الاثنين، 25 مايو 2015

الإعلام ثقة وإنعدام تنافس



قبل فترة ليست ببعيدة بث التلفزيون العماني في نشرة الأخبار خبر مفادة أن التلفزيون والإذاعة يحتلان المرتبة الأولى في اعتماد العمانيين عليها  كمصدر موثوق به للأخبار ، وقد تم تناول الخبر كسبق صحفي ، مع أني كمتلقي لم يضيف لي هذا الخبر أي جديد فمنذ أن تأسست هذه المؤسسات الإعلامية الحكومية وهي تعتبر الناطق الأول بأسم الحكومة في الإعلام ، كون هذه الوسائل تستقي أخبارها من وكالة الانباء العمانية التي تعتبر المصدر الرئيسي للاخبار بالسلطنة فالدراسة التي قام بها المركز الوطني للمعلومات والإحصاء وما نتج عنها من إحصائيات أكدت أن هذه المؤسسات الحكومية ما زالت ومنذ أكثر من أربعين عام تحتل المصدر الرسمي للأخبار والمعلومات الرسمية وأن كانت بعض الصحف الورقية خاصة (غير حكومية) إلا أنه يتم التعامل معها كإعلام رسمي لاعتمادها على الحكومة في نسبة ليست بقليلة كمصدر دخل لها سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة .
هذه الإحصائيات تقودنا إلى بعض الإستنتاجات المهمة أولها بأن ما يقارب الأربعين عام وما زلنا نعتمد على الإعلام الرسمي في إستقاء المعلومة الصحيحة التي تمثل الحكومة وبإن ظهور أي وسيلة إعلامية وبالأخص إلكترونية  لن يكون مصدر ثقة للعمانيين كون المصدر الحكومي يبث من خلال نوافذ إعلامية معينة ، فليس بغريب أن تحتل هذه الوسائل النسبة الكبرى من ثقة العمانيين بها.
ثانياً الاحكتار المعلوماتي لبعض الأخبار المهمة وبثها من خلال نوافذ بعينها وعدم ترك المجال للصحفي لاستقاء المعلومة من المصدر (الأخبار الرسمية العليا)  لا يشجع على التنافس بين الوسائل الإعلامية الموجودة ومن بينها الإلكترونية لأن هذه الصحف لن يكون لها السبق في الحصول على المعلومة الرسمية التي يبحث عنها المواطن بالدرجة الأولى فيما يخص بلده ، إذن الجو الإعلامي العام لا يشجع الشباب أو من لديهم رأس المال للخروج بمؤسسة صحفية منافسة تخرج من قالب الإعلام المتعارف عليه ،وقد تكون هذه سبب من الأسباب التي لم تشهد فيها الساحة الإعلامية خروج مجلة عمانية متميزة تنافس المجلات الخليجية والعربية وبالتالي بقاء الموجود في مياه راكده غير قادرة على منافسة المؤسسات الإعلامية العربية وتحديداً الإعلام المرئي  فشدت المشاهدين إليها .
ثالثاُ يتضح بأن هناك عدم الثقة في وسائل الإعلام الجديد ، على الرغم من أن الوضع العالمي الإعلامي يفرض إستغلال الإعلام الجديد وخلق الثقة به بما إنه هو الوسيلة التي يتجه إليها العالم ، وذلك من خلال وضع التشريعات والضوابط التي تبث الثقة في هذه الوسائل إلى جانب رفع سقف الحرية بحيث تكون حرية مسئولة وبالتالي فان هذا الفضاء الإلكتروني سوف يكون محطة يتنافس بها مع الإعلام المحلي الحكومي وسيشجع بأن كل الأطراف تدخل في منافسة شريفة من حيث المحتوى والسبق الصحفي وكذلك القالب الذي تظهر من خلال المعلومة للقاريء أو المشاهد والتي أصبحت لا غنى عنها كون العين تعشق كل ما هو جميل وبالنظر للجمال تدخل إلى روح الموضوع لتخرج بالمعلومة المفيدة والموثوقة .
رابعاً ومن زاوية أخرى قد يكون الملام هنا هو الصحفي المواطن في وسائل الإعلام الجديد أو وسائل التواصل الإجتماعي ، فهو من خلق عدم الثقة في هذه الوسائل وأن غابت القوانيين والتشريعات التي تضبط النشر الإلكتروني ، هذا الصحفي أتخذ من الشائعات والمصادر الغير موثوقة مصدر لمعلوماتة وبالتالي فأن من الطبيعي أن المعلومة هي مجرد (سالفة) يتم تناقلها وتحتمل الصدق أحياناً والكذب أحياناً أخرى إذن هي غير موثوق بها ، كما أن عدم وجود الضوابط والتشريعات أساء لبعض من وجدوا من هذا الوسائل المتنفس الذي يعبرون فيه عن رأيهم وبالتالي عاقبتهم القوانين وهذا ما أنعكس سلباً على مستوى حرية التعبير ففي البيان الأخير الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود جاءت السلطنة في المرتبة 127 من أصل 180 بلداً على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة ، وهذا يدل أن هناك خلل ما لابد أن ننتبه إليه ومعالجته ، وأن نلتفت للإعلام الجديد كوسيلة أساسية في الإعلام وأن تبث فيها الثقة لتصبح مصدر للمعلومة وليس مصدر لبث الشائعات.
أن المنافسة جزء مهم من عملية التطوير ، إلا انها تحتاج إلى عقول ومؤسسات قادرة على خوض المنافسة الشريفة بهدف التطوير وتقديم الأفضل للمتلقي أو الزبون وأن توفر المعلومات بعدل حتى لا يكون ذلك على حساب أي مؤسسة أخرى .

الخميس، 21 مايو 2015

من الذاكرة بدايات النهضة



قبل عدة سنوات مضت حيث الأيام الجميلة والقلوب البريئة والحياة البسيطة كنت أشاهد علم السلطنة والشعار يزين جبينه الأيسر يرفف فوق منزلنا ،ولم أكن أعي ما الهدف منه فقد ظننتة تجسيداً لمعنى الوطنية التي كانت تتجسد رموزها في العلم وصورة السلطان التي كانت تملئ جدران المنزل والورقة الأولى من دليل الهاتف حيث كان الهاتف الأرضي متوفر في منازل الوالد وعندما يرن يعني بأن هناك خبر عاجل لابد أن يصل بسرعة كان كوكالة الأنباء التي تصل من خلاله الأخبار للآخرين إلى جانب هاتف السيارة (تلفون أبو شنطة) كما كان يسمى والذي كان يمثل بالنسبة لنا نقطة تحول كوسيلة تواصل ، كنت أشاهد الناس يومياً من مختلف القرى والولايات يأتون إلى السبلة المجاورة للمنزل منهم من كان يأتي فوق ناقته ومنهم من أستقل سيارته المتواضعة ومنهم من تحمل عناء المسافة التي سارها بالأقدام ، كنت أشاهد والدي رحمة الله وهو عائداً بعد أداه صلاة المغرب من المسجد متجهاً للمنزل وهو الوقت الذي ينهي فيه يومه المزحوم بالأعمال أسترق النظر إليه من النافذة فهي الوسيلة الوحيدة لأتمكن من مشاهدته يومياً لأن الجلوس معه يتطلب موعداً لكثرة إنشغالاته وعودته إلى المنزل مرهقاً أحياناً أو يقضي الوقت فيما تبقى من يومه في مكتبة بالمنزل لينهى ما تبقى من عمل .
كل هذه المشاهد كانت تمر عليّ ولم أكن أفهم ما الذي يحدث ظننت أن الكل يعيش حياتة بهذه الطريقة الأقرب إلى الرسمية ، كنت ألاحظ على الرغم من التعقيدات التي تصادفنا في كثير من الأمور بإعتبار العادات والتقاليد ولكن كل شيء يخص الوطن فهو مسموح به لذلك قوبل طلبي وطلب أخواتي بالقبول عندما عدنا من المدرسة بطلب الإنضمام (الزهرات وهي المرحلة التي تسبق المرشدات) على الرغم من أننا خططنا لإستخدام الواسطة لإقناع الوالد ولكن كان الرد عكس توقعاتنا حيث كان يسمح لنا بحضور المعسكرات التي تقام في المدرسة أيام العطلات كانت تقول لنا أمي (يقول لكم أبوكم كل ما يحمل علم عمان وصورة السلطان فهو مسموح به) ، ولكن ما زال الوضع مبهم وغير مفهوم، عرفت بأنه شيخ قبيلة ولكن كنت أظن مجرد لقب منح له لمواصفات كانت تتوفر فيه ، تحليل الأشياء تلك الفترة لم يكن يعنيني بكثر ما كنت منشغلة في الحصول على ما أريد في مرحلة طفولتي والإكتفاء بمراقبة المشاهد.
عندما كنت في الصف الأول الإعدادي (السابع) علمت بأن هناك كاتب بريطاني كبير سيزور الوالد رحمة الله عليه يدعى ( إدوارد هندرسون) وله كتاب بعنوان (ذكريات عن الأيام الأولى في دولة الإمارات وعُمان) ، وكان هذا الكاتب قد أقام لفترة من الوقت في دولة الإمارات وعُمان وتحديداً في الفترة التي كانت فيها حرب البريمي وكان قد أشار في كتابة إلى دور شيوخ القبائل في الحرب وفي المنطقة بشكل عام وكان من ضمنهم والدي رحمة الله عليه .
كنت متلهفة لرؤيتة وعند عودتي من المدرسة كان موجود برفقة زوجتة كنت فرحة بذلك اللقاء الذي شكل نقطة تحول بالنسبة لي فقد اتضحت العديد من المعلومات التي كنت أجلها والتي قادتني بعد وفاة والدي لأن أبحث في مكتبة وبين الوثائق التي تركها والتي تأخذ مكانها الآن في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لأهميتها في توثيق مرحلة مهمة من تاريخ السلطنة، من تلك الوثائق اكتشفت بأن حكمت القائد بنيت عُمان على مراحل بدأها مع شيوخ القبائل كونهم يشكلون قوة في ذلك الوقت وكلمتهم لها وقعها على المجتمع ، في البداية كان شغله الشاغل أن يستتب الأمن في عُمان ويعم السلام ، فلبت ندائة عُمان في حرب ظفار فالكل كان يعرف أن الأب لن يخوض حرباً إلا وهو مؤمن بالإنتصار فيها.
قرأت من خلال المراسلات إهتمامه بكل صغيرة وكبيرة كان يتابع أبسط الأشياء وكأن عُمان طفله الذي لابد أن يراعيه بعناية ، كان دائم السؤال عن أحوال الرعية عن وضع المدارس والخدمات الصحية عن الزراعة وضع المياة في الآبار والأفلاج عن البيئة الحيوانية والنباتية عن أوضاع المواصلات والطرق وغيرها من الأوضاع المتصلة بحياة الناس ، كان حريصاً كل الحرص على حل الخلافات القبلية والعائلية ، حتى الأشياء التي لا نعيرها اليوم إهتماماً في بيوتنا كان حريص على معرفة أوضاعها وظروفها ، بهذه المعاملة لطفلته عُمان ليس غريباً أن ينحني الجميع إجلالاً له أن يتسابقوا بالدخول إلى قلبه .
ما أردت قوله كان إعتماد صاحب الجلالة على شيوخ القبائل في تلك الفترة ليؤسس لعُمان اليوم فكان يعرف أن عُمان لابد أن تبنى من الداخل بسواعد أبنائها فكان له ما أراد ، واليوم الكل يبني عمان دون مقابل فالهدف عمان والعمل بما يرضي الله ويسعد سيدي قابوس .

خولة بنت سلطان الحوسني
@sahaf03

الأربعاء، 20 مايو 2015

وسائل التواصل الاجتماعي والخطاب الديني


لفت انتباهي منذ فترة حوار في أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن كتاب سماحة الشيخ الخليلي (الحقيقة الدامغة) وكان الحوار منتقداً للكتاب وجاءت المشاركات في الموضوع أغلبها تؤيد الشخص المنتقد وظهرت أصوات معدودة تخالف رأي المنتقد ناشر الموضوع، ارتفاع أصوات الاختلاف مع الكتاب مقابل أصوات بسيطة مؤيدة لا تقدم النسبة الحقيقية لمن هو مع أو من اختلف مع الكتاب، وخاصة بأن سماحة الشيخ له شعبية كبيرة في الوسط العماني بشكل خاص وله احترام ومحبة خاصة، حتى أنه لا يقبل النقاش في فكره من أي شخص ما لم يكن بنفس مستواه الفكري ومكانته الدينية. ولكن بسبب غياب وعدم مشاركة (من يتواجدون في وسائل التواصل) ممن يمثلون المؤسسة الدينية ظهر بأن النسبة المختلفة مع الكتاب تفوق النسبة التي تؤيد ما جاء في الكتاب.
اللافت للانتباه هنا أن من يمثلون رأي المؤسسة الدينية أو من أخذوا على عاتقهم توصيل تعاليم الإسلام لم ينتقلوا من نبرة الخطاب السابقة والتي كانت تتخذ من المسجد وسيلة أساسية إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية والمتمثلة في الإذاعة والتلفزيون والصحف فهذه الوسائل أصبحت وحدها لا تكفي لتوصيل معلومة أو توجيه خطاب لأن الجيل الحالي هو جيل صعب ومن سيأتي بعده أصعب فهو لا يتقبل المعلومة بسهولة وخاصة تلك المعلومة التي تعتمد على التلقين الموجه، فبرنامج تليفزيوني يتيم في التلفزيون الحكومي يعتمد على السؤال والجواب لم يعد كافيا للوصول إلى كل العقول التي يستهدفها البرنامج على الرغم من أن ضيوف البرنامج لا اختلاف عليهم ولكن برنامجا واحدا لا يكفي. كما ان إذاعة القرآن الكريم التي يغطي نسبة كبيرة من بثها قراءة القرآن ما زالت تتبع النهج القديم في توصيل الرسالة والتي لا تستهدف عقول جيل الشباب الذي يجب أن تركز عليه الرسالة الإعلامية؛ لأن الجيل الحالي له وسائله الخاصة التي تؤثر به وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت شغله الشاغل فهو يجسد حياته في تلك الوسائل وهي القناة الأولى التي يستقبل من خلالها المعلومة باختلاف أشكالها تلك المعلومة المغلفة بغلاف يتقبله حسب مستوى تفكيره الذي لا يقبل بالتوجيه الأحادي المصدر بل الحوار مع شحنة كافية من الصبر للوصول للإقناع. لذلك أن وجود الدعاة وعلماء الدين والمحاضرين في المجتمع التويتري العماني أصبح شيئا ضروريا وتغير النبرة في تقديم المعلومة، لتكون بلغة أكثر بساطة وتتناسب ولغة الوسائل الجديدة التي تعتمد على الاختصار أو التعبير بالصورة. فعلى سبيل المثال حساب سماحة الشيخ الخليلي في تويتر والذي يديره شباب متطوعون باجتهاد إلا أن هذا الحساب لا يقدم إلا فتاوى سماحة الشيخ فقط، وهذا ما لا يتقبله مجتمع تويتر الذي يؤمن بالحوار والأخذ والعطاء حتى تصله المعلومة وهو مقتنع بذلك فإن هذا الحساب لم يقدم الرسالة حسب طبيعة الوسيلة واللغة التي يتقبلها الشباب.
وهنا اتكلم عن نسبة كبيرة من الشباب أو من بدأت التقنية تجرهم إليها ومنها يتلقون أفكاراً دون معرفة لماذا؟ وكيف ؟ من مختلف الأطياف الفكرية والتوجهات الدينية واللادينية والتي اتخذت من هذه الوسائل معبرا للوصول إلى أهدافها وأفكارها التي تؤمن بها. فالدخول إلى هذه الوسائل والاقتراب من هؤلاء الشباب أمر في غاية الضرورة، بعد أن أصبحت هذه الوسائل تشارك الأسرة في تنشئة الجيل وتشكيل توجهاته. وقبل بضع سنوات مضت كانت خطب الجمعة هي من أهم الوسائل، ولكن مع تغير العالم وتطور البشرية أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تأثيراً من غيرها.
(قد يقول قائل اتركوا هذا الجيل يختار حياته ولا توجهوه حسب توجهاتكم ؟! وهنا أقول إن وجود علماء الدين في وسائل التواصل الاجتماعي من دعاة وعلماء لا يعني استخدام العصا، ولكن تبيان الصح واجب والاختيار مفتوح، على الرغم من أن الوصول إلى الحقيقة ليس سهلاً.
التواجد في وسائل التواصل واستخدامها بلغة حوار تتناسب وجيل الشباب سيكون لها تأثيرها في التقرب من الشباب والوصول إلى العالمية بأفكارهم وتسامحهم.
http://alwatan.com/details/53892


الخميس، 14 مايو 2015

شركات على مقاعد الدراسة

شركات على مقاعد الدراسة

مقالي بملحق أنوار الذي تصدره جامعة السلطان قابوس مع جريدة الوطن

http://www.squ.edu.om/Portals/34/publication/Anwar/anwar%20369.pdf

كتابي (لا شيء جديد) Nothing New


 

لا شيء جديد ، إصدارجديد للكاتبة خولة بنت سلطان الحوسني باللغة الإنجليزية ، تضمن الكتاب المترجم من اللغة العربية للغة الإنجليزية على على إثنان وخمسون مقالاً نشرتها الكاتبة خلال الخمس سنوات الماضية في عدد من الصحف والمجلات العمانية ، وتنوعت بين الثقافية ، النقدية ، الإجتماعية أو إنطباع عن دول زارتها ، وقد أسند عمل الترجمة للمترجم عبدالله المعيني والمترجم بدر القصابي الذين ترجموا الكتاب بكل إحترافية ومراجعة متخصص لغتة الأولى الإنجليزية ، وتولت وزارة التراث والثقافة إصدار الكتاب .
وتقول الكاتبة عن سبب ترجمة هذه المقالات للغة الأجنبية : كانت لي تجربة قبل عامين تقريباً لترجمة مقال للإنجليزية حيث كتبت مقالاً عن منطقة كنت قد زرتها بالجمهورية الألمانية ، وبعد أن نشرت المقال فكرت بأن أوصل إنطباعي عن تلك المنطقة لغير المتحدثين باللغة العربية لكي يتعرفوا عن وجهة نظر العرب عن دولهم وخاصة إن المقال يتحدث عن تجربة في منطقة ريفية تدعى (راين هاوزن) مكثت فيها ما يقارب الأسبوعين وتعاملت من أهل تلك المنطقة ودهشت من أخلاقهم العالية وتحليهم بصفات أمر بها ديننا الإسلامي ، فترجمتة ونشرتة في أحدى المواقع الإلكترونية العمانية ولاقى ذلك المقال صدى بين القراء ، فجاءت فكرة ترجمة مجموعة مختارة من المقالات ليصل فكر الكاتب العُماني لغير المتحدثين باللغة العربية.
أما عن عنوان (لا شيء جديد) فتقول خولة : أخترت هذا العنوان لأن الكتاب لا يحمل مواضيع جديدة وخاصة إن كُتاب المقالات يحملون نفس الهموم وتلفت إنتباههم نفس المواضيع في كثير من الأحيان ولكن الإختلاف يكمن في طريقة الطرح والأسلوب لذا أرتيت أن أسميه لا شيء جديد فيما يخص المواضيع ، كما انه عنوان ملفت يجذب القاريء لمعرفة ما هو الشيء الذي ليس بجديد ، وهذا ما عبر عنه الغلاف من خلال لوحة الفنان إدريس الهوتي .

يتوفر الكتاب في : 
مؤسسة الإنتشار العربي
 

الاثنين، 11 مايو 2015

طفولة بثمن “شعر البنات”

في أحد نهارات الصيف الشديدة الحرارة حيث السراب يظهر في الطرقات، والشمس تلقي بحرارتها القاسية على رؤوس البشر، والأرض ترد هدية الشمس الحارقة لسطحها الترابي والمبخرة لسطحها المائي، خالقة جوا صيفيا بامتياز لا تتحمله أجساد البشر ولا تعوض عن نقص السوائل في تلك الأجساد ليترات الماء التي اعتادت أن تسد بها عطشها، ولا يمكن لواقي الشمس أن يحفظ البشرة وتغيير لونها ، إلا أن عليا ذا العشر السنوات كان يمشي حافي القدمين على طبقة الإسفلت عند مخرج محطة تعبئة الوقود، وقد تبللت دشداشتة الخضراء الداكنة بالعرق الذي أفرزه جسمه بعد أن أجبرته الحرارة على ذلك، ولونه المائل للسمار ارتدى اللون الأحمر الغامق والعرق يسقط من شعره الخفيف كقطرات المطر الخجولة التي يدعها تمشي على وجهه الطفولي حتى تصل للفم ويسد بها رمقه وإن كانت مالحة، كان “علي” يبتسم للبشر الذي يستمتعون بهواء المكيف البارد داخل سياراتهم متخذاً تلك الابتسامة وسيلة لتسويق غيمة السكر الوردية داخل أكياس البلاستيك والتي تسمى “كشة العجوز أو شعر البنات” مع اختلاف المسميات ، تلك الضحكة البريئة التي تصدر من جسد علي الممتلئ وفي تلك الظروف جعلتني أتوقف ليس شفقة عليه فقط ولا لأبتاع منه السكر بل لأستفسر عن السبب الذي جعل من الطفولة أداة لا إنسانية للتسويق ، وما أن أوقفت سيارتي حتى جاء يركض باتجاهي بكل فرح بعد أن كانت السيارات التي أمامي مرت عليه دون توقف. طلبت منه كيسين من “شعر البنات” فكان سعرها أربعمائة بيسة ، لم أدفع له وتركت المبلغ في يدي وعلي ينظر إليه خوفاً من أن أهرب دون أن أدفع له، وفي نفس الوقت كان يدخل رأسه إلى داخل السيارة ليستمتع بهواء المكيف حيث كانت الساعة الرابعة عصراً. سألته إن كان يود الدخول في السيارة ليستريح قليلاً بينما نتبادل الحديث لكنه رفض وكان خائفاً حتى أنه رفض أن يصرح باسمه قائلاً ماذا تريدين باسمي سميني ما شئتي من الأسماء فاخترت له اسم “علي” ، وبعد أن تبادلنا الحديث لمدة ربع ساعة تقريباً اكتشفت أن عليا يخرج من منزله كل يوم بعد أن يعود من المدرسة ليبدأ العمل في الشوارع من الساعة الثالثة ظهراً وحتى يبيع بضاعته بالكامل حيث يقوم شخص من إحدى الجنسيات العربية يسكن المعبيلة الصناعية كما ذكر لي علي ويملك حافلة لنقل الأطفال من نقطة تجمع في المنطقة التي يسكنونها ويوزعهم على المحطات ، ويسلمهم عددا من أكياس شعر البنات التي يقوم بتصنيعها في المكان الذي يسكنه ويأخذ فائدة من كل طفل عشرة ريالات في اليوم الواحد وما يتبقى يذهب لهم ، يقول علي: أنتِ محظوظة أن وجدتيني اليوم هنا فعادة لا أعمل في إجازة نهاية الأسبوع لأن عدد السيارات أقل مقارنة بأيام الأسبوع ، كما أني لا أتواجد هنا دائماً، لأن ذلك الشخص “مديرنا” الذي لا نعرف اسمه يبادل بيننا في المحطات حتى لا يكشف أمرنا. استوقفتني هذه الجملة فسألته عن أي أمر تقصد ؟! هل تقصد وجودك هنا خطأ؟! إذا كان كذلك إذن أنت تعلم أن هذا خطأ فلماذا تأتي إذن ؟! وبابتسامة بسيطة وكأنه رجل راشد قال: أحضر لأتسلى وأقبض المال ، كما أني لا أشعر بالخوف كالسابق ففي إحدى المرات أخذتني الشرطة للمركز وبعد التحقيق تم إطلاق صراحي وبعد فترة عُدت لأمارس عملي وكذلك “مديرنا” احتجز ليومين وبعدها عاد ليمارس عمله. تساءلت في نفسي هل هذا يعني أن عقوبة التسول وتشغيل الأطفال عقوبة غير رادعة ؟! أعتقد أنها كذلك ما دام أن هذا الطفل عاد ليزاول عمله وكذلك مجرم عمالة الأطفال الذي لم يتوقف عن جريمته التي يكسب منها الكثير.
بحسبة بسيطة فإن مجرم عمالة الأطفال إذا كان يأخذ في اليوم الواحد من كل طفل عشرة ريالات وعدد الأطفال لا يقل عن عشرة إذن هو يربح في اليوم مائة ريال وفي الشهر ثلاثة آلاف وفي السنة ستة وثلاثين ألفا ، سبب مقنع ومغر ليرجع ذلك الشخص وأمثاله ليمارس فعلته في استغلال الطفولة وتدميرها.
“علي” ضحية لأسرة لم تراعيه واستغلته ليكون مصدر دخل لها ، فجردته من الطفولة ومن الاهتمام ببناء مستقبله الدراسي، فهو لا يعرف أي شيء عن المدرسة بعد أن يخرج منها ، أسرة أنانية لا تراعي صحته فتتركه لشمس الصيف لتغيّر ملامحه وتأخذ من صحته ، فإذا كانت المؤسسات العمالية تنادي بضرورة إيقاف العمل فترة الظهيرة في فصل الصيف، فماذا عن “علي” ذي العشر سنوات؟! من سيطالب بحقه .. من سيحميه ؟! أي ذكريات ستحملها يا علي معك عندما تكبر إذا سألوك عن طفولتك؟ عن الألعاب التي كنت تلعبها؟ وأنت كبرت في طفولتك ، ماذا يخبئ المستقبل لك وأنت بدأت حياتك ضحية الاستغلال البشري الأناني الطماع .http://alwatan.com/details/60278

الأربعاء، 6 مايو 2015

مشاهد جديدة سنعتاد عليها


مشاهد جديدة سنعتاد عليها

عندما أخرج كل صباح في طريقي للمكتب وقبل أن أصل للشارع العام تسابقني وتعقبني دراجات نارية من الطراز القديم كما يبدوا عليها يقودها عمال من الجنسية الآسيوية وقد حملوا معهم معداتهم التي يستخدموها لتأدية أعمالهم المختلفة ، لا يتقيدون بقواعد المرور لذا فلابد من الحذر منهم وإفساح المجال لهم للمرور وأن كانت الأولية لسائقي السيارات حتى لا نأذيهم فهم لا يلبسون الخوذة وتبدوا على دراجاتهم أنها غير صالحة من ناحية الأمن والسلامة ، لا ألومهم على تصرفاتهم فهم اعتادوا على هذه الوسائل البسيطة والرخيصة في بلدانهم التي تسمح لهم بذلك دون الحاجة إلى رخصة كما هوا الحال في بعض الدول ، كما أنهم يحاولون أن يدخروا أكبر قدر من المال فينتقون أرخص وسائل التنقل وأرخص أماكن للسكن وقد يختارون وجبة واحدة في اليوم يملئون بها بطونهم ، فهؤلاء لديهم أسبابهم وأن كانت لا تنطبق والأنظمة المتبعة ، هذه المشاهد لم نعتاد عليها  في شوارعنا وخاصة في المدينة وقد تصادفنا بعض الأحيان في القرى بحكم أن الطرقات في القرى لا تخضع لأنظمة المرور ولكن ليس في المدينة . ولكن ماذا عن من يتركون أبنائهم يقودون الدراجات في الشوراع ويتجاوزون السيارات بطريقة قد تودي بحياتهم ، ما هي الأسباب التي تجعل الأسرة تبيع أطفالها للشوارع بدراجات متهالكة أليس هؤلاء هم ضحية لأهمال الأسر وعدم توعيية أطفالهم بالأضرار مهما كانت الظروف التي أجبرتهم على ترك أطفالهم في الشوارع .
مشهد آخر سنعتاد عليه كما يبدوا ، وهو مشهد دراجات (إيد هار دي) ، تقود سيارتك بهدوء ، تنظر في المرآه جيش من هذه الدراجات متجهة إليك فلابد من ترك المجال له والتحرك بجهة اليمين وما يميزهم عن أصحاب الدراجات العتيقة هو تقيد الأغلبية بأنظمة المرور والسلامة  وقد زادت هذه المشاهد في السنوات الأخيرة إلا أنه ما لفت إنتباهي الفتيات اللواتي يجلسن خلف السائق وأحياناً يقودن الدراجات ومع إحترامي للحريات الشخصية إلا انه لم نعتاد على هكذا مشاهد في طرقاتنا ، لتقبلها تحاتاج للكثير من الوقت وقد يكون يصيب هذا المشهد بعض السائقين بالذهول وخاصة من لديهم تحفظات قصوى بالنسبة للمرأة .
كذلك لم أعتد أن أرى فتيات في عمر الزهور في إحدى المراكز التجارية أحداهن حلقت شعرها وتركت الجزء العلوي منه فقط وتمشي بكل ثقة وهي مرتدية ملابس منتخب (بايرن ميونخ) ، وأخرى علقت السلاسل الحديدية في قميصها وبنطالها وربطت على رأسها (بندانة) وهي قطعة قماش صغيرة على شكل مثلث تربط على الرأس وتمشي مترجلة  ، نعم تعودنا أن نرى الذكور يتشبهون بالإناث ولكن لم نعتاد على ان تقوم الإناث بالتشبهة بالذكور .
ولم نعتاد أيضاً أن نرى مراهقين ومراهقات يخرجون من المدرسة ويتجهون إلى السينما بحجة أنهم أصدقاء ، وقد يتصرف البعض بتصرفات غير لائقة كنوع من الحرية الغير مسئولة في صالات السينما ، وكأننا نشاهد مشهد سينمائي في فيلم مصري قديم أو أوربي وليس في مجتمع محافظ أو يدعي المحافظة علناً على الأقل .
وهل سنعتاد بأن تقوم احداهن بفتح حساب في الانستجرام بأسمها واسم عائلتها وتضع صور تعرض فيه جسدها ويقوم زوجها وعائلتها بالتعليق عليها علناً متباهين بجمالها غاضين الطرف عن خلقها ؟!، قد نرى ذلك بأسماء مستعارة دون ان يصرحن بشخصياتهن الحقيقة وهن كثر لكن الاستعراض علناً وبموافقة الزوج والأهل فهذا لم نعتد عليه ولكن سنعتاد عليه مع التوجه الجديد في وسائل التواصل الاجتماعي حيث الجمال الخارجي أكثر أهمية من العقل والروح.
كل هذه المشاهد سنعتاد عليها فهذا ما فرضته وستفرضه علينا الحياة كما ندعي وفي الحقيقة ان الحياة ليس بيدها حيلة عندما تحركها عقول آمنت بان التطور يتطلب الإنفتاح الغير مسئول والحرية بسماء مفتوحة .

خولة بنت سلطان الحوسني
@sahaf03