الجمعة، 3 يوليو 2015

عندما يكون البقاء للأسوأ



هل هي فعلاً حمى كما يطلق عليها البعض أم هي نوعاً من الغرور والتكبر أم أنها تنزوي تحت طائلة الأمراض النفسية المتنوعة الحديثة العهد، أو قد يكون في ذلك ما يقع ضمن نطاق أنواع الشخصية التي تترعرع مع الشخص ضمن نطاق البيئة التي يخرج منها .. كل هذا وذاك مجرد احتمالات قد تصيب وقد تخيب ، لكنها تبقى ضمن قائمة ما يسببه حب المناصب والمسميات التي تعلو أو تزيد على كلمة موظف عادي في العمل أو عضو في جمعية أو لجنة ما.
على صعيد العمل ما أن تتعدَ السنوات التي قضاها فلان في عمله عن ثلاث سنوات حتى تجده يبحث عن مكان آخر ما لم يحصل على رئيس قسم أو مدير .. وذلك من باب الوصول للمسمى أكثر من الرغبة في الإحساس بالمسئولية فيكلف ذلك قضاء وقته في مجاملة فلان والنفاق على علان ، فيصبح وسيلة لنقل القيل والقال متنقلاً بين الموظفين تحت عباءة التواصل الاجتماعي مع الزملاء والحرص على المصالح وتقديم الخدمات وأن لم يجدها ووضع المقترحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، لينهي يومه بعد كل تلك المشاوير في مكتب المسئول ليفرش له أخبار ذلك اليوم مع تغطية حصرية عن القيل والقال مع غسل للدماغ حتى يتعب ملك اليسار من التدوين في دفتر السيئات.
كل ذلك على أمل أن يحصل في وقتاً قياسيا مسمى يليـق بتعبه ذاك ... وإن لم يكن له ذلك فينقلب على جهة عمله ومسئوله ويبدأ بالتمرد والحديث أمام لآخرين بما لا يليق.
وإما أن حالفه الحظ وأصبح مسئولاً عن موظفين، فيبدأ رحلته معلناً شعار (البقاء للأسوأ) فيقرب من يتستر عليه ويسير على خطه ومن يمشي على خطاه ، وأما من يسلك طريق النصح والرغبة في الإصلاح فذلك هو الموظف الفاشل الذي لا يستحق البقاء ويجب تهميشه . فتكون خطة عمله مدروسه خلال الأسبوع فيقضيها بعدد من الاعتذارات والانسحابات فيبدأ دوامه مبكراً وبعد أن يتأكد بأن المسئول قد شاهده وقام بجولة بين الموظفين ليلاحظ الجميع وجوده بعدها ينسحب تدريجياً بحجة أن لديه اجتماعات خارجية مجهولة المكان والهدف وتلك هي ساعة نهاية الدوام، وإن لم يسعف نفسه بالنهوض مبكراً فلا داعي للاعتذار لأنه قضى يومه سهرانَ على جهاز الحاسب الآلي في إنجاز العمل فهو إما المسئول المضحي بوقت راحته من أجل العمل، أو إن لم يكن مزاجه على الدوام فليس هناك داعٍ للقلق فبإجراء مكالمة هاتفية وهو مستيقظ صباحاً وصوته يوحي بأنه مريض فهو في الجهة الآمنة والشهادة المرضية أسهل خدمة يمكن أن يقدمها الطبيب لزبائنه وبالأخص من المؤسسات الصحية الخاصة ، وأما إن اقتضت الظروف بقاءه لدوام يوم كامل فيكون ذلك لإنهاء عمله الخاص .
وأما على صعيد اللجان فهو لا يرضى بأقل من الرئيس أو نائبة وإلا فيكون عضواً غير فاعل يحضر ما يشاء من الاجتماعات وكل ذلك من باب المسمى وأحياناً الحصول على مكافأة أو آجر أعلى ممن لديه في اللجنة ، وإلا فهو يعلن انسحابه دون أسباب تذكر وخاصة ما إذا كان لديه درجة علمية أعلى من الآخرين.
أمراض مزمنة من الصعب علاجها لأنها تكبر مع الشخص المتسلق وهي معديه وما إذا تفشت فهي كارثة ولا لتفاديها يجب التيقن لها مبكراً ، قبل الغرق في بحر أوهام وسلوكيات هكذا أشخاص.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق