجهت الأنظار بشكل تلقائي كالعادة إلى رئيس البلدية ولكن أليست مشكلة تصريف المياة نعاني منها منذ سنوات كثيرة وظهرت جليا في الأنواء المناخية 2007م، وألقينا المشكلة حينها على رئيس البلدية وتعاقب على البلدية عدة رؤساء والمشكلة ما زالت موجودة ولم تحل فهل من المعقول أن جميع هؤلاء المسئولين الذين هم من الشعب لا يريدون حل المشاكل التي وقع فيها من قبلهم أم أن المتخصصين ومن أعطوا الثقة لحل الإشكاليات لم يحركوا ساكنا والذين ما زالوا موجودين منذ إعصار جونو، الحال نفسه في مستشفى النهضة فلا أعتقد أن وزير الصحة يسعد برؤية المستشفى يغرق بعد كل حالة جوية، إذن هناك ثغرة ما موجودة يتحملها أصغر موظف إلى أعلى مسئول والتغيير الذي نطالب به ما أن تقع مشكلة ليس هو الحل، الحل يبدأ بتغيير أنفسنا بتقبل التغيير وتقبل النقد وتقديم الحلول .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته …. .


sahaf03@


الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

جميلات البوتكس …ولكن

في السابق كان البنت أو المرأة تُنتقد أو تكون نقطة مشاهدة إذا خرجت من منزلها وهي بكامل زينتها وتحديداً إذا وضعت مساحيق التجميل فتصبح عنوانا رئيسيا في نقاشات من يمتهنون أكل لحوم البشر ويتلذذون بتجميع السيئات بالنميمة، أما هذه الأيام فقد انعكست الآية فالغريب إذا خرجت البنت وهي لا تضع مساحيق التجميل على وجهها وزينت أظافرها فتكون شاذة بين الإناث وكأنها ارتكبت خطأ فتكون هي النقطة التي يراقبها الجميع ويتعجب منها، حتى إن البعض أصبح يتفادى ذلك بوضع النقاب حتى لا يشاهدهن أحد بدون مكياج وهنا أتكلم عن الأغلبية التي نشاهدها في المراكز التجارية والأماكن العامة والمناسبات باختلافها ولكن طبعاً هناك استثناءات وما زال البعض محافظا ولكن هل ستستمر تلك الفئة وسط هذا التغيير الذي استهدف الكل وأصبح جزءا من الحياة كالملابس التي لا بد من ارتدائها لتغطي الجسد هكذا أصبحت المساحيق لا بد من وضعها لتغطي الوجه.
تطور الوضع ليصل إلى عمليات التجميل التي أصبحت تجارة رائجة لدى جراحي التجميل فبعد أن كان الهدف منها تصحيح أجزاء الجسم التي تؤثر صحياً على الشخص أو من أصيب بتشوه جراء حادث ما أصبحت الآن للتغيير بغرض مواكبة الموضة أو التغيير لمجرد حب التغيير وكأن الوجه غرفة في المنزل نعيد ترتيبها ما إن مللنا من شكلها وفي كثير من الأحيان يكون ذلك التغيير تشويها ولكن “مواكبة الموضة!!” تحتم ذلك “أمر صناع الموضة مطاع” كتنفيخ الشفاه والخدود والجبهة وشد الحواجب وتعديل الأنف وعمل غمازات في الخدود وغيرها من الابتكارات التي روجها تجار التجميل أو يمكن أن نسميهم تجار البالونات البشرية لأن النساء تصبح وجوههن كالبالونات التي يقل منها الهواء تدريجياً إلى أن تترهل يعني بالعامية (تنفش)، أصبحت النساء موحدة الملامح وجوههن بدون تعابير فلا يمكن تمييز الزعلانة من الفرحانة لأن الملامح الحقيقية مدفونة تحت ركام المواد الصناعية، هنا أتذكر تلك التغريدة المضحكة المبكية التي كتبها أحدهم على تويتر قائلاً (لقد استمتعنا جداً بممارسة التسوق على كوكب الأرض) واضعاً صورة أربع نساء في عمر الزهور يبدو أنهن سلمن وجوههن لتجار التجميل فبدون متشابهات وكانت النتيجة أشبهة بمخلوقات فضائية.
كذلك من وصل بهن العمر عتيا لم يفوت عليهن هذا الإنجاز البشري الغريب فإذا كان المنزل يحتاج إلى الصيانة بعد مرور فترة من الزمن كذلك الوجه وبعض أعضاء الجسم أصبحت تتعرض للصيانة وإعادة التجديد، فما إن يبدأ أول خط تجعيد يتجهن إلى أقرب مركز تجميل لأخذ إبر البوتكس وشد الوجه وكأن العمر سيرجع للخلف وستزيد مدة بقائهن في هذه الحياة الفانية، كثيراً ما نشاهد بعض الفنانات الكبيرات في السن وقد رجع بهن الشكل وكأنهن في سن المراهقة فيصدقن الدور وتصغر تصرفاتهن، حتى إن بعض النساء جعلت عمليات التجميل من أولوياتهن وحتى إن اضطررن إلى أخذ سلفة أهم شيء “موضة الشكل” ولو كان على حساب أشياء أخرى .
مع هذا التغيير الذي طرأ على أشكال النساء يا ترى من هو المسبب لهذا كله هل هو جراح التجميل فقط أم أن العقول التي أصبحت لا تجد ما تهتم به فاتجهت إلى الاهتمام السلبي بالظاهر عوضاً عن الاهتمام بما يغذي العقل والروح والجسد، أعتقد أن المجتمع هو سبب رئيسي لذلك، لأنه أصبح يُقدر الشكل أكثر من الاهتمام بما يقدمه العقل هذا الاهتمام جعلهن يسعين لخلق الجمال في أشكالهن لتضمن النسوة الشهرة في المجتمع بالإقبال على أفكارهن وإن كانت أفكارا سطحية والترويج لهن أكثر ممن لو كانت تمتلك عقلاً لكن لا تمتلك مواصفات الجمال الحالي ولا تعترف بعمليات صناعة الجمال فهذه يكون نصيبها في تقبل المجتمع لها أقل من الأخريات اللواتي ركزن على الشكل دون المضمون وهذا ما يبرهنه اختيارهن في تسويق بعض المنتجات والسلع وكذلك تصدرهن لأغلفة المجلات .
لكن السؤال لماذا يلجأ بعض النساء إلى تشويه أنفسهن بهذه العمليات وهن جميلات أصلاً ؟ أطرح هذا السؤال لأني لا أملك الإجابة الحقيقية إلا إذا دخلت في عقل كل واحدة منهن ومتأكدة أني سأخرج بإجابة غير مقنعة لأن جميعنا يحب الجمال ولكن لنجعل الخلق للخالق .
خولة بنت سلطان الحوسني
sahaf03@



الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

الفتنة الاجتماعية .. أما بعد


وصلتني رسالة قبل عدة أيام من أحد معارفي القدامى الذي لم أتواصل معه منذ فترة، حيث انقطع التواصل بيننا دون سبب يذكر، إلى أن وصلتني رسالته التي قال فيها (أنت أخت عزيزة ولكن كان من الأفضل أن تخبريني بسلبياتي بدل من أن تتحدثي عني أمام الآخرين)، عرفت من الرسالة بأن هناك فتنة في الموضوع، وبكل آسف هذه العادة التي يمكن القول إنها متأصلة في مجتمعنا أصبحت جزءا من الحياة وكأنه تصرف عادي، على الرغم من أن الإسلام ذكر النتائج السلبية المترتبة عليها في كثير من المواضع (الفتنة أشد من القتل، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) إلا أن الطبع يغلب التطبع، فكم من بيوت تهدمت بسبب الفتنة، وكم من أسر تفرقت وتصدعت، وكم من قلوب تغيرت على أصدقائها، وكم من أشخاص كانت لهم الفتنة جدارا لعدم التقدم في العمل وكم وكم..
وهذا كله بسبب كلمة نقلها شخص أراد من تصرفه إما التقرب من الشخص الذي نقل إليه الكلام أو إيذاء الشخص المتحدث عنه، أو غيرهما من الأسباب التي ليست بتلك الأهمية بكثرة الأذية التي تخلقها الفتنة ونتائجها الوخيمة على المجتمع. من المواقف التي قرأتها في مقال أرسله أحدهم لهاتفي، بأن مسئولا في دولة ما، كان يتخذ من الفتنة وسيلة ليسيطر على الموظفين، حيث بضعفهم تكون السيطرة عليهم أسهل وليتقرب للمسئول الأعلى منه، وكانت وسيلة ناجعة لسنوات، على الرغم من أنه كان معروفا عنه التزامه الديني والأخلاقي لذلك لم يشك فيه أحد، إلا أن أحد الموظفين الجدد في المؤسسة تمكن من كشف ألاعيبه وطرقه الملتوية، ومن المؤكد أن هذا الموقف موجود في مجتمعنا، ولكن بطريقة فيها كثير من اللف والالتواء والخبث الاجتماعي.
هذه العادة التي كانت موجودة منذ سنين، وقامت بسببها حروب، ولكن يمكن القول إن الوضع في السابق كان مختلفا كون تلك الأيام لم تكن هناك وسيلة اتصال بين البشر، إلا البشر أنفسهم، فمن كان يخاف ربه ولديه ضمير نقل الرسالة كما هي، أو يمكن أن يُحرّفها وهنا تقع الفتنة، حيث كان التأكد من الأخبار أو المعلومات غير متوفر تلك الأيام، ولكن ما هو المبرر لها في هذه الأيام، حيث وسائل التواصل متوفرة، ويمكن التأكد بسهولة من صدق ما ينقل، خاصة إذا كانت العلاقة بين الطرف المنقول عنه والطرف المنقول إليه علاقة صادقة وقائمة على حسن التعامل والاحترام والأخلاق.
والغريب أيضا أنه على الرغم من ارتفاع نسبة المتعلمين والحاصلين على الدرجات العلمية العليا في المجتمع، إلا أن هذه العادة ظلت باقية، وكنت أحسبها شائعة بين الجهلة فقط، بل إن هذه الطبقة المتعلمة تركت آذانها مفتوحة للقيل والقال، وأفواهها جاهزة لنقل الأحاديث بين فلان وعلان، كل الظن بأن من وصل لدرجات علمية عليا ليس لديه من الوقت ليستمع للآخرين أو ينقل ضد آخرين لأن لديه اهتمامات أخرى أكثر أهمية وفائدة للمجتمع وتفكيره في الأبحاث والدراسات وغيرهما من الاهتمامات العلمية، لكن يبدو أن الفتنة مغرية وهي أشد. طبعاً المستوى التعليمي ليس حجة لأن هذه طبيعة بشرية لا تعتمد على المستوى التعليمي بقدر اعتمادها على المستوى الأخلاقي، ومن كانت أخلاقه عالية، يجب ألا يترك المجال لأحد أن ينقل له الكلام أو يلجأ إلى المواجهة. أما من عين نفسه وسيلة لتأويل الأحاديث وفبركتها، ومن ثم توصيلها بطرقه الاحترافية بين طرف وآخر، قد يكون الإحراج بالمواجهة وسيلة نافعة أحياناً، لكن هناك البعض لا تنفع معهم هذه الوسائل خاصة من يعيشون على الفتنة وأصبحت جزءا من حياتهم اليومية، هؤلاء نسأل الله لهم العافية، وأن يشفيهم مما ابتلاهم من مرض نتائجه التفريق وإشعال النار بين البشر.
الحديث في هذا الموضوع ذو شجون، خاصة أن جميعنا مر بمواقف مؤذية مع أشخاص آخرين سببها الفتنة وهو موضوع لن ينتهي إلا إذا تغيرت بعض العادات السيئة التي جُعلت جزءا من حياتنا التي نتعامل بها دون الإحساس بحجم نتائجها السلبية.




الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

مجلس الشورى سعيكم مشكور


يبدو  أن الفترة الانتخابية القادمة لمجلس الشورى ستكون مختلفة من كل النواحي، أولى نقاط هذا الاختلاف كان بوضع شروط للمترشحين وأهمها شهادة الثانوية العامة أو (الدبلوم العام) وهذه بمثابة العصا التي توجه المجتمع في معايير اختياره ليكون التعليم هو الأساس وبالتالي فإن ذلك سيساعد المجتمع على التخلص من الضغوط التي يمارسها بعض المترشحين على الناخبين، فمن لا تنطبق عليه شرط الشهادة العلمية مهما كانت مكانته الاجتماعية فهو ليس له مكان في المجلس وأعتقد أن هذا السقف سيضيق تدريجياً ليكون بعد ذلك لحملة الشهادات الجامعية وهكذا.
وفي الحقيقة أن هذا الشرط ذو حدين، الأول سيجبر من يرغب في الدخول للمجلس لمواصلة تعليمه وبالتالي ترتفع نسبة الحاصلين على الشهادات العلمية في المجتمع وخاصة أن الحصول على الشهادة الجامعية لم يعد أمراً صعبا مرتبطا بنسبة بل إن مجرد النجاح يضمن فرصة الحصول على مقعد دراسي في إحدى الكليات أو الجامعات، والثاني قد يفتقد المجلس للأشخاص ذوي الخبرة الحياتية التي تصقل الشخص والتي عادةً ما تكون مع الأشخاص المتقدمين في السن أو من ساعدته ظروفه للانخراط في المجتمع بعمق والذين لم تتح لهم ظروف الحياة فرصة مواصلة التعليم وبالتالي سيضمن المجلس أصحاب الشهادات وستقل الخبرة والمعرفة بالمجتمع.
ومن أوجة الاختلاف أيضاً تواجد بعض الأعضاء المؤثرين للفترة السابعة في وسائل التواصل الاجتماعي مكنهم من التواصل مع المجتمع بشكل أسرع وأسهل كما أن تفاعلهم العلني مع المجتمع زاد من الثقة بين الطرفين واتضحت الكثير من الأمور التي كان يجهلها البعض فيما يخص عضو المجلس وهذا ما سيساعد في الاختيار للفترة القادمة بل أن المجتمع أصبح هو من يضع أجندة عضو المجلس من خلال الحوارات والنقاشات التي كانت توضح اهتمامات المجتمع والمواضيع التي تؤرقه وبالتالي فمن المتوقع أن تزيد نسبة الأعضاء المتواجدين في هذه الوسائل في الفترة القادمة لأن هذه الوسائل فرضت نفسها وأصبحت واقعا لابد أن يعاش وبالأخص أنها الوسائل الأنجع في التواصل الإيجابي السريع مع المجتمع.
من ناحية أخرى أن الفترة القادمة ستكون أكثر ثراءً ونضجاً سواء من ناحية الأعضاء أنفسهم أو الجهات الحكومية التي يتعامل معها المجلس حيث إن الفترة الحالية كانت الأولى في عمر المجلس بعد أن توسعت الصلاحيات والأولى في تجربة انتخاب الأعضاء لرئيس المجلس ونوابه، لذلك فان بداية أي شيء هي التجربة التي يتعلم منها، وبالتالي كانت فترة لا تخلو من التردد في القرارات ومازالت بعض الخطوط الحمراء موجودة تحسباً، إضافة إلى تعليق بعض المواضيع من الجهات الحكومية التي قرأت تعاطي المجلس مع الموضوع من منظورها والتي رآها البعض بأنه تهويل للمواضيع على الرغم من أهميتها.
أما الجانب الآخر المختلف والذي يمثل أولى نقاط الاهتمام عند اقتراب مرحلة الانتخابات ألا وهو المرأة وتمثيلها في مجلس الشورى، وعلى الرغم من تشاؤم البعض بسبب انخفاض المترشحات إلى 21 امرأة للفترة الثامنة مقارنة بـ77 امرأة ترشحن للفترة السابعة، إلا أن المرحلة القادمة ستكون لها حضور قوي على الرغم من قلة العدد، لكون المرحلة القادمة مختلفة وسيكون الاختيار بناء على الكفاءة وليس العدد كما أن المترشحات لهن دور ملموس وصوت مؤثر في المجتمع فيمكن أن نقول إنهن سيكونن تجربة ناجحة بعد أن كان للمرأة تجربة نجاحة في المجلس البلدي في أول فترة شهدت انتخابات، فلم تكن بعض النساء مجرد اسم أنثى استطاع أن يدخل في قوائم أعضاء المجلس البلدي، بل استطاعت على سبيل المثال (ممثلة ولاية بوشر) أن تضع بصمة وتسجل مرحلة تغير في وجود المرأة في المجالس الانتخابية على الرغم من محدودية صلاحيات المجلس البلدي لذلك فإن تجربتها الرائدة ستكون ذات تأثير في المترشحات لمجلس الشورى وخاصة أنها استطاعت أن تبرهن أن المرأة قادرة على التغيير وأن العبرة بالإرادة والرغبة في التجديد والتطوير ولو كانت امرأة واحدة في المجلس. وهذا لا يعني أن الأسماء النسائية التي كانت في المجلس في مراحل الشورى السابقة لم تكن ذات تأثير ولكن الوضع يختلف للمجلس، فالصلاحيات أصبحت أكثر وبالتالي القدرة على التأثير والتغيير لصالح المجتمع سيكون أكبر .
وهذا ما سيبرهن أن وجود المرأة أو الرجل لا يعتمد على العدد بل على الكفاءة من الجنسين فقد يكون تواجد امراة واحده أو رجل كفء في مجلس الشورى يعادل عشر أشخاص من نفس الجنس، وتجربة المجلس في السنوات الماضية أثبتت ذلك، فعلى الرغم من أن عدد الذكور في المجلس 84 عضواً إلا أن هناك عددا بسيطا استطاع أن يترك بصمة في المجتمع وستظل هذه الأسماء مثالا يحتذى به في الشورى للفترات القادمة.
ما أردت قولة إن كلا المترشحين والناخبين سيكونون أكثر نضجاً للفترات القادمة لأن المجتمع لديه خبرة بما يكفي لاختيار من هو أنسب ليمثله من كلا الجنسين كما أن المترشح لن يقدم على الترشح إلا بعد تيقنه أن شروط المجتمع تنطبق عليه خوفاً من الإحراج المجتمعي.





السبت، 15 أغسطس 2015

ت انتباهي منذ فترة حوار في أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن كتاب سماحة الشيخ الخليلي (الحقيقة الدامغة) وكان الحوار منتقداً للكتاب وجاءت المشاركات في الموضوع أغلبها تؤيد الشخص المنتقد وظهرت أصوات معدودة تخالف رأي المنتقد ناشر الموضوع، ارتفاع أصوات الاختلاف مع الكتاب مقابل أصوات بسيطة مؤيدة لا تقدم النسبة الحقيقية لمن هو مع أو من اختلف مع الكتاب، وخاصة بأن سماحة الشيخ له شعبية كبيرة في الوسط العماني بشكل خاص وله احترام ومحبة خاصة، حتى أنه لا يقبل النقاش في فكره من أي شخص ما لم يكن بنفس مستواه الفكري ومكانته الدينية. ولكن بسبب غياب وعدم مشاركة (من يتواجدون في وسائل التواصل) ممن يمثلون المؤسسة الدينية ظهر بأن النسبة المختلفة مع الكتاب تفوق النسبة التي تؤيد ما جاء في الكتاب.
اللافت للانتباه هنا أن من يمثلون رأي المؤسسة الدينية أو من أخذوا على عاتقهم توصيل تعاليم الإسلام لم ينتقلوا من نبرة الخطاب السابقة والتي كانت تتخذ من المسجد وسيلة أساسية إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية والمتمثلة في الإذاعة والتلفزيون والصحف فهذه الوسائل أصبحت وحدها لا تكفي لتوصيل معلومة أو توجيه خطاب لأن الجيل الحالي هو جيل صعب ومن سيأتي بعده أصعب فهو لا يتقبل المعلومة بسهولة وخاصة تلك المعلومة التي تعتمد على التلقين الموجه، فبرنامج تليفزيوني يتيم في التلفزيون الحكومي يعتمد على السؤال والجواب لم يعد كافيا للوصول إلى كل العقول التي يستهدفها البرنامج على الرغم من أن ضيوف البرنامج لا اختلاف عليهم ولكن برنامجا واحدا لا يكفي. كما ان إذاعة القرآن الكريم التي يغطي نسبة كبيرة من بثها قراءة القرآن ما زالت تتبع النهج القديم في توصيل الرسالة والتي لا تستهدف عقول جيل الشباب الذي يجب أن تركز عليه الرسالة الإعلامية؛ لأن الجيل الحالي له وسائله الخاصة التي تؤثر به وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت شغله الشاغل فهو يجسد حياته في تلك الوسائل وهي القناة الأولى التي يستقبل من خلالها المعلومة باختلاف أشكالها تلك المعلومة المغلفة بغلاف يتقبله حسب مستوى تفكيره الذي لا يقبل بالتوجيه الأحادي المصدر بل الحوار مع شحنة كافية من الصبر للوصول للإقناع. لذلك أن وجود الدعاة وعلماء الدين والمحاضرين في المجتمع التويتري العماني أصبح شيئا ضروريا وتغير النبرة في تقديم المعلومة، لتكون بلغة أكثر بساطة وتتناسب ولغة الوسائل الجديدة التي تعتمد على الاختصار أو التعبير بالصورة. فعلى سبيل المثال حساب سماحة الشيخ الخليلي في تويتر والذي يديره شباب متطوعون باجتهاد إلا أن هذا الحساب لا يقدم إلا فتاوى سماحة الشيخ فقط، وهذا ما لا يتقبله مجتمع تويتر الذي يؤمن بالحوار والأخذ والعطاء حتى تصله المعلومة وهو مقتنع بذلك فإن هذا الحساب لم يقدم الرسالة حسب طبيعة الوسيلة واللغة التي يتقبلها الشباب.
وهنا اتكلم عن نسبة كبيرة من الشباب أو من بدأت التقنية تجرهم إليها ومنها يتلقون أفكاراً دون معرفة لماذا؟ وكيف ؟ من مختلف الأطياف الفكرية والتوجهات الدينية واللادينية والتي اتخذت من هذه الوسائل معبرا للوصول إلى أهدافها وأفكارها التي تؤمن بها. فالدخول إلى هذه الوسائل والاقتراب من هؤلاء الشباب أمر في غاية الضرورة، بعد أن أصبحت هذه الوسائل تشارك الأسرة في تنشئة الجيل وتشكيل توجهاته. وقبل بضع سنوات مضت كانت خطب الجمعة هي من أهم الوسائل، ولكن مع تغير العالم وتطور البشرية أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تأثيراً من غيرها.
(قد يقول قائل اتركوا هذا الجيل يختار حياته ولا توجهوه حسب توجهاتكم ؟! وهنا أقول إن وجود علماء الدين في وسائل التواصل الاجتماعي من دعاة وعلماء لا يعني استخدام العصا، ولكن تبيان الصح واجب والاختيار مفتوح، على الرغم من أن الوصول إلى الحقيقة ليس سهلاً.
التواجد في وسائل التواصل واستخدامها بلغة حوار تتناسب وجيل الشباب سيكون لها تأثيرها في التقرب من الشباب والوصول إلى العالمية بأفكارهم وتسامحهم.