كثيراً ما يطرح هذا السؤال
لماذا لا يقرأ العرب؟ أعتقد أن هذا السؤال يحمل حكم عام غير عادل أو ينطبق على
شريحة معينة فإذا كان العرب لا يقرأون لماذا تزخر معارض الكتب سنوياً بالآلاف
المؤلفات الجديدة باللغة العربية أو غير العربية أو حتى المترجمة من لغات أخرى ، لماذا
تزدحم هذه المعارض بالملايين من الزوار والتي
تنتظر المعرض بكل لهفة ؟ لماذا تباع الكتب والمجلات على أرصفة الشوراع في بعض
المدن العربية؟ لماذا أزدهرت في الأونة الأخيرة التجارة الإلكترونية للكتب؟ لماذا
أزاد عدد الكتب التي يتم تنزيلها إلكترونياً بشكل يومي؟ لماذا يزداد عدد دور
الطباعة والنشر؟ لماذا ولماذا... كثيراً
هي الأسئلة التي تتوحد إجابتها لتكون لأنهم يحبون القراءة ، نعم أنهم يحبونها بل
لا يكاد يخلو بيت من كتاب أو مجلد قديم ، خليجياً وعلى سبيل المثال بلغ عدد الزوار
في معرض الشارقة للكتاب ومعرض الرياض السابق اكثر من مليوني زائر فيما سجل معرض
مسقط للكتاب في نسختة الماضية 700 ألف زائر وحظيت كتب الأطفال إقبالاً وإهتماماً
كبيراً من مبيعات المعرض السابق مما يعني أن هناك جيل قادم سيستمر في القراءة حسب
الطرق التي يحبذها، ونسبة كبيرة من المسلمين يقرأون القرآن بشكل يومي والمسيحين
يقرأون الإنجيل وهناك من يكتفي بقراءة الصحف والمجلات وكل حسب توجهه وإهتمامه، محلياً
هناك شح في المكتبات التجارية وأعتقد هذه ترتبط بأسباب إقتصادية إلا أن المكتبات
العامة بدأت تأخذ مكانها في بعض الولايات بمبادرات أهلية ناهيك عن المكتبات
الشخصية التي تختبيء في البيوت وتحول الكثير منها إلى مكتبات عامة خاصة بعد أن
يتوفى صاحبها وكذلك المبادرات الشبابية بتخصيص رفوف تزخرفها الكتب في اماكن
الإنتظار أو مقاهي شرب القهوة .
هناك من يربط نسبة الأمية في
الأمة العربية والتي تبلغ عشرين في المئة بمستوى القراءة ، شخصياً لا أعتقد أن هذه
النسبة يمكن أن تكون مقياس للقول بأن الأمة العربية لا تقرأ فهذه الأمية لها
ظروفها وبدأت تتلاشى تدريجياً لأن الفرد نفسه بدأ يعي بأنه لا يمكن البقاء على قيد
الحياة في هذا العالم المعلوماتي إذا لم يكن يجيد القراءة والكتابة فأبسط وسائل
التواصل وهو الهاتف من شروطه القراءة والكتابه حتى يمكن إستخدامه ومن لا يستخدم
الهاتف اليوم؟! كل شيء أصبح مرتبط بالقراءة الحياة فرضت القضاء على الآمية تلقائياً
وفي كثير من الأحيان بشكل غير مخطط له.
إذن الإشكالية ليست في
القراءة بحد ذاتها ولكن ماذا نقرأ ومتى نقرأ هنا تكمن الإشكالية ، ليس كل كتاب
يحتوي على معلومات يمكن أن تفيد القاريء وتغذي عقله فهناك بعض الكتب التي لا تتعدى
مجموعة أوراق تم تجميعها معاً لتكوّن كتاب وأخرى ترجمت من لغات اخرى فغاب المضمون
في سوء الترجمة هناك كتب هدفها الوصول إلى نقطة ضبابية يصعب إختراقها أو مشاهدة ما
فيها بوضوح فيتوه القاريء في ذلك المشهد وكم من قاريء وقع في يده كتاب أنتهى منه
وهو غير متأكد من صدق إيمانه ومن صحة الطريق التي سلكها لأنه قرأ الكتاب وهو في سن
يسهل التأثير على عقله أو أن عقله لم ينضج بعد ليقرأ ذلك الكتاب فأستسلم لكل شاردة
وواردة في الكتاب وكأنه كتاب سماوي صدق ما جاء فيه وكم من قاريء أنتهى من قراءة
كتاب وهو بين صفوف جماعات إرهابية لأن تلك النوعية من الكتب خيلت له أن الدفاع عن
الإسلام يكون بالجهاد والموت في سبيله وهي الطرق المضمونة للجنة وهناك كتب لا
يتعدى هدفها ليكون تسويق للكاتب ، فالكتاب بشكل عام لا يخلو من قناعات الكاتب
وبالتالي ليس كل معتقدات أو قناعات الكاتب صحيحة فيأخذ ما يستفاد منها ويترك الآخر
من الإطلاع والمعرفة.
دائماً ما تتهم الأمة العربية
نفسها بالقصور ولعب دور الضحية وقد يكون ذلك في بعض جوانب الحياة وليس جميعها فعلى
صعيد القراءة هناك تحرك مجتمعي وحكومي فأعتقد ان مبادرة حكومة الإمارات بتخصيص هذا
العام للقراءة ستكون تجربة جيدة ممكن أن يستفاد منها خليجياً وعربياً أما محلياً
فمكتبة السندباد المتنقلة للأطفال والتابعة لمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر والتي
أنطلقت منذ العام 2009م وما زالت ومكتبة الأطفال العامة التي من المؤمل أن تفتح
قريباً هي خطوات تبشر بأن هناك جيل سيتربى على حب القراءة وسيلغي التشاؤوم العربي
محولاً جملة امة تقرأ لا تقرأ إلى أمة أقرأ تعشق القراءة.
المقال أعلاه قبل النشر
في الرابط المقال المنشور
رابط موقع خليج24 حيث نشر المقال