الجمعة، 6 سبتمبر 2019

فراغات بيضاء برسائل ماجستير... مقال


كتبت هذا المقال قبل سبع سنوات ونشرته في جريدة الوطن في 4 سبتمبر 2012م ، ذكرني به الفيس بوك وحرك بداخلي حنين العودة للكتابة ... 

فراغات بيضاء برسائل ماجستير

الساعة تقترب إلى  الرابعة عصراً وقبل قليل قد عدت من الخارج ، لكم أن تتخيلوا شدة الحرارة المنبعثة من الشمس والمرتدة من الأرض ، فالأفكار التي تجمعت في رأسي لكتابة هذا المقال قد تبخر بعضها فأصبحت سراباً تُرى كالماء الوهمي ، وبما أني كتبته في نهار رمضان فقد تداخل ما تبقى منها مع الأطباق التي أفكر في إعدادها لوجبة الإفطار الرمضاني ، ولكني أسرعت بسرد الوجبات على العاملة حتى أتخلص منها متوجهة بعدها إلى جو المكيف البارد حتى أجمد الأفكار المتبقية حتى لا تطير هي أيضاً تمهيداً لاذابتها في جهاز الحاسب الآلي المحمول الذي ينتقدني عليه الكثيرون فأنا ما زالت أنقله معي أينما أذهب ولم أستجيب بعد لتقنية الإي باد بسبب العلاقة التي تربطني مع هذا الجهاز الذي أضغط الآن على أزراره لتخرج لكم هذه الكلمات ، وقد زادت علاقتي به خلال هذا الشهر الفضيل بسبب تقليلي من متابعة التلفاز وبالأخص القناتين العُمانيتين وذلك لعدم توقعي للجديد ليس تشاؤماً بل لأن التغيير لم يمضي عليه الكثير والوقت ليس بكافي لأحداث النقلة النوعية التي ينتظرها المشاهد لذلك فضلت الابتعاد حتى لا أكسب إثماً إذا إنتقدت سلباً كما هي الكتابات التي امتلئت بها المجلات والمنتديات الإلكترونية أما الأجر بالنقد الإيجابي فسعيت إليه بتأديت أعمال دينية ودنيوية أخرى ، وبقت في قائمة المتابعة قناة أم بي سي لأتابع برنامج أجمل نظرة في حياتك لمشاري الخراز وأتمعن خواطر أحمد الشقيري في جزءها الثامن.
أما السبب الآخر  لعلاقتي بالكمبيوتر المحمول تنفيذاً لخطة الهروب من قراءة الجرائد المحلية على أن أكتفي بمتابعة الأخبار من مصادر أخرى إلكترونية وذلك حتى لا أتأثر بما قرأته عن الإعلام المرئي ويدفعني الفضول لرؤيته بعد أن أطلع على ما يكتب بدسامة كما هو الحال في كل رمضان حيث يزدهر الإنتاج التفزيوني بكافة أشكاله تقبل المشاهد أم لم يتقبل ذلك الإنتاج ، إلا ان روتين توزيع الجرائد في المكاتب كل صباح لم يسعفني لتنفيذ هذه الخطة التي أسعى إليها حيث ترتمي الجرائد المحلية على طاولتي فتضعف لديّ المقاومة المعرفية وما أن تمضي دقائق الدوام الأولى إلا وقد إنتهيت من مسح الجرائد بما فيها ملحق الإعلانات لأنطلق بعدها إلى جو العمل الذي لا ينتهي ، ولكن ولله الحمد له وحده قدرتي على الصمود في وجه الفضول الإنساني كانت ممتازة لمقاومة مشاهدة التلفاز .
إلا أن هذا التصفح الذي أقطعه خلال دقائق بسيطة جدير بأن يبث شيء من الملل المعرفي لأبدأ في الإنسحاب التدريجي وأكتفي بمصادر أخرى ، فعندما تُنشر أخبار المسابقات الرمضانية ونتائجها لتغطي مساحات كبيرة من الصفحات المحلية والثقافية وتُكمّل عليها إعلانات بتغطية المساحات المتبقية فما هو الفضول الذي يدفعني لمتابعة الجرائد بشكل يومي إذا كان طيلة الشهر الفضيل والصفحات لا تخلو من هذه المواد إلا من بعض الأخبار التي تسبقها في نشرها المنتديات الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي أو حتى برامج الهواتف الذكية ، قد يقول قائل إنها ذات أهمية بالنسبة للجهة صاحبة الحدث أو إنها تتناسب وطبيعة الأجواء الإجتماعية الرمضانية وتشجع عليها ، ولكن نحن في عصر السرعة والتنافس المعلوماتي وما زالت أخبارنا تقتصر على المسابقات الرمضانية اليومية.
إذا غضينا البصر عن شهر واحد في السنة مع أنه يعني من الزمن الكثير ، فماذا تضيف مناقشة رسائل الدكتوراة والماجستير للأخبار المحلية ، فالعُمانيين حصلوا على هذه الرسائل قبل السبعين ، وأول رسالة ماجستير في جامعة السلطان قابوس وهي أول جامعة في السلطنة كانت عام 1994م ، وما زالت أخبار المناقشات منذ تلك الأعوام لها نصيب في الصحف والخبر يتكرر منذ أكثر من عشرين عاماً ، مع أنها لم تعد ذات أهمية بالنسبة للقارئ كون شريحة كبيرة من الشعب حاصله على هذه الدرجات العلمية في ضوء توفر فرص التعليم العالي داخل وخارج السلطنة ، فما هي الإضافة التي يمكن أن يضيفها خبر مناقشة رسالة دكتوراة أو ماجستير ونحن في عام 2012  إلا فرحة صاحب الرسالة والتي بالإمكان الحصول عليها من خلال تهنئة إعلانية مثلاً أو ما شابهه إلا أن خبراً في جريدة مع صورة مجموعة من الأشخاص بالمعاطف الأكاديمية يتسمرون أمام الكاميرا لإلتقاط  صورة لهم فلا أعتقد أن مثل هذا الخبر يحمل الجديد إلا لصاحب الرسالة نفسه الذي يعرف الخبر بعد المناقشة وليس من داعي لمعرفتها عن طريق الصحيفة. وإذا كانت هناك من فائدة ترجى فيمكن نشر مضمون الرسالة أو البحث حتى تكون هناك إستفادة وقيمة حقيقة تضيف للقاريء  للقارئ وتعرفه على الجديد في مجال الدارسة.
إذا كانت الصحافة ما زالت تبحث عن المكمل للفراغات فالحرية ستأتي في مرحلة لاحقة بعد أن انتقاء ما سنشر لغرض النشر وليس لغرض سد الفراغات البيضاء .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق