قبل فترة ليست ببعيدة بث التلفزيون
العماني في نشرة الأخبار خبر مفادة أن التلفزيون والإذاعة يحتلان المرتبة الأولى
في اعتماد العمانيين عليها كمصدر موثوق به للأخبار ، وقد تم تناول الخبر كسبق صحفي ، مع
أني كمتلقي لم يضيف لي هذا الخبر أي جديد فمنذ أن تأسست هذه المؤسسات الإعلامية
الحكومية وهي تعتبر الناطق الأول بأسم الحكومة في الإعلام ، كون هذه الوسائل تستقي
أخبارها من وكالة الانباء العمانية التي تعتبر المصدر الرئيسي للاخبار بالسلطنة
فالدراسة التي قام بها المركز الوطني للمعلومات والإحصاء وما نتج عنها من إحصائيات
أكدت أن هذه المؤسسات الحكومية ما زالت ومنذ أكثر من أربعين عام تحتل المصدر
الرسمي للأخبار والمعلومات الرسمية وأن كانت بعض الصحف الورقية خاصة (غير حكومية)
إلا أنه يتم التعامل معها كإعلام رسمي لاعتمادها على الحكومة في نسبة ليست بقليلة
كمصدر دخل لها سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة .
هذه الإحصائيات تقودنا إلى بعض
الإستنتاجات المهمة أولها بأن ما يقارب الأربعين عام وما زلنا نعتمد على الإعلام
الرسمي في إستقاء المعلومة الصحيحة التي تمثل الحكومة وبإن ظهور أي وسيلة إعلامية
وبالأخص إلكترونية لن
يكون مصدر ثقة للعمانيين كون المصدر الحكومي يبث من خلال نوافذ إعلامية معينة ،
فليس بغريب أن تحتل هذه الوسائل النسبة الكبرى من ثقة العمانيين بها.
ثانياً الاحكتار المعلوماتي لبعض
الأخبار المهمة وبثها من خلال نوافذ بعينها وعدم ترك المجال للصحفي لاستقاء المعلومة
من المصدر (الأخبار الرسمية العليا) لا يشجع على التنافس بين الوسائل
الإعلامية الموجودة ومن بينها الإلكترونية لأن هذه الصحف لن يكون لها السبق في
الحصول على المعلومة الرسمية التي يبحث عنها المواطن بالدرجة الأولى فيما يخص بلده
، إذن الجو الإعلامي العام لا يشجع الشباب أو من لديهم رأس المال للخروج بمؤسسة
صحفية منافسة تخرج من قالب الإعلام المتعارف عليه ،وقد تكون هذه سبب من الأسباب
التي لم تشهد فيها الساحة الإعلامية خروج مجلة عمانية متميزة تنافس المجلات
الخليجية والعربية وبالتالي بقاء الموجود في مياه راكده غير قادرة على منافسة
المؤسسات الإعلامية العربية وتحديداً الإعلام المرئي فشدت المشاهدين إليها .
ثالثاُ يتضح بأن هناك عدم الثقة في
وسائل الإعلام الجديد ، على الرغم من أن الوضع العالمي الإعلامي يفرض إستغلال
الإعلام الجديد وخلق الثقة به بما إنه هو الوسيلة التي يتجه إليها العالم ، وذلك
من خلال وضع التشريعات والضوابط التي تبث الثقة في هذه الوسائل إلى جانب رفع سقف
الحرية بحيث تكون حرية مسئولة وبالتالي فان هذا الفضاء الإلكتروني سوف يكون محطة
يتنافس بها مع الإعلام المحلي الحكومي وسيشجع بأن كل الأطراف تدخل في منافسة شريفة
من حيث المحتوى والسبق الصحفي وكذلك القالب الذي تظهر من خلال المعلومة للقاريء أو
المشاهد والتي أصبحت لا غنى عنها كون العين تعشق كل ما هو جميل وبالنظر للجمال
تدخل إلى روح الموضوع لتخرج بالمعلومة المفيدة والموثوقة .
رابعاً ومن زاوية أخرى قد يكون الملام
هنا هو الصحفي المواطن في وسائل الإعلام الجديد أو وسائل التواصل الإجتماعي ، فهو
من خلق عدم الثقة في هذه الوسائل وأن غابت القوانيين والتشريعات التي تضبط النشر
الإلكتروني ، هذا الصحفي أتخذ من الشائعات والمصادر الغير موثوقة مصدر لمعلوماتة وبالتالي
فأن من الطبيعي أن المعلومة هي مجرد (سالفة) يتم تناقلها وتحتمل الصدق أحياناً
والكذب أحياناً أخرى إذن هي غير موثوق بها ، كما أن عدم وجود الضوابط والتشريعات
أساء لبعض من وجدوا من هذا الوسائل المتنفس الذي يعبرون فيه عن رأيهم وبالتالي
عاقبتهم القوانين وهذا ما أنعكس سلباً على مستوى حرية التعبير ففي البيان الأخير
الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود جاءت السلطنة في المرتبة 127 من أصل 180 بلداً
على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة ، وهذا يدل أن هناك خلل ما لابد أن ننتبه
إليه ومعالجته ، وأن نلتفت للإعلام الجديد كوسيلة أساسية في الإعلام وأن تبث فيها
الثقة لتصبح مصدر للمعلومة وليس مصدر لبث الشائعات.
أن المنافسة جزء مهم من عملية التطوير
، إلا انها تحتاج إلى عقول ومؤسسات قادرة على خوض المنافسة الشريفة بهدف التطوير
وتقديم الأفضل للمتلقي أو الزبون وأن توفر المعلومات بعدل حتى لا يكون ذلك على
حساب أي مؤسسة أخرى .