تمر أمام عينيك العديد من
المشاهد اليومية تستفزك بعضها للكتابة منتقداً ويدفعك مشهد أو شخص للكتابة عنها
بالثناء والفخر وهذه سنة الحياة شد وإرتخاء ...
في المواقف القريبة من
السوق الشتوي في منطقة القرم أوقفت سيارتي في إنتظار الأكل الذي طلبته من أحدى
مطاعم الوجبات السريعة والتي تدار من قبل شباب عماني بإحترافيه تامة وبينما كنت
أراقب المارة والجالسين على الكراسي المنثورة أمام المقاهي والمطاعم المؤقتة ،
قاطع مراقبتي صوت مرتفع يصدر من سيارة رباعية الدفع وإذا بشاب يرمي بعلبة معجون
الطماطم (الكاتشب) والساندويش في وجه النادل الآسيوي الذي أحضر له الطعام حتى
سيارته ويبدوا أن خطب ما في الطلب فلم يملك الشاب العماني ذات السياره الفارهه إلا
ذلك التصرف الوضيع ليعبر عن استياءه لذلك الفقير الذي قطع آلاف الأميال وترك أسرته
وبلده لسنوات من أجل مبلغ بسيط من المال قد يكفيه لتغطية تكاليف الحياة الأساسية ،
فما كان من النادل بعد أن مضى الشاب بسيارته إلا أن ينحني ليجمع ما خلفه ذلك الفعل
المشين من الأرض دون أي ردة فعل مكتفياً فقط بتصوير لوحة رقم السيارة التي ظلت
تحوم في المكان لفترة من الوقت كأنه يبحث عن فريسة أخرى لإصطيادها غير آبهه بفعلته
وكأن شيء لم يكن، بماله سيشتري ما يريد لكنه لن يحصل بذلك المال على الأخلاق التي
أفتقدها ، فكم كان صغيراً في نظر من يشاهدوه ، وتحية احترام وتقدير لذلك النادل
الذي يقاسي من أجل لقمة عيش ، لو كانت الحياة منصفه فمن المفترض أن يعاقب ذلك الشاب
بالتشهير به في الساحة التي أرتكب فيها ذلك الفعل حتى لا يعيد فعلته تلك ويكتسب
درساً في الأخلاق التي قد نساها أو تناساها.
***
تخرج من منزلها بكامل
زينتها والروائح العطره التي تنبعث منها تملء المكان دائمة الإنتقاد للآخرين الذين
لا يهتمون بأنفسهم وتنبعث منهم روائح غير مقبولة خاصة في فترة الصيف ولكن كما يقول
المثل العماني (الشيفه شيفه والمعاني ضعيفة) ، شاءت الأقدار بأن أزورها في منزلها فما
أن دخلت عتبت المنزل إلا برواح كريهه تنبعث من كل مكان وكأن المنزل مرت عليه عاصفة
رملية ولم يتم تنظيفه منذ شهور والملابس بعثرت كأن ليس لها خزائن والأطفال كان
الله في عونهم ،كانت بدورها تعتذر بين الحين والآخر على المناظر المقززة والروائح
الكريهة بحجة ظروفهم المالية والعذر لم يكن مقبولاً البته في نظري فإذا كانت من
ذوي الدخل المحدود فمن أين لها أن تصرف على مساحيق التجميل الباهظة الثمن وملابس وحقائب
الماركات العالمية والهواتف التي تتغير بين الأشهر ما أن ينزل طراز جديد ومن ثم
تقوم بتقديم الأكل في صحون فاخرة ، فالاولى الإهتمام بنظافة المنزل ومن يسكنون فيه
مع الإهتمام بالمظهر في حدود الإمكانيات .
هذه حالة تنطبق على
الكثيرين الذين يهتموا بالمظهر الخارجي ولكن أماكن سكنهم عبارة عن بيوت مسكونة
بشبح التلوث فما أردت قوله أن هناك من يهتمون بالشكل الخارجي على حساب أشياء أساسية
في الحياة يجب أن لا تهمل .
***
كانت تجلس في الطاولة
الأمامية حيث تستقبل المرضى الذين يفدون لتلقي العلاج إلا أنها كانت في حالة
مزاجية لا تسمح لها بأن تكون في مكان الإستقبال فكانت عنصر تنفير لمن يردون للمركز
، من الأولى أن تبلغ إدارة المركز بعدم توافق حالتها المزاجية بإستقبال المرضى ، حيث
أنها كانت سبباً في إنسحاب عدد من المرضى بسبب أسلوبها المستفز وفقدان المركز لعدد
من المرضى الدائمين ، وظيفة الإستقبال من الوظائف الحساسة ويجب أختيار من يشغل تلك
الوظيفة بكل العناية فهي بمثابة صاحب المنزل الذي يجب أن يستقبل ضيوفة بكل بشاشة
وترحيب ، إلا أن الكثير من المؤسسات تشترط الشكل كأولوية للوظيفة ، فإذا كان جمال
الروح مفقود فأن يلغي جمال الشكل.
رتبط المقال في جريدة الوطن :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق